باريس - (وكالات): تقف الحكومات حائرة أمام مشكلة المقاتلين العائدين من مناطق الجهاد مترددة بين وجوب سجنهم أو إعادة تأهيلهم، إذ اختار معظمها نهج الحزم بينما يختبر بعضها برامج تأهيل لم تثبت بعد جدواها.
وقال مسؤول كبير في مكافحة الإرهاب في فرنسا «لنكن واضحين برامج التأهيل لم تنجح في الوقت الراهن». ففي أوروبا والولايات المتحدة وكذلك في بلدان الشرق الأوسط والخليج تتساءل الشرطة والقضاة وأجهزة مكافحة الإرهاب عن كيفية معاملة آلاف الشبان الذين قاتلوا في صفوف جماعات جهادية في سوريا أو العراق لدى عودتهم إلى بلدانهم، خاصة بسبب التخوف من انغماس بعضهم في الإرهاب. وقد اعتمد أول برنامج تأهيل في 2007 في السعودية التي واجهت موجة من الهجمات الإرهابية بين 2003 و2006. ويوفر برنامج المناصحة السعودي للذين يتخلون عن الجهاد شروطاً مادية سخية «تخصيص مرتب شهري وشقة وسيارة ووظيفة و20 ألف دولار في حال الزواج» ودروساً دينية من قبل أئمة يحظون بالاحترام. وفي الآونة الأخيرة أقامت السلطات الدنماركية مراكز تجريبية لإعادة التأهيل حيث يسجل الشبان بعد تقييم الشرطة لمستوى خطورتهم، في برنامج يتضمن تدريباً ومساعدات لإيجاد مسكن وعمل.
وفي بريطانيا أثار حديث نائب مدير شعبة مكافحة الإرهاب في الشرطة عن اعتماد برنامج مماثل لكنه مخصص فقط للذين يسعون إلى الذهاب ولم يقوموا بخطوتهم، موجة استنكار شديد. واستبعد المسؤول الفرنسي الكبير في مكافحة الإرهاب نجاح تجربة المناصحة في بلاده. وأضاف «في فرنسا كما لدى شركائنا الرئيسيين لسنا مطلقاً في هذا الوارد. إننا نتابع باهتمام المحاولات في هذا المنحى، لكنها ليست مشجعة. هدفنا هو أولا تفادي الاعتداءات». وفي باريس حكم على فلافيان مورو أول جهادي يمثل أمام القضاء لدى عودته من سوريا بعقوبة السجن لسبع سنوات. لكن المسؤول الكبير نفسه ميز بين محاولات إعادة التأهيل لدى العودة من مناطق الجهاد وبين الجهود لمكافحة تجنيد شبان مأخوذين بأفلام الدعاية التي يبثها الجهاديون ويحلمون بالرحيل لكنهم لم يفعلوا ذلك بعد. وذلك حقق «نجاحاً أفضل» برأي المسؤول عينه الذي يعتبر «أن خدمة الاتصال الهاتفي» التي وضعت في فرنسا في تصرف الأقرباء والعائلات تشكل «أداة جيدة». وفي الولايات المتحدة درس البرفسور جون هورغان المتخصص في علم النفس السياسي داخل المركز الدولي لدراسة الإرهاب الذي يديره في جامعة بنسلفانيا مختلف البرامج الدولية. وقال «أشاطر التشكيك العام»، مضيفاً «يتعلق الأمر بتغيير طريقة تفكير هؤلاء الأفراد، وذلك ليس بمهمة سهلة. فالبعض يعتقد أنه يمكن الجلوس معهم وإعادة غسل دماغهم، ذلك لا ينجح». وتابع أن «التجربة الدنماركية هامة ومبتكرة لكن هل سينجح ذلك؟ لدي تحفظات. أما أن ذلك لا ينجح كما هي الحال في أغلب الأوقات إلا بالنسبة لأولئك الذين عادوا إلى طريق الصواب، وهم عديدون».
وفي تعليق ورد في كتاب نشر مؤخراً عن نتائج البرنامج المتبع في بلاده عبر مساعد رئيس الوكالة الوطنية لمكافحة الإرهاب الجنرال الأندونيسي تيتو كارنافيان عن أسفه لأن «المنظرين المتطرفين يجندون أعضاء جدداً بشكل أسرع من تمكننا من إعادة تأهيل المتطرفين السابقين».