كتب ـ محرر شؤون الانتخابات:
أكد مترشحون للمجلس النيابي في رابعة المحرق، أن الناخبين هم من يتحمل مسؤولية ضعف المجلس، باختيارهم لنواب غير أكفاء، محذرين من الرشاوى واستغلال الدين في العملية الانتخابية، معتبرين انتشار الظاهرة «أزمة قيم اجتماعية ودينية».
وأجمع كل من النقابي محمد المرباطي، السفير السابق عبدالله العيناتي، المحامي ماجد العطاوي، ومحمد خيامي - خلال مناظرة نظمها مركز الجزيرة الثقافي أمس - على أن النائب الفاسد والراشي لن يكافح ويحارب الفاسد، ولن يتمكن من محاسبة الحكومة أو الوزراء المخالفين والمتجاوزين.
وبشأن قضية المال السياسي، أكد عبدالله العيناتي، أن أسوأ ما يكون، أن يصل نائب دون المستوى، عن طريق رشوة، أو استغلال دين، أو مال فاسد، ومع ذلك فإن الناخب هو من يتحمل المسؤولية، فهذا حرام شرعاً، وأخلاقاً، ووطنياً، وترفضه القيم، مردفاً، إذا أردنا التطور، لنتبع ثلاثة أمور، الأول أن نكون شجعاناً في رأينا، ومثقفين في حجم برلماننا، وأخيراً لنكون وطنيين في توعية مجتمعنا، يجب ألا نجامل المترشحين، وأن تكون لدينا صورة واضحة، والمرحلة المقبلة، ليست مزحة، إذ أنها مرسومة للمنطقة بشكل دقيق، وكلنا ـ المترشحين - نريد خدمة وطننا، هي قدرات مختلفة، لكن جمعينا أوفياء لوطننا.
وأضاف العيناتي: تلك كارثة لا تخص البحرين فقط، إنما معظم دولنا العربية، تدور في دائرتين، الأولى عدم تطوير الجمعيات السياسية لنفسها، إذ لم تصل لمستوى الفهم الحقيقي لمفهوم الديمقراطية، ونحن لدينا 3 مراحل يجب أن نعرفها، لدينا انتقال لديمقراطية، ومسار إليها، والتحول إليها، مبيناً أن الانتقال للديمقراطية يبدأ مع ترتيب المجتمع وتثقيفه وتوعيته، وعندما يصل المجتمع لمستوى مرتفع من الوعي، ويفهم أدوات البرلمان، ويعرف مدى مسؤولية النائب، وأهمية اختياره، هنا نصل إلى مرحلة التحول الديمقراطي، أي أن جميع مكونات المجتمع المدني تحكمه مؤسسات راسخة كما في أمريكا والدول الأوروبية.
بدوره علق محمد المرباطي: إذا كان المجتمع فاسداً يؤسس لحاكمية فاسدة، وهي السلطة التشريعية، التي تعد أهم مؤسسة في الدولة، إذ يقوم هيكلة الدولة عليها، والمجتمع يبني حقوقه منها، فإن النائب الفاسد ينقل فساده إلى التشريعات، وهو نتاج لهذا المجتمع، مشيراً إلى أن من يتغاضى عن المجرم والراشي فهو في صفه، والدين الإسلامي يحرم الرشوة، إذا لعن الله الراشي والمرتشي، وهذا جزء من عقيدة داخل المجتمع، وانتشارها يعبر عن أزمة قيم اجتماعية ودينية، لكن الأمر بيد الناخب، فنحن نستطيع أن نأتي بالإنسان النزيه، الشريف، صاحب التاريخ، والمبدأ، أو الفاسد.
من ناحيته، تساءل ماجد العطاوي: النائب الفاسد لن يكافح ويحارب الفاسد، فكيف به أن يحاسب الحكومة أو الوزراء المخالفين والمتجاوزين؟!، مشيراً إلى أن الجهات الرسمية تطلب دليلاً بشأن الرشاوى، وللحصول على أدلة، يجب توعية الناخبين بضرورة إبلاغ الجهات المعنية بوجود المال السياسي في الانتخابات.
