طلب منا بعض إخواننا في مملكة البحرين لحسن ظنهم بنا، أن نكتب رسالة حول واجبهم وتكليفهم في الانتخابات النيابية المقبلة في مملكة البحرين, والضوابط والموازين التي يجب الاعتماد عليها في اختيار المرشح, فاستجبنا لهم مع شغل البال وضيق المجال.
نقول: لاشك ولا ريب أن النظام الذي يعتمد على الديمقراطية في السلطة التشريعية كمملكة البحرين نجد أن المؤسسة البرلمانية المكان الوحيد والطبيعي الذي يمكن من خلاله حصراً الحصول على المطالب المشروعة وحسم وحل ومعالجة مختلف الأمور المعلقة أو المختلف عليها، ومن هنا أن المسؤولية تعني أن يتحمل الإنسان عملاً أو كلاماً أو تصرفاً ما، ويصبح مسؤولاً عنه أمام الآخرين، والمسؤولية لها مصاديق متعددة ومتنوعة، لكن بالحقيقة مقصود كلامنا هو المسؤولية الوطنية والشرعية في الانتخابات النيابية.
أ. المسؤولية الوطنية:
وهي تقع على عاتق كل من يحق له التصويت، وتتوفر فيه شروط الانتخاب، فعلى المواطن الغيور على مصلحة وطنه البحرين، أن يعبر عن رأيه في عملية الانتخاب وهي ليست لازمة، بل ضرورية له وواجب ملقى على عاتقه ومطلوب منه، أما لماذا؟
لأن الانتخابات والمشاركة فيها تعني أن لك وجوداً وصوتاً واسماً ومرشحاً، ومن يمثل ويكون مندوباً عنك.
والأمر الأهم هو من تنتخب؟ ما هي المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقه؟
لذا نقول لك:
إن مبدأ التغيير والإصلاح يبدأ حصراً عن طريق صندوق الانتخابات، والمرشح الذي سوف تختاره هو من سوف يكون له حق التشريع والتغيير والإصلاح والإفساد.
لهذا فالورقة المكتوب عليها اسم مرشحك هي مسؤوليتك. فعليك أن تختار الشخص المناسب للمكان المناسب و لنجعل مملكة البحرين وأمنها واستقرارها وازدهارها وتقدمها ورفعتها هو الأصل والميزان.
لننتخب الشخص الوطني وليس الطائفي ولنصوت لمن ولائه للبحرين وعزة وكرامة شعبها.
لنوصل إلى المجلس النيابي، من تاريخه وقوله وفعله يشهد له بمواطنيته وبإخلاصه وإيمانه بوحدة مملكة البحرين، وسيادتها وحريتها واستقلالها، والعيش المشترك فيها على أساس تقديم المواطنة على الطائفية, وحرية الفكر والتعبير والأديان.
ليكون مرشحك من يدافع عن أرض وأمن البحرين وشعبها وحدودها ويحافظ على كل ذرةٍ من ترابها.
صوتك لمن أعطاك المواطنة والعزة والكرامة والحرية والسيادة والأريحية والأمن والأمان، وقدم الغالي والنفيس من أجل سيادة البحرين أن تعيش في البحرين آمناً مرتاحاً.
ليكن نائبك من يسعي لحفظ أمننا ولتعليمنا، وتخفيف ديوننا، وتسهيل ضرائبنا، وتنوير بلدنا، وتوصيل المياه إلى بيوتنا وتحسين معيشتنا، وتأمين مستقبل أولادنا.
أخي الناخب: إذا كنت تحب مملكة البحرين حقاً، لا تنتخب من كان له تاريخ عمالة وولاء وحب لغير البحرين وألا يكون من صاحب.
وانتبه من أصحاب الوجاهات والنفوذ الذين لا يهتمون سوى بمصالحهم الشخصية. وتستفيد منك كفرع وتمر عليك كجسر للوصول إلى غاياتها.
