كتب ـ محرر الشؤون المحلية:
لم تبتدع وزارة الثقافة بدعة سيئة عندما اتخذت التدرج في منع واغلاق المناهل “البارات” والفرقة الغنائية، التي تجلب الرزائل، وتقرب إلى الدعارة، وتوقع في جناية الإتجار بالبشر. فتلك سنن الله في التحريم والمنع.
تمرحلت “الثقافة” بسلاسة لتنفيذ رؤاها الإستراتيجية الشاملة لتطوير القطاع وترقيته وفقا لاهداف سامية بجعل البحرين قبلة السياحة العائلية النظيفة، ووجهة السياحة البينية الخليجية والعربية، والعالمية على المدى القريب.
واتخذ أول قرر في هذا الصدد عام 2005 وتمثل في تصنيف الفنادق والشقق المفروشة. ثم جاءت الاسترايتجية الجديدة لوزارة، من خلال قرار منع بيع وتقديم الخمور في فنادق النجمة والنجمتين (القرار رقم 21 لسنة 2009)، ومن ثم القرار (رقم 5 الصادر في يوليو 2014 ) بذات المنع لفنادق الـ 3 نجوم، ومن ثم القرار الأخير القاضي بوقف استقدام الفنانين والفنانات والفرق الفنية ووقف العمل برخص مرافق الديسكو “المراقص” في فنادق الـ 4 نجوم.
قرارات جميعها جاءت مستنة بـ “التدرج” في المنع، وتحريم الممارسات التي تحفظ للملكة سمعتها الإسلامية، وللسياحة مكانتها وللاقتصاد الوطني توازنه، وللمجتمع مكانته، ولأصحاب الفنادق اللحاق بركب التطور وتغيير النمط القديم المبني على ممارسات ورزائل لا تمت للبحرينيين بصلة، فضلا عن غلق أبواب التحايل على القانون باغراق سوق العمل بالعمالة السائبة.
وشجع النجاح الكبير لقرار رمضان الشهير بمنع الخمور وتشغيل المراقص في (35 فندقا) تمثل فنادق الـ 3 نجوم على خطوات اضافية، حيث أن القرار زاد نسبة إشغال الغرف الفندقية في عيد رمضان الماضي إلى 100 % ، فضلا عن توافد العائلات الخليجية على البحرين بمعدلات فاقت المتوقع والمخطط له من قبل الجهات المعنية في وزارة الثقافة. فيما لم تكن المخاوف التي حاول اصحاب الفنادق إثارتها إلا “هراء” لا اساس لها.
ووجد القرار ارتياحا كبيرا وصل صداه الي العاصمة السعودية، حيث قال نائب رئيس لجنة السياحة الوطنية بمجلس الغرف السعودية ورئيس لجنة السياحي عبدالرحمن الصانع لصحيفة “الرياض”، إن “قرار منع الخمور والفرق الغنائية في فنادق الـ 3 نجوم أدى لتزايد تدفق العائلات السعودية بشكل لافت عبر جسر الملك فهد الذي لم يعد يستوعب الاعداد الكبيرة التي وصل معدلها اليومي اكثر من 55 الف عابر”. ومن شأن القرار الحالي الذي ينظف ويرقي عمل حوالي 40 فندقا من فئة الـ 4 نجوم أن يعزز تجربة القرار السابق الناجحة، إذ أن تقليص العدد وحصره في (13 فندقا) فقط هي مجمل عدد الفنادق فئة الـ 5 نجوم، يعد أكبر خطوة في هذا الاتجاه الإيجابي الذي تقوم بها إدارة السياحة في وزارة الثقافة بقيادة الوكيل المساعد للسياحة الشيخ خالد بن حمود. ويتوقع على مستوى اقتصادي ان تسجل قوائم النجاحات التي اعقبت القرار السابق تزايد وتصاعد ايجابي، و ان يحظى القطاع الفندقي بشكل ترقية لم يسبقه مثيل في تاريخ البحرين، إذ أن ارتفاع عدد الفنادق فئة الخمس نجوم اصبح “فرض تطور” بحكم القانون من خلال توجه الاستثمارات ورؤوس الأموال لتصحيح أوضاعها وترقيتها، وتبعا لذلك سترتفع القيمة المضافة لقطاع الفنادق، ويزيد نسبة دخلها الإجمالي بشكل خاص، وبشكل عام ستزيد نسبة دخل السياحة في الناتج الإجمالي المحلي.
وينتظر ان تحظى الخطوة الكبيرة لإدارة السياحة بوزارة الثقافة بفرح وارتياح كبيرين من جميع فئات المجتمع البحريني بمختلف الوان طيفه، باعتبارها قفزة للأمام فتحت الباب على مصراعيه لتنفيذ الرؤى السياحية المتمثلة في سبر اغوار السياحة البينية والعالمية، سيما أن البحرين تزخر بعدد من المعالم الأثرية، وتحظى بمكون ثقافي كبير من شأنه استقطاب سياحة نوعية يتم من خلالها انتقاء السائح العربي والأجنبي بعيدا عن التخبط الذي كان دائرا قبل القرارات التصحيحية الأخيرة.
ولعل موافقة مجلس الوزراء على زيادة قيمة القرض الذي قدمه البنك الإسلامي للتنمية للشروع في تنفيذ طريق اللؤلؤ وترميم واعادة تأهيل 15 مبني تاريخيا مدرجة في قائمة التراث الإنساني العالمي لمنظمة اليونسكو، وإعادة تأهيل 12 مبنى آخر لها قيمة تاريخية وإنشاء 19 ساحة عامة مفتوحة و4 مواقف لسيارات الزوار وسكان المنطقة، وتحسين واجهات 750 منزلا تقريباً، وإنشاء مركز للزوار وجسر للمشاة، ستكون بمثابة أكبر للتوج إلى سياحة راقية ونظيفة. ووفقا لما ذكرته مؤخرا وزيرة الثقافة من أن “إدراج أي مشروع في قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لليونسكو يؤدي إلى زيادة السياحة بما يعادل نحو 25% تقريبا”. فان السياحة موعودة بتطور حقيقي بعيدا عن ذهاب العقول أو تمايل الاجساد أو تكوين شبكات الاتجار بالبشر.