في السياق نفسه رأى محمد خيامي أن الحل الأمثل ليس في مسألة البلاغ والشرطة والقانون، فبطبيعة الحال يمكن لأي إنسان أن يتحايل أو يبرر ، كالادعاء أن المترشح أعطاه المكيف هدية، أو في ثواب أبيه، والأهم تقوية مسألة التقوى والخوف من الله، لكن المشكلة الرئيسة أنه لا يوجد تثقيف، وللأسف بعض رجال الدين مداهنون، يقفون في صف من يدفع أكثر، وكما يقال (كما تكونوا يولى عليكم)، إذا صوتنا لشخص فاسد، فعلينا لوم أنفسنا، البعض يقول الفقر والحاجة تدفع الناخب لهذا المنزلق، نعم صحيح المعيشة صعبة والرواتب ضعيفة، لكن الله تعالى يقول (ولقد كرمنا بني آدم)، إذا الإنسان يشعر أن لديه كرامة، لا يقبل الرشوة.
وحول محور «ضعف الأداء النيابي، في ظل وجود صلاحيات منقوصة في التشريع والرقابة»، رأى العطاوي أن الحل يكمن في زيادة الخبرات القانونية في المجلس النيابي، مشيراً إلى أن عدد القانونيين المحدود يضعف عمل السلطة التشريعية، لسبب بسيط، وهو أن اختصاصات مجلس النواب كلها متعلقة بالجانب القانوني، سواء من ناحية سن التشريعات وتعديلها، أو الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، إضافة إلى الميزانية العامة التي يغلب عليها الجانب القانوني والمالي.
وشدد العطاوي على النواب؛ استخدام الأدوات المتاحة لهم أولاً، هم يطالبون بتوسعة صلاحياتهم، بينما لا يستخدم جميع الأدوات المتاحة لهم.
من ناحيته، علق العيناتي: سأضرب مثلاً بسيطاً، بلدان متجاوران استقلا وانفصلا عن بعضهما، هما الهند وباكستان، الأول تجربته الديمقراطية وصلت ذروتها، والثاني ما زال مثل السلحفاة، والسبب أدوات النائب، فإذا كانت الأدوات قوية والنائب ضعيفاً، ينتج برلماناً هزيلاً، وعندما يكون العكس، فالنتائج ستكون نفسها، مردفاً: الغريب في الأمر، لا يوجد برلمان في العالم (يبط) عينه بيده سوى مجلسنا، أول الخلل الموجود، كان لدى النواب أداة دستورية يمكن استجواب الوزراء عبر تقديم 5 نواب فقط الطلب، هم وضعوا مسؤولية موافقة الثلثين.
وأضاف العيناتي: في المرحلة المقبلة لن تتكرر المأساة، فكيف لنائب نصف تعليم أن يناقش وزيراً محاطاً بمستشاريه؟، نحن صنعنا برلماناً ضعيفاً، وأنتم جميعاً تتحملون المسؤولية.
وبخصوص محور «إضعاف بعض النواب صلاحياتهم بأنفسهم»، قال خيامي: يجب الاعتراف أننا مررنا بمرحلة، نتج عنها انتخابات تكميلية، أسفرت عن وصول نواب أصحاب مصالح ونفوذ، قيدوا صلاحيات المجلس، مردفاً: السؤال الآن، هل أستطيع أن أعدكم إذا دخلت المجلس سأغير القانون وأعيد صلاحيات النواب؟، أرى في ذلك صعوبة، لأن النواب الآخرين كل منهم له توجه، لكن سنسعى إلى رفع القيود، وننظر في القوانين التي سنت.
وعلق المرباطي بالقول: إن أي سلطة من مصلحتها أن يكون لديها برلمان قوي، إذ أن وظيفته إدارة الأزمات، السلطة التشريعية في البحرين حققت فشلاً ذريعاً.