واعلم أن مملكة البحرين ومستقبلها أمانة بيدك، وصوتك الانتخابي هو المسؤولية الوطنية يتحتم عليك، بل يرجى منك ألا تفكر ولا تنجر ولا تغتر بأي شيء يبعدك عن المصلحة العامة للبحرين وشعبها. فصوتك مسؤوليتك، ومستقبلك بيدك، فأي مستقبلٍ تريد؟
ب. المسؤولية الشرعية:
فعندما نقول مسؤولية شرعية، يعني أن الشرع سوف يسألك عن المرشح الذي يسوف تصوت له في الانتخابات، وسوف تكون مسؤولاً أمام الله عن فعلك، وتتحمل مسؤوليته وتبعاته.
فالإسلام يقول في القرآن والسنة:
قال تعالى: (وقفوهم إنهم مسؤولون).
وعن رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
«كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته»
فمن خلال الآية الكريمة والحديث الشريف يتبين لنا أن هناك أموراً وأعمالاً ومواقف سوف نقف عندها، ونسأل عنها، ونحاسب على فعلها أمام الله التي سوف يكون السؤال عنها: من انتخبت؟ ما هي صفاته؟ هل هو أهلٌ لذلك؟ فعليك الإجابة، فإنك موقوف ومسؤول عن تصويتك ومشاركتك.
فالأمر ليس عائلياً فردياً مناطقياً حزبياً، بل الأمر مستقبلي تشريعي ومصيري، وسنة سوف تسن وأنت مسؤول عنها وتبعاتها لذا ورد في الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
(من سن سنةً حسنةً عمل بها من بعده، كان له أجره ومثل أجورهم، من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً. ومن سن سنةً سيئةً فعمل بها بعده، كان عليه وزره ومثل أوزارهم، من غير أن ينقص من أوزارهم شيئاً).
لذا علينا أن نفهم ونعي ونتحمل المسؤولية جيداً.
فإننا قد نكون طرفاً ومساعداً بتشريع بعض التشريعات، وسن بعض القوانين التي فيها الضرر والخطر والفساد والإفساد عليك وعلينا وعلى مجتمعنا ومستقبل أولادنا، وذلك من خلال انتخابنا لشخصٍ فاسد وغير وطني وببركة صوتنا نجح وفاز ودخل المجالس، وبعدها صوت لمصلحة قانون أو تشريع فيه الضرر والإفساد والخطر على البحرين، فينطبق علينا الحديث النبوي (من سن سنةً سيئةً) فنكون نحن من شارك وساهم في هذا القانون والتشريع. فنتحمل المسؤولية، والتبعات تلقى على عاتقنا، وهذا بسبب سوء اختيارنا.
وأما مع حسن الاختيار، فنكون قد أوصلنا الشخص المناسب لمكانه المناسب، وأي تشريع أو قانون أو سنة تكون حسنة فلنا أجر من عمل بها.
لذا نقول: إن مسؤوليتنا الشرعية يجب أن نتحملها، ونشارك بالانتخابات على أساس معيار براءة الذمة وعدم مساعدة الباطل والفاسد والظالم, وانتخاب الشخص الذي تتوفر فيه هذه الشروط وغير طائفي بل يكون قولاً وفعلاً البحرين أولاً وآخراً. أن يكون معروفاً بوطنيته وبنزاهته وحسن سيرته
.. أن يكون من الداعين، بل العاملين على الحشمة وبث ونشر الأخلاق الحميدة. والإنسانية أن يكون صاحب تاريخ وطني ومنصف، يهتم للشؤون التربوية والاجتماعية
أن يكون من العاملين لمصلحة البحرين العامة، ويحافظ على وحدته ويدافع عن أمنه.
هذه الشروط يمكن لنا أن نقول: إنها بالعنوان الأولي العام ينبغي أن تتوفر لكي ننتخب على ضوئها المرشح المفروض.
فيا أيها المؤمن: انتبه ولا تغفل، ولا تكن من خلال تصويتك مصداقاً للتعاون على الإثم والعدوان المنهي عنه في قوله تعالى: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان).
بل كن من خلال مشاركتك وتصويتك مصداقاً للتعاون على البر والتقوى، كما قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى).
وبذلك نكون قد أشرنا لك ووضحنا الضابطة والميزان الذي ينبغي لك العمل به, نسأل الله عز وجل أن يحفظ مملكة البحرين ومليكها وشعبها ورد كيد عدوهم إلى نحورهم.
والحمد لله رب العالمين
العلامة السيد محمد علي الحسيني
الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي