كتب - عبدالرحمن صالح الدوسري: قضى سيد محمود سيد علوي، 41 عاماً في حقل التعليم، تنقل خلالها بين 10 مدارس، حتى تحول إلى نموذج للمربي الفاضل المحب للتعليم، عمل وزملاؤه من أبناء جيله على النهوض بالعلم والمعرفة.قال عنه أحد طلبته د.منصور سرحان «كانت مصادفة سعيدة، ورائعة أن ألتقي بمدير مدرستي عندما كنت طالباً، في المدرسة الابتدائية وتحديداً في العام 1957. عندها كنت في الصف الخامس الابتدائي. كان أستاذي محمود علوي شبر أستاذاً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، تأثرت به طالباً ومدرساً. ففي العام 1963 كنت في السنة الدراسية الأخيرة، في رابع علمي بمدرسة المنامة الثانوية وعندما تم اختياري لتدريس اللغة الإنجليزية، بمدرسة الوسطى التي حولت فيما بعد إلى مدرسة الإمام علي، كان هو مدير دفتها ووالد الطلاب في تلك المدرسة، ما زاد من سعادتي أن أتدرب على مهنة التدريس على يديه». في السطور الآتية، نترك القلم لسيد محمد، ليسرد ملامح من حياته التعليمية... بداية العلاقة بالتعليمكانت بداياتي في العام 1929 في فريج الحطب، كانت تلك الفترة قد عرفت بالكساد، واهتز فيها الاقتصاد العالمي، واضطرب سوق اللؤلؤ الصناعي، وشحت المواد الغذائية، رغم ذلك كان والدي قد عرف ببره، وكان على قدر كبير من المسؤولية وعمل جهده في تخطي الكساد، ووفر لعائلته كل ما تحتاجه من الغذاء والكساء. كان والدي «موسوي» ووالدتي من عائلة «بن ربيع»، وقد لقبت بعد ذلك نسبة لمهنة جدي «الصفارة» التي امتهنها، ويرجع نسبي إلى الإمام علي عليه السلام .رغم أن والدي كان أمياً، إلا أنه كان محاطاً بأصدقاء يجيدون القراءة والكتابة، ما دفعني لإلحاقي وإخواني وبالكتاتيب، وكان من نصيبي أن أتعلم على يد المعلمة «شرف « في بيت العريض. ثم أكملت طريقي مع المعلمة رحمة الصفار. لم أمكث طويلاً فأخذني ابن عمي سيد إبراهيم حسن شبر، وهو والد د.خليل ود.محمود شبر إلى المدرسة الجعفرية التي تحول اسمها بعد ذلك إلى مدرسة الهداية الخليفية بالمنامة، وأخيراً مدرسة أبوبكر الصديق.كنت قبل ذلك قد مررت أنا وإخوتي بمدرسة عبدالرسول سلمان التاجر، كانت الدراسة عبارة عن تحضيري، وتمهيدي، و6 فصول ابتدائي، أي أن المرحلة تتكون من 4 فصول، وكان مدير المدرسة الجعفرية سالم جواد العريض، درست حتى الصف الرابع ابتدائي بعدها تحولت إلى المدرسة القريبة من دار المعارف المدرسة الشرقية.أتذكر عندما كنت طالباً في المدرسة الجعفرية، أنني كنت ضمن المنهج في المرحلة الابتدائية في الثلاثينيات، أدرس القراءة المصورة اللبنانية، وكان هذا الكتاب زاخراً بمواد عدة منها الأشعار والتمثيليات وقصص عالمية ومواضيع تتحدث عن البيئة وقصائد شعرية للعديد من أبرز الشعراء العرب وقصص بلسان الحيوانات مثل كتاب «كليلة ودمنة»، وأتذكر من زملاء الدراسة في تلك الفترة حسين جعفر منديل، عبدالكريم محمد العريض، الأخوين عيسى ومحمد صالح عبدالرزاق القحطاني وآخرين لم تتسع ذاكرتي لذكرهم .