كتب - وليد صبري:
تبذل دولة الإمارات العربية المتحدة جهوداً كبيرة وحثيثة في محاربة الإرهاب، واجتثاث جذور التطرف، كما إنها تشارك القوى العالمية في القضاء على تلك الظاهرة الخطيرة، ولهذا حرصت «أيقونة الاعتدال» في المنطقة، على الاهتمام بالتعليم والتنمية الاقتصادية للتصدي لتلك الآفة الخطيرة داخلياً، لكونها تدرك أن هناك قوى متطرفة تهدد أمن واستقرار المنطقة، ومن ثم تأخذ في اعتبارها ضرورة تضافر الجهود وبناء شراكات حقيقية تستأصل شأفة الإرهاب.
وعلى الصعيد الخارجي لم تتوان حكومة الإمارات في مشاركة العالم حربه على الإرهاب بل سارعت إلى الانضمام إلى التحالف الدولي الذي شكل من دول عربية وغربية بقيادة أمريكية لمحاربة التنظيمات المتطرفة وأبرزها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش».
وتعتبر حكومة الإمارات أن «الفوضى والاضطرابات التي كانت في الوطن العربي نتج عنها عدم استقرار في المنطقة، ومنها تراجع الشعور بالأمن وارتفاع معدلات البطالة والتي من شأنها أن تشكل خطراً على تماسك المجتمعات واستقرارها وينبغي عليها العمل في دفع وتيرة النمو الاقتصادي مع المنطقة، ولا بد من تطوير التعليم والإعلام لخلق أجواء عصية على التطرف».
وقبل أيام، حلت الإمارات في المركز الـ 17 عربياً والثالث خليجياً في ترتيب مؤشر الإرهاب الدولي لعام 2014 الذي رتب دول العالم من حيث تعرضها لهجمات إرهابية، وحصلت الإمارات على «0.29 نقطة من أصل 10 نقاط» باعتبارها من أقل الدول المتضررة من تلك الآفة الخطيرة. ورغم أن الإمارات لم تستهدف أبداً بهجمات على أراضيها، وفي الوقت ذاته، تعد من الدول المنفتحة اجتماعياً، حيث تعيش فيها غالبية من الوافدين الأجانب من نحو 200 بلد، إلا أنها ترى أن الحرب على الإرهاب من أبرز أولويات حكومتها.
وفي هذا الصدد، علق المحلل السياسي والخبير في «مركز أبحاث الخليج» بجنيف مصطفى العاني على ذلك بقوله إن «الإمارات لا تواجه تهديداً أمنياً وشيكاً أو محتملاً، لكن بدون شك أن الوضع والبيئة الأمنية في المنطقة نتيجة الأحداث الجارية في سوريا والعراق تثير قلق الإماراتيين».
ومنتصف الشهر الماضي، أدرجت الإمارات 83 تنظيماً وجماعة وحركة، على قائمة التنظيمات الإرهابية، بينهم جماعة الإخوان المسلمين، وتنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، وتنظيم «القاعدة»، وجماعة «الحوثيين» في اليمن، و«حزب الله» في دول مجلس التعاون الخليجي. ويعد القرار الذي اعتمده مجلس الوزراء الإماراتي تطبيقاً لأحكام القانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2014 بشأن مكافحة الجرائم الإرهابية الذي أصدره رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وقرار مجلس الوزراء الإماراتي بشأن نظام قوائم الإرهاب، والذي أوجب نشر تلك القوائم في وسائل الإعلام المختلفة من أجل الشفافية وتوعية كافة أفراد المجتمع بتلك التنظيمات».
ومعظم المنظمات الـ83 هي تنظيمات مشاركة في النزاع في سوريا التي تشهد حرباً أهلية منذ أكثر من 3 سنوات.
وضمت القائمة الإماراتية التي تجاوزت إلى حد كبير قائمة السعودية التي تضم 9 منظمات، ولائحة الولايات المتