فيينا - (أ ف ب): يبدأ مفاوضو إيران والدول الكبرى الست الأسبوع الجاري جولة أخيرة من المحادثات في فيينا سعياً للتوصل قبل 24 نوفمبر الجاري إلى اتفاق تاريخي حاسم حول الملف النووي الإيراني. وقد اتفق المفاوضون في يوليو الماضي بعد أشهر من المحادثات على مهلة إضافية من 4 أشهر تنتهي في 24 نوفمبر الجاري للتوصل إلى اتفاق، فيما بات البعض يتوقعون تمديداً جديداً للاتفاق المرحلي.
رهانات الأضداد
تطالب إيران بحقها بامتلاك قدرة نووية مدنية كاملة وتؤكد أن برنامجها لا يخفي أي بعد عسكري. أما الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي «الصين، الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا وروسيا» وألمانيا التي تمثل المجتمع الدولي في إطار ما بات يعرف بمجموعة «5+1»، فترغب من ناحيتها بأن تحد قدرات طهران التقنية بشكل يجعل هذا الخيار مستحيلاً. وتطالب إيران من جانبها برفع العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الأمم المتحدة والدول الغربية.
نقطة الخلاف
يمثل تخصيب اليورانيوم بالتأكيد النقطة الأكثر حساسية في الملف. ويستخدم اليورانيوم عند تخصيبه بمستويات متدنية كوقود للمحطات النووية من أجل توليد الكهرباء. لكن عند تخصيبه بمستويات عالية، وذلك يستلزم كميات كبيرة من المواد الأولية، يمكن استخدامه لصنع القنبلة الذرية. ويعتبر المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي الذي يملك كلمة الفصل في المفاوضات، إن الطاقة النووية حق لا يمكن أن تتنازل عنه إيران. ويرغب في أن تمتلك إيران قدرات صناعية لتخصيب اليورانيوم، فيما يطالب المجتمع الدولي من ناحيته بالحد من هذه القدرات بشكل صارم.
التقدم المنجز
يبدو أن إيران وافقت على مبدأ تعزيز مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمخزوناتها من الوقود النووي ولا تستبعد إعادة النظر في طبيعة نشاط مصنعها في فوردو، ثاني أهم موقع لتخصيب اليورانيوم بعد موقع نطنز. كما أبدت طهران استعدادها لتغيير تصميم مفاعلها الذي هو قيد الإنشاء في اراك بشكل يجعله ينتج كميات أقل من البلوتونيوم مما كان مقرراً. ويمكن استخدام هذه المادة لمآرب عسكرية، مثل اليورانيوم المخصب.
العقبات المحتملة
تبقى مدة سريان مفعول اتفاق محتمل موضع المناقشة. فواشنطن ترغب بأن يمتد على مدى 10 سنوات على الأقل، فيما تريد إيران أن يكون أقل بكثير. والوتيرة التي سترفع بها العقوبات تشكل أيضاً نقطة حساسة. بمعزل عن الصعوبة التقنية لرفع هذه العقوبات التي تستلزم خاصة تصويتاً في الأمم المتحدة والكونغرس الأمريكي بعد أن انتقلت السيطرة في مجلس الشيوخ إلى المعارضة الجمهورية على إثر انتخابات منتصف الولاية الرئاسية في 4 نوفمبر الجاري. وأخيراً كشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في نوفمبر 2011 عناصر تعتبر ذات صدقية تشير إلى أن إيران عملت قبل 2003 وربما بعد ذلك التاريخ على تطوير سلاح نووي. وقد بدأت إيران في تلك السنة في التعاون مع الوكالة الأممية لكنها لم تجب حتى الآن على نقطتين طرحتهما الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإزالة الشكوك حول «البعد العسكري المحتمل» للبرنامج النووي الإيراني، في حين انتهت المهلة في 25 أغسطس الماضي.
نتائج الاتفاق
إن التوصل إلى اتفاق سيسمح بتحسين علاقات إيران مع الغربيين وقد يمهد الطريق أمام تعاون أكبر حول مشكلات أخرى مثل محاربة مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق «داعش». والتوصل إلى اتفاق من شأنه كذلك أن يسكت «طبول الحرب» بحسب تعبير الرئيس الأمريكي باراك أوباما. ولم تستبعد لا الولايات المتحدة ولا إسرائيل بشكل قاطع إمكانية قصف إيران. وسيكون في نهاية المطاف خطوة هامة ونادرة في الجهود المبذولة لوقف انتشار الأسلحة النووية وسيسجل نجاحاً نادراً في السياسة الخارجية التي ينتهجها باراك أوباما.
تمديد المهلة
أمام الصعوبات التي يواجهها الطرفان بدأ الخبراء يتوقعون تمديداً جديداً. وقال المستشار الخاص السابق لدى وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون مراقبة الأسلحة روبرت اينهورن «ليس هناك أي فرصة لإبرام اتفاق شامل في 24 نوفمبر». وأضاف «أعتقد أنهم سيتفقون على تمديد الاتفاق المرحلي لعدة أشهر». وتبقى معرفة ما سيكون عليه موقف أنصار النهج المتشدد أكان في واشنطن أو في طهران.