أما المدرسون في المدرسة الغربية، فكانوا سلمان زلوف «تربية بدنية»، أحمد جاسم محمود «مواد اجتماعية»، عارف محمود حسين «اللغة العربية» وهو فلسطيني من رام الله، وعندما أكملت دراستي في المرحلة الابتدائية بالمدرسة الشرقية، كان مديرها عارف محمود حسين، وكانت المدرسة فتحت العام 1943، ومن ضمن أساتذتها حسن جواد الجشي، عبسى الجودر، محمد الشربيني، وكان سليمان عزت يدرسنا «تربية فنية»، وفي العام 1945، أنهيت المرحلة الابتدائية وانتقلت إلى المرحلة الثانوية.«الثانوية» في الطابق الثاني بعد المرحلة الابتدائية انتقلت إلى الثانوية. كانت الدراسة على فترتين صباحية ومسائية. وكان مديرها حسين القباحي وهو نفسه رئيس البعثة المصرية، وكان مساعداً له عبدالهادي عسل، وكان من مدرسي البعثة، عبدالمنعم شلبي، وبريتو هنود، على صلاح الدين. وأتذكر في العام 1943 عندما حضرت البعثة المصرية إلى البحرين، كان ذلك في عهد الملك فاروق وكانت مبتعثة على حساب الحكومة المصرية، لكن رغم ذلك كانت حكومة البحرين تكافئهم على حسن عملهم، وكانوا من خريجي كلية العلوم. خلال دراستي بالفصل الثالث ثانوي التحقت بقسم المعلمين، وكنا ندرس المرحلة الثانوية صباحاً وبعد الدوام نواصل الدراسة نظرياً في قسم المعلمين، وبعد 4 سنوات من الدراسة، اجتزنا الاختبارين للمعلمين والثانوية العامة في آن واحد، العام 1949، وحصلنا على شهادة دبلوم المعلمين والثانوية العامة وسلمها لنا الشيخ عبدالله بن عيسى آل خليفة وزير المعارف آنذاك في المدرسة الغربية «أبوبكر الصديق» حالياً. تلميذ وموظف بالبنك الشرقيبعد أن تخرجت من المرحلة الابتدائية 1945، توجهت للبنك الشرقي في موقعه الحالي والذي جدد بناؤه ثلاث مرات. وقد قدمت امتحان قبول أنا وابن خالي د.سلمان محمد الصفار ود.على محمد الحميدان. وبعد قبولي عملت طوال الفترة الصيفية بمرتب أفادني في مصروفاتي في المرحلة الثانوية وضروريات الحياة، وفي السنة التي تلتها عملت في العطلة في شركة بابكو في عيادة المصفاة.في العام 1949، عينت مدرساً في مدرسة الرفاع الشرقي وقد دونت رسائل طلب قطعة أرض لي ولأخي باقر وزميلي مصطفى جعفر، وقد حصلنا على الموافقة من قبل سير شارلس بكلريف، وكان سعر القدم الواحد 150 فلساً، وفي العام 1960، سكنت أنا وزوجتي البيت نفسه، بعد أن كنت قد أجرته لكي أسدد تكاليف البناء التي أرهقت ميزانيتي.في حديقة «الباقشه»من أحاديث الصبا والطفولة، أتذكر حديقة «الباقشه» وهي متنزهي العام 1932، يحدها من الغرب مسجد الباقشه وبيت سيد سعيد سيد خلف، ومن الشرق مكتب حسن جواد، ومن الشمال شارع الشيخ عبدالله، وفي الجنوب مأتم البدع والمدرسة الإيرانية. كانت منطقة خضراء وسط المنامة يؤمها الناس خصوصاً الأطفال، فالباقشه تعد أول منتزه ليس في البحرين فقط لكنها في الخليج. ويقال إن المسؤولين في البحرين خططوا لتكون تلك الحديقة على غرار حديقة «الراني» في الهند، ولو أن مساحتها كانت أصغر، أما عن الحيوانات الموجودة فيها فقد كان هناك «دب» تبرع به المعتمد البريطاني، وثعالب وذئاب وضبع وسناجب ونسور وحيوان المها وبعض القرود، أما عن الأشجار فهناك النخيل، اللوز البحريني، الكنار. كانت الحديقة تفتح في الساعة الثالثة والنصف وتغلق بعد أذان المغرب مباشرة. وكل اثنين وخميس تأتي الجوقة الموسيقية لتقدم للزوار مقطوعات وأغاني منوعة. وفي أوائل الأربعينيات حرمنا هذا المنتزه بعد أن