بقلم - الشيخ زياد السعدون:
لاشك في أن صفة المن صفة مذمومة مع أي أحد، أياً كانت علاقتنا به، وقد وضح القرآن الكريم ذلك جلياً من خلال قوله سبحانه وتعالى «قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم»، هذا في باب الصدقات، ومع أناس آخرين، فما بالك بالزوجة والأولاد، مع العلم أن ما ينفقه الزوج على زوجته، والأب على أبنائه، هو من قبيل النفقات الواجبة، وهي قربة يتقرب بها العبد إلى ربه، وأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن أفضل دينار ينفقه العبد هو الدينار الذي ينفقه على أهله وعياله، وقد تجد بعض من ابتلي بهذا المرض يمن على زوجته وعياله، حتى بلقمة الأكل التي يأكلونها، وهناك أزواج صارت لهم عادة بعد كل تسوق، فيفتعلون «هوشة»، والغريب العجيب من هذا الصنف، عندما تطلب منه زوجته مبلغاً من المال من أجل التسوق، فيعطيها، ثم ما أن تأتي من السوق، حتى تبدأ جلسات الاستماع والمحاسبة، وتبدأ معها عبارات المن، وأنه يعطي كذا وكذا، ويفتح أرشيفه ويذكرها بأنه أعطاها كذا واشترت كذا، فنقول لهذا وأمثاله: إما أن تعطي فلا تمن أو لا تعطي، وبعض الزوجات والأولاد عندما يطرحون مشكلاتهم، تجدهم يتكلمون بمرارة عن حياة الذل التي يعيشونها مع زوج أو أب منان، وقد يقول قائل أو يعترض معترض: «أنا لا أمن عليهم ولا أعايرهم بما أنفق عليهم، إنما أذكرهم بالمصاريف التي صرفت حتى لا يسرفوا «والحياة غالية»»، نقول لمن يردد مثل هذه المقولة: هناك فرق بين النصيحة والمن، فمن رأى من زوجته وأولاده الإسراف والتبذير فليذكرهم ولينصحهم، ويبين لهم من دون من، بل بعض الآباء يربي أولاده الصغار على هذا الخلق المذموم، فتجده إذا أتى لولده بلعبة ذكره بأنه هو الذي أتى له بها، وأن الآباء الآخرين لا يفعلون ذلك، ثم يفتح له أرشيف اللعب القديمة التي كسرها، وأنه لا يستحق هذه اللعبة، ثم يهدده بالويل والثبور وعظائم الأمور، إن هي انكسرت، أو أعطاها لغيره يلعب بها، فسوف يحاسبه حساباً شديداً، فالمن لا يأتي بخير لا للنفس ولا للغير.