دبي- (أ ف ب): أكد محللون أن «تخطي دول مجلس التعاون الخليجي لأسوأ أزمة داخلية عاشها المجلس منذ تأسيسه قبل 33 سنة، ضرورة في زمن المخاطر الجيوسياسية» مشيرين إلى أن «عودة سفراء السعودية والإمارات والبحرين إلى قطر ربما يبرهن على أن الدوحة قدمت تنازلات ووعوداً على مستوى علاقتها مع جماعة الإخوان المسلمين»، فيما أكدوا أن «بقاء مجلس التعاون وقطر أهم من العلاقات مع الإخوان، كما إن استمرار المجلس وعدم إضعافه يصب في مصلحة الجميع». وأتى الاتفاق الخليجي الذي تم التوصل إليه خلال قمة استثنائية عقدت في الرياض مساء أمس الأول، في ظل احتدام الأزمات الإقليمية والمخاوف من المتطرفين والحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في العراق وسوريا، وهي حرب تشارك فيها معظم دول الخليج. كما يأتي قرار إعادة السفراء الثلاثة بعد 8 أشهر من الغياب عن الدوحة، تتويجاً لجهود وساطة قادها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، وهو قرار يسمح بعقد القمة الخليجية المقبلة الشهر المقبل في العاصمة القطرية كما هو مقرر بعد أن بدت مهددة.
ورحب الأمين العام لـجامعة الدول العربية نبيل العربي بنتائج اجتماع قادة مجلس التعاون الخليجي في الرياض، معتبراً أنه سيسهم إلى حد كبير في تنقية الأجواء ودفع مسيرة العمل العربي المشترك.
وقال المحلل السياسي الإماراتي عبدالخالق عبدالله «إن الأمر الأهم هو أن أسوأ أزمة مرت على مجلس التعاون خلال 33 سنة من عمره قد طويت وأصبحت جزءاً من الماضي».
وأضاف أن «أسوأ سنة مرت على المجلس هي سنة 2014 وهي على وشك أن تنتهي وتنتهي معها الأزمة، فعودة السفراء تعني أن صفحة الخلاف الخليجي الكبير طويت».
وأعلنت السعودية والإمارات والبحرين في مارس الماضي، وفي خطوة غير مسبوقة، سحب سفرائها من الدوحة التي اتهمتها بالتدخل بالشؤون الداخلية لدول المجلس وبعدم احترام اتفاق سابق تم التوصل إليه في الرياض في نوفمبر 2013. وتتهم الدول الثلاث قطر خصوصاً بدعم الإخوان المسلمين الذين تعتبرهم السعودية والإمارات منظمة إرهابية وحاكمت الإمارات العشرات من أتباعهم بتهمة التآمر على نظام الحكم. كما تتهم الدول الثلاث قطر بإيواء معارضين خليجيين وتجنيسهم وبتجنيس مواطنين بحرينيين من السنة. وقال عبدالخالق عبدالله «لا بد أن هناك التزامات مهمة قطعتها قطر» للتوصل إلى هذا الاتفاق، بعد أن «كانت مترددة ومتلكئة». ولم يكشف عن بنود الاتفاق الذي تم التوصل إليه في الرياض، لكن من المعروف أن قائمة بمطالب سبق أن قدمتها السعودية والإمارات والبحرين إلى قطر. وفي السياق نفسه، قال المحلل السياسي الكويتي عايد المناع إن قطر «قامت ببعض الإجراءات التي تعتبر استجابة لمطالب المجموعة الخليجية وأهمها والطلب من بعض الأطراف المحسوبة على إخوان المسلمين مغادرة قطر».
وغادر قياديون من الإخوان المسلمين الدوحة في وقت سابق هذه السنة في خطوة اعتبرت استجابة من قطر لمطلب رئيس لجيرانها.
وأضاف المناع «يبدو أيضاً أن قطر تعمل على عدم تجنيس بعض الخليجيين ممن عليهم ملاحظات من حكوماتهم وعدم الترحيب ببعض الأشخاص» المعارضين من دول الخليج. إلا أن تغطية قناة الجزيرة المتهمة بانتهاج خط تحريري مؤيد للإخوان خصوصاً في مصر، لم تتغير بشكل ملحوظ بحسب المناع. ويبدو أن تخطي الخليجيين لأزمتهم يشكل ضرورة في زمن من المخاطر الجيوسياسية المتمثلة خصوصاً بتقدم المتطرفين والحرب على تنظيم الدولة الإسلامية الذي تشارك فيها دول مجلس التعاون الخليجي عدا سلطنة عمان. وتشارك قطر في الضربات الجوية ضد «داعش» بالرغم من اتهامات وجهت إليها بالتواصل مع مجموعات متطرفة. وقال بيان قمة الرياض إن الاتفاق الخليجي يساهم في قيام «كيان خليجي قوي ومتماسك خاصة في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة وتتطلب مضاعفة الجهود والتكاتف لحماية الأمن والاستقرار فيها». وشدد المناع على «أن الخطر ماثل أمام الجميع، وداعش لو لم يتم التدخل بهذا الزخم ضده، فلكان تحكم بكامل العراق وربما كامل سوريا، ودول الخليج هدف رئيس له ولكل المنظمات المتطرفة».
وأضاف «إذا لم ينظر الخليجيون إلى ترتيب البيت الخليجي سياسياً وأمنياً وعسكرياً فلا يستبعد أن يتعرضوا إلى خطر هذه التنظيمات». واتفق عبدالله والمناع عن أن استمرار مجلس التعاون وعدم إضعافه كمجموعة يصب في مصلحة جميع الأعضاء بما في ذلك قطر، حتى ولو أن الخلافات الثنائية بين الدول لن تنتهي بالضرورة.
وقال المناع «قطر لا يمكن أن تضحي بعمقها الخليجي من أجل مصالح أو مواقف مع هذا الطرف أو ذاك، وبقاء مجلس التعاون وبقاء قطر أهم من العلاقة مع الإخوان المسلمين».