تم تحويله إلى ثانوية للبنات، ومنزلاً لمديرة مدارس البنات فائقة طبارة، وحل مكانها الآن محطة تقوية للكهرباء. وكم تمنيت أن يتم المحافظة على هذه الحديقة نظراً لمكانتها التاريخية في المملكة. في «المعارف» كنت مدرساً بالمعارف، وكانت مناسبة جميلة لكي أتعرف على العديد من مدارس البحرين، فبعد أن أنهيت دراستي وحصلت على الشهادة الثانوية العامة ودبلوم التدريس، عينت مدرساً بمدرسة الرفاع الشرقي العام 1949. وأمضيت فيها عامين قبل أن انتقل إلى مدرسة «أبوبكر الصديق» وأعمل فيها لمدة 5 سنوات. وبعد أن عملت مدرساً لمدة 7 سنوات، عينت مديراً لمدرسة النعيم التحضيرية 1956، أما في مدرسة الرفاع فعينت مدرساً، وكان مديرها فالح العبدالله من العراق قمت بالتدريس في تلك المدرسة لكل المواد تقريباً، وكانت حصصي تزيد على 35 حصة، ولحرص المدير على رفع مستوى الطلاب كلفني بالبقاء في المدرسة بعد الدوام، وكنت بالإضافة إلى المواد أدرب الطلاب على الألعاب والقوى البدنية. أتذكر في أحد الأيام شعرت بالجوع فتوجهت للمقهى القريب من المدرسة وكان الوحيد في ميدان السيارات فطلبت وجبة غداء من صاحب المطعم، وكان رده أن «الأكل خلص»، توجهت للمخبز وكان مغلقاً ولا يفتح إلا في الصباح فقط، وعندما قررت العودة إلى المنامة لم أحصل على سياره تقلني إلا بعد فترة طويلة من الانتظار، فما كان مني إلا أن أخبرت المدير في اليوم التالي بعدم استطاعتي مواصلة التدريس بعد الدوام، وكان من زملائي المدرسين في تلك الفترة عيسى القحطاني، الأديب والشاعر ناصر الفاضل وملا سالم، ومحمد مجون مجرن.لكن ما أسعدني خلال فترة عملي بمدرسة الرفاع أنني كنت أدرس مادة المشاهدة وكنت أخرج الطلبة لمشاهدة المطر ينهمر بغزارة في الحنينية وسط الأشجار الكثيفة والزهور الجميلة، وبما أن الرفاع هضبة، فإن المطر كان ينحدر على الجانبين الشرقي إلى البحير، وكان عندما يمتلئ يجري عبر الشارع إلى قرية سند فالمزارع بعدها يتحول إلى البحر، أما الذي ينحدر غرباً فإنه يتحول إلى مستنقع كبير يظل إلى فترة طويلة قبل أن يجف. بعدها تتشقق طبقات الطين لتخرج منها أنواع جميلة من الزهور لتمتلئ المنطقة بحديقة من الزهور الملونة، بعدها تصبح الحنينية غابة جميلة من الزهور وأنواع كثيرة من الطيور والفراشات، يؤمها الجميع للاستمتاع بأجوائها ومناظرها الجميلة ومائها العذب. ذكريات حاضرة يعود الفضل لتكوين أول فرقة كشفية بالبحرين إلى المدرسة الجعفرية، حيث بدأت أول طلائعها من أبناء العائلات المعروفة في المنامة سيراً على الأقدام كل أسبوع، كانوا من خلالها يطوفون شوارع منطقتهم لابسين بزاتهم، حاملين الآلات النحاسية الموسيقية التي يشاهدها الناس في البحرين لأول مرة، وهذه المدرسة تم تحويلها إلى دار المعارف بقرار من مستشار حكومة البحرين تشارلز بلجريف الذي عين ناظراً للمعارف، وبذلك ألحق المدرسة بالإدارة الحكومية.