أكد المنتدون في ملتقى «المرأة العسكرية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، ريادة المرأة البحرينية في المجال الشرطي على المستوى العربي منذ خمسينيات القرن الماضي، لافتين إلى أن المرأة الخليجية استطاعت على الدوام أن تثبت جدارتها في كل المهام العسكرية والشرطية والأمنية التي أسندت إليها.
وأشاد المنتدون -على هامش الملتقى الذي أقيم برعاية صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة ملك مملكة البحرين رئيسة المجلس الأعلى للمرأة- بمبادرة مملكة البحرين إلى تخصيص يوم المرأة البحرينية للاحتفاء بالمرأة العسكرية في البحرين ودول الخليج العربي.
على قمة العمل الأمني
وأكد مدير إدارة التعاون الدولي بجامعة نايف للعلوم الأمنية د.صقر المقيد أن المرأة الخليجية أصبحت بما لا يدع مجالاً للشك، تتربع على قمة العمل الأمني النسائي في ظل ما تشهده مملكة البحرين، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وسلطة عمان، ودولة قطر، ودولة الكويت، والمملكة العربية السعودية من إقبال على الشرطة النسائية التي حققت نجاحاً لم تحققه الدول العربية الأخرى سوى التجربة الناجحة لدى الجزائر.
وقال د.المقيد خلال جلسة العمل الأولى «عمل المرأة الخليجية في المجال العسكري.. قصص نجاح» في ملتقى «المرأة العسكرية»: إن المرأة الخليجية رغم المتغيرات الاجتماعية التي صاحبت النهضة الخليجية ظلت محافظة على إرثها الديني والعقدي ضاربة أروع الأمثلة في الاتزان والعقلانية، ورغم المقولة التي يرددها الجميع بأن المرأة نصف المجتمع إلا أن المرأة تخطت هذه المقولة فزادت عن النصف، وهذا مدعاة للنهوض بدور المرأة التي أثبتت جدارتها على كافة الأصعدة.
روابط تاريخية للتعاون
بدورها قالت مديرة الشرطة النسائية في وزارة الداخلية العقيد منى عبد الرحيم: منذ إنشاء منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية العام 1980 والجهود مكرسة لتصل هذه الدول في تعاونها إلى كافة المجالات وعلى كل الأصعدة وكان للجانب الأمني نصيب لا يستهان به من هذه الجهود، ومن ضمن هذا التعاون ما تم في الفترة الماضية القريبة من تعاون أمني بين دولة الكويت ومملكة البحرين في تأسيس الشرطة النسائية الكويتية.
وأضافت: إن هذا التعاون كان نابعاً من الروابط التاريخية والعلاقات الوثيقة التي تربط مملكة البحرين بدولة الكويت، ولكون مملكة البحرين من طلائع الدول العربية التي أنشأت جهاز الشرطة النسائية، وتم الاستعانة بخبرات بحرينية في عملية التأسيس، وشهدت تخريج الدفعة الأولى من الشرطة النسائية الكويتية من أكاديمية سعد العبدالله للعلوم الأمنية بعد اجتيازهن الشروط اللازمة للتأهل للعمل العسكري.
وتابعت عبد الرحيم: بعد ذلك جاء مشوار الإشراف والمتابعة والتأهيل والذي توج بإعداد خريجات عسكريات محترفات يتمتعن بالمهارات الأساسية للعمل الشرطي الميداني والرياضي وذلك لإكمال المشوار ومسك زمام شؤون الشرطة النسائية الكويتية مستقبلاً.
5 آلاف شرطية بجمعية
الشرطة الإماراتية
من جانبها قالت رئيسة جمعية الشرطة النسائية في دولة الإمارات العربية المتحدة الرائد آمنة البلوشي: لقد ظل عمل المرأة عبر التاريخ العربي والإسلامي في أضيق الحدود، ورغم ما بذل من محاولات في مطلع القرن العشرين في بعض دول أوربا وأمريكيا لإتاحة الفرصة للمرأة لكي تقتحم سوق العمل وتشارك جنباً إلى جنب مع الرجل، فإنها ظلت لفترة طويلة لا تمارس إلا الأعمال التي تكون مقصورة فقط على المرأة ولا يفضل الرجال القيام بها.
وأضافت البلوشي: إن حق تولي المرأة المناصب العامة؛ انتقل في العصر الحديث من الاتفاقات والمعاهدات الدولية والدساتير الوطنية إلى الواقع العملي، وإن اختلفت درجة ممارسة هذا الحق من دولة لأخرى بحسب العادات والتقاليد والثقافات التي تتميز بها كل دولة عن الأخرى، وإيماناً من دولة الإمارات العربية المتحدة بأهمية دور المرأة في المجتمع بصفة عامة ودورها في العمل الشرطي بصفة خاصة، وإدراكا منها لضرورة تدعيم وتطوير هذه القدرات النسائية من خلال استحداث وإيجاد أطر العمل، قامت بإنشاء جمعية الشرطة النسائية على مستوى الدولة، وضمت في عضويتها أكثر من 5000 عنصر من عناصر الشرطة النسائية.
