كتب – جعفر الديري:
العادات الاجتماعية هي السلوك الجمعي المتكرر وأساليب الناس في العمل والتفكير والإنتاج، وقد اكتسبت بفعل التقادم والتكرار صفة القبول والتأييد من قبل المجتمع، وأخذت طابع القوة، فهي بمثابة القانون الاجتماعي الذي يؤمن به المجتمع، وهو ينمو ويتوسع وينتقل مع الأفراد جيلاً بعد جيل خلال رحلة زمنية وتاريخية موغلة في القدم.
أما العادات والتقاليد فترتبط بمراحل العمر المختلفة للأفراد من الميلاد والبلوغ والزواج حتى الوفاة، ولها علاقة مباشرة بالمناسبات الاجتماعية التي تقام على مدار العام مثل الأعياد والاحتفالات الموسمية، إضافة إلى كل ما يتعلق بحياة الإنسان اليومية في داخل الأسرة وعلاقاته الاجتماعية والحياتية، ومن أبرز هذه العادات، تقاليد الزواج.
يقول الباحث البحريني إبراهيم سند بخصوص عادات وتقاليد الزواج في البحرين: لم يكن الخيار متروكاً للأبناء في اختيار شريكة حياتهم، بل كان يترك للأسرة. وعادة ما يقوم كبار السن في هذه الأسرة أو تلك بالتقرير سلفاً في موضوع الزواج، حتى قبل أن يصل الأبناء إلى مرحلة البلوغ أو السن المناسب للزواج ولم تكن هناك حرية اختيار كما نشهدها اليوم. فالفتاة تخطب لابن عمها وهي صغيرة، وفي بعض الحالات تزف إلى عريسها وهي لا تعرف حتى اسمه أو شكله، وهكذا –بطريقة المفاجأة- تجد نفسها خاضعة للزواج شاءت أم أبت، وعليها أن تقوم بكل واجبات الزوجية منذ أول ليلة. وكذلك الأمر بالنسبة للشاب، فليس له الحرية في اختيار من يشاء من الفتيات.
ويضيف سند: عندما تقرر العائلة عقد الزواج في موعد محدد ووقت متفق عليه، يجب أن يخضع لهذا الواقع المحتوم ويتزوج ابنة عمه أو إحدى قريباته، فقد كانت أغلب الأسر البحرينية تحافظ على الزواج العائلي، وتعتبره من الشرائع الثابتة، وذلك حفاظاً على النسب وتقوية أواصر العائلة أو القبيلة. لكن قد تضطر بعض الأسر لتزويج أبنائها من الأسر الأخرى، كأن يكون ذلك طلباً للحماية أو ليحققوا مركزاً اجتماعياً واقتصادياً مرموقاً تهدف إليه الأسرتان، ومن النادر جداً –بل من الأشياء المحرّمة- أن تقوم أسرة بمصاهرة أسرة أخرى أقل منها حسباً ونسباً، وماتزال هذه العادة متبعة إلى وقتنا الحاضر لدى الكثير من العائلات وتعتبر من الموضوعات الحساسة، وتنشب بسببها الكثير من الخلافات والمشاكل الأسرية.
وحول استعدادات العروس والعريس للزواج يوضح سند: كانت العروس تعهد إلى بعض النسوة اللاتي يقمن بإدخالها (الحمام) ويتم تدليك جسمها (بالشنان)، ويدهن شعر رأسها بحرص وعناية، وبعد أن تخرج من الحمام يتم إدخالها إلى حضرة خاصة، أو الفرشة نفسها، وتدخل معها (المشّاطة) بتصفيف شعر العروس، ويعقد الشعر على شكل ضفائر (بلابيل)، اثنان من الخلف وآخران من الأمام، ويمسح الشعر بالمسك والزعفران ودهن العود، وترتدي العروس بعد ذلك ملابس العرس وهي عبارة عن دراعة (فستان شبيه بالماكسي الحديث)، ثم تلف بالدفة بحيث لا يترك لها مجال للرؤية. وتجلس العروس في فناء الدار (الحوش) وتلتف من حولها المحتفلات، وتدعى بعض النسوة لكي يقرأن عليها بعض الأدعية والآيات القرآنية الكريمة. وفي تلك اللحظة يكون المعرس مستعداً لاستقبال المهنئين في داخل الغرفة.
بالمقابل وكما يذكر سند، يستعد العريس لليلة الزفاف استعداداً لا يقل عن العروس، فيقوم بارتداء أفضل ما لديه من الملابس المجهزة لهذا الاحتفال كالثوب، ومن فوقه البشت، ويعتمر بالغترة والعقال، ويتعطر بالعطور الزكية. وفي المساء تبدأ مراسم الزواج فيخرج العريس من منزله، وإلى جانبه والده ومن خلفه أعمامه وأخواله وإخوانه وغيرهم حسب درجة القربى، ترافقه فرقة لإحياء الزفة ويبدأ الموكب في السير على الأرجل، وهذا إذا كان منزل العروس قريباً منهم، أما إذا بعدت المسافة فيستأجر أحد الباصات لنقلهم.