أتذكر أنني عندما كنت مديراً لمدرسة النعيم التحضيرية العام 1956، زارني يوسف الشيراوي وكان في تلك الفترة يعمل مساعداً لمدير المعارف أحمد العمران، وكان ينصحني بعدم ممارسة العقاب البدني على الطلبة في المدرسة فطمئنته بأنني لا أقوم بممارسة تلك الأعمال من العقاب. وفي العام 1957 تم نقلي مديراً لمدرسة المعامير الابتدائية للبنين، وأمضيت فيها عامين، وكان سكرتير المدرسة حسين شرفي الذي كان يدرس بالإضافه لعمله، الرياضة البدنية والدين، وكنت في الوقت نفسه مشرفاً على مدرسة سند، وكنت أقوم بتدريس 12 حصة يومياً لغة إنجليزية لفصول السادس ابتدائي والرسم. وفي العام 1959، تم نقلي إلى مدرسة الإمام علي حالياً «أسواق آخر فرصة» حالياً وكانت تسمى «الملجأ» وكانت المدرسة الوحيدة بالمنطقة، وكنا نسجل فيها سنوياً ما يقارب 200 من الطلبة المستجدين. وعملت في هذه المدرسة ربع خدمتي من العام 1959 - 1969. ومن الأشياء الطريفة أن الأدراج الدراسية التي كنا نتسلمها مع بداية العام الدراسي كانت تنتهي في يومها الأول لأنها من خشب «خاش باش» فما إن يجلس عليها الطالب حتى يجد نفسه في الأرض كانت تلك في فترة الستينيات.من مدرسة جدحفص من المفارقات في عملي بالتربية أنني عينت مديراً لمدرسة جدحفص مرتين ففي العام 1969، نقلت إليها للمرة الأولى بعد وفاة زميلي إبراهيم عبدالرسول بن رجب فلما سألت الوزارة هل هو عقاب لي؟ أجابوني أنت لها. وجدحفص الإعدادية تعد الأضخم من حيث عدد الطلاب والمساحة في المبنى، فقد كان عدد طلابها يفوق الألف والأربعمائة طالب، أما الهيئة التعليمية فتفوق المئة مدرس وإداري.أما العام 1974 - 1975، فنقلت لمدرسة الخميس الإعدادية ومكثت في إدارتها إلى العام 1977، وكانت الهيئة التعليمية التي عملت معها من خيرة المدرسين والمخلصين، وأقمنا في المدرسة في تلك الفترة معرضاً شاملاً لكافة الأنشطة، افتتحه وزير التربية والتعليم السابق الشيخ عبدالعزيز بن محمد آل خليفة، وكان من أكبر المتحمسين والمشجعين للأنشطة من أجل إدخال البهجة لقلوب الطلاب وصقل مهاراتهم. وكانت المدرسة تعد في تلك الفترة من المدارس المميزة في المشاركة بمهرجان العيد الوطني. وكان من ضمن الأساتذة البارزين في هذا المهرجان عبدالرسول أشكناني، جعفر عبدالنبي بن رضي، علي الصيرفي. وكان على عباس حفاظ هو من يقوم بتدريب الطلبة بالتعاون مع سيد سلمان عبدالرحمن، وقد أعجب الشيخ عبدالعزيز بإنتاج مسلم حبيب الصفار. كانت المدرسة قد شيدت في القرن العشرين، كمدرسة أهلية تحت مسمى «المدرسة المباركية العلوية». وتحولت إلى مدرسة حكومية العام 1926 تحت المسمى الجديد مدرسة «الخميس» وهي من المدارس النظامية الأولى في البحرين، يحدها من الشمال مسجد الخميس التاريخي، الذي بني في عهد شخص يدعى «المبارك الأعظم» العام 84 هجرية، وقد جدد بناؤه في عهد الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز، وسميت المدرسة والمسجد باسم «الخميس» نسبة لسوق الخميس الذي كان يقام في كل خميس في المنطقة نفسها، وكانت السوق مجالاً لبيع أنواع الطيور، ومنتجات المزارعين، وكانت السوق محاطة بالينابيع ذات المياه العذبة .