تفعيل آليات التشجيع
وخلال جلسة العمل الثانية للملتقى بعنوان «الآليات المشجعة لعمل المرأة الخليجية في المجال العسكري» أوصت قائد المستشفى العسكري في قوة دفاع البحرين العميد بدرية السالم، بتفعيل الآليات المشجعة لعمل المرأة في القطاع العسكري، ووضع برامج توعية للأجيال القادمة من الفتيات وحثهن على الانخراط في الخدمة العسكرية.
وأوضحت السالم أن نتائج دراسة أجرتها أكدت أن الآليات المتبعة في قوة دفاع البحرين لها تأثير إيجابي وفعال في تشجيع المرأة على الانخراط في السلك العسكري، كما أن التدريب والتأهيل لهما دور كبير في تمكين المرأة للعمل العسكري.
وأضافت السالم: رغم اهتمام الدولة في تشجيع المرأة البحرينية للعمل في القطاع العسكري، والمتمثل في دعم قرينة العاهل، لمسيرة المرأة البحرينية في القطاعين العسكري والمدني، إلا أنه لا توجد أية دراسة أجريت في مملكة البحرين تناولت موضوع العوامل المشجعة لعمل المرأة في القطاع العسكري، لذا استهدفت الدراسة معرفة المكونات العمالية المشجعة لعمل المرأة في القطاع العسكري، ومعرفة نظرة ومستوى رضا المرأة العسكرية لتلك المكونات.
تزايد الشرطيات العمانيات
من ناحيته أكد الأستاذ المساعد بقسم المناهج والتدريس بكلية التربية بجامعة السلطان قابوس د.سيف المعمري، أن دور المرأة العمانية وعددها يتنامى في القطاعات العسكرية والشرطية، وقد تواجدت المرأة العمانية في قطاع الشرطة منذ بداية سبعينيات القرن الماضي، وتقوم اليوم بمهام طبية وإعلامية ومرورية، وتشارك في وحدات المهام الخاصة، كما أن وجود المرأة في القطاعات العسكرية يتزايد أيضاً سواء في الجيش أو في البحرية أو في سلاح الجو السلطاني، وحققت المرأة تفوقاً في مجالات الرماية والقفز الحر والملاحة، ما يعطي مؤشراً بمستقبل واعد للمرأة العمانية في القطاعات العسكرية والشرطية.
وأضاف د.المعمري أن تمكين المرأة كان ولا يزال موضوعا محورياً في سلطنة عمان، فالنهضة العمرانية الحديثة التي بدأت في السلطنة العام 1970 وضعت برنامجاً تنموياً يستهدف تمكين شعب بأكمله ليقوم بدوره الحضاري الفاعل الذي عرف به لعقود طويلة، ومن أجل تحيق هذا التمكين ركز البرنامج على المساواة في فرص تمكين المرأة والرجل، وجاء ذلك إيماناً من صاحب الجلالة السلطان المعظم أن أي مجتمع لا يمكن أن يكون فاعلاً ومنتجاً إذا لم ييسر للمرأة متطلبات المشاركة الفاعلة في المجتمع، ولذا فتحت فرص للمرأة العمانية للمشاركة في مختلف مجالات العمل، بما فيها العمل في القطاعات العسكرية والشرطية.
يشار إلى أن تنظيم الملتقى جاء من قبل المجلس الأعلى للمرأة بالتعاون مع وزارة الدفاع ووزارة الداخلية، ليكون أحد الفعاليات الرئيسية ليوم المرأة البحرينية للعام 2014 الذي اختير له شعار «المرأة في المجال العسكري».
وتأتي أهمية ملتقى «المرأة العسكرية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية» نظراً لما تحمله مشاركة المرأة في هذا القطاع من قصص نجاح ومحطات عطاء والتزام تستدعي أن يتم إلقاء الضوء عليها، بالإضافة إلى ضرورة إبراز العوامل التي أدت إلى الحضور المبكر للمرأة العسكرية الخليجية ضمن مسيرة البناء والتطوير المستمر التي تشهدها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وطبيعة التلاحم والتعاون والتواصل بين المؤسسات العسكرية في هذه الدول.
ويهدف الملتقى إلى توضيح أبعاد مشاركة المرأة الخليجية في تنمية القطاع العسكري، وطبيعة الأدوار التي اتجهت لها، وإبراز أهمية استمرار المؤسسة العسكرية في وضع استراتيجيات تضمن استدامة مشاركة المرأة إلى جانب توسيع نطاق إسهاماتها بما سيعود بالنفع على فعالية وكفاءة القوات المسلحة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وتناول الملتقى عدة محاور من بينها استعراض مسيرة المرأة الخليجية في القطاع العسكري من خلال رصد أهم العوامل التي ساهمت في إقبالها على العمل في هذا المجال، وتسليط الضوء على أفضل السياسات والممارسات والتطبيقات التي من شأنها التأثير بشكل إيجابي على تعزيز دور المرأة في المؤسسات العسكرية، وبيان التحديات التي تواجه المرأة وتحد من مشاركتها في القطاع العسكري وأهمية إتاحة المزيد من الفرص لتطوير دورها القيادي في القطاع.