إلى بلاد القديم بعد مدرسة الخميس، تم نقلي إلى مدرسة البلاد القديم، كان ذلك في الموسم الدراسي 1977- 1978 . كانت المدرسة تعد حديثة البناء والأثاث والمختبرات والورش، مكثت فيها حتى العام 1982، حتى تم نقلي إلى مدرسة جدحفص للمرة الثانية، وكان هناك 3 صفوف؛ الخامس ابتدائي والسادس ابتدائي والأول إعدادي. وقد عملت لمدة 5 سنوات في المدرسة، وفي العام 1985 نقلت للعمل بمدرسة القضيبية بعد مكالمة جاءتني من زميلي أحمد الشوملي، وقد سررت لنقلي لتلك المدرسة وأبديت موافقتي دون تردد، لأنها المدرسة التي تمثل آخر مطاف في مشواري التعليمي، رغم أن مدرسة جدحفص تعد من أكبر المدارس التي عملت بها. حفل وداع للعمل التربوي في 22 يونيو 1990، أقامت الهيئة التعليمية بمدرسة القضيبية الإعدادية، حفل وداع تكريماً لي بمناسبة نهاية خدمتي في الوزارة ومسيرتي التعليمية الطويلة، وفي الكلمة القصيرة التي ارتجلتها بهذه المناسبة، قلت أتمنى أن تكون كلمة السعادة، خير ما يعبر عما أكنه لأخواني المدرسين وأبنائي الطلبة. تلك السعادة التي رافقتني طيلة إحدى وأربعين سنة قضيتها في حقل التعليم تنقلت خلالها بين 10 مدارس، بل إنني أعتبرها عشر أسر تعليمية، كان شعارها الإخلاص في العمل والتفاني في سبيل إخراج جيل واع من أبنائه قادرين على تحمل المسؤولية، 41 سنه التقيت خلالها العديد من المسؤولين بالوزارة. كانوا إخوة ساعدوني في مسيرتي التعليمية للعمل جميعاً من أجل رفعة وطننا الغالي البحرين، وليبقى هذا الوطن يحمل الريادة في مجال التعليم إلى يومنا هذا.مع أهم الرجالات عندما عينت مدرساً بمدرسة الرفاع الشرقي بعد تخرجي العام 1949، كان صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، تلميذاً، وكان يقوم بتدريسه مدير المدرسة في بناء مختصر هو وأخيه الشيخ محمد بن سلمان آل خليفة - طيب الله ثراه - والشيخ إبراهيم بن حمد آل خليفة، والشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة، وخلال توجهنا لتوصيل الهيئة التعليمية لكلا المدرستين، توطدت العلاقة بيني وبين صاحب السمو الملكي الأمير خليفة، لـ 62 عاماً. وأتذكر أن سموه كان قد أهداني في إحدى المرات «بوتليقه» وهو حذاء للرياضة ومميز في تلك الفترة، لكنه لم يمكث عندي طويلاً لأن زميلي محمد كمال ومن أول يوم بدأ يلح علي وبشده لأسلمه إياه، ولم يكن لي حيلة إلا أن رضخت لطلبه اللحوح وأنا غير راض عن ذلك لأنها هدية كانت غالية علي. وأتذكر أنه في العام 1951، وفي عصر يوم الخميس دعانا لرحلة إلى رأس البر «الجنوب» الشيخ أحمد آل خليفة والد وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، ومكثنا عنده لفترة طويلة، وكان في استقبالنا والد الشيخ أحمد وعمه. بعدها توجهنا للارتحال مروراً بالصخير، والعمر، وأرميثة والمطلهة وبتنا هناك، وفي الصباح توجهنا إلى الفضاء. وأول ما شاهدناه تلة مرتفعة، عرفنا من والد الشيخ إبراهيم آل خليفة، أنها قلعة «فرير بن رحال « التي راكمها الزمن، بعدها توجهنا إلى دوحة الأضبية وبالفعل وجدنا أضبية كباراً وصغاراً. ولن أنسى يوم أن زارنا المغفور له الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة عندما كان حاكماً للبحرين، وكنا طلاباً بمدرسة الهداية الخليفية بالفصل الابتدائي الرابع، ودخل علينا في حصة العلوم، وكان مدرسنا صلاح الدين فارس. وكانت هذه الزيارة ضمن زيارات عظمته المتكررة لطلبة المدارس، تشجيعاً من أكبر مسؤول في البلاد للعلم والمعرفة ودفع التعليم والطلبة إلى الاهتمام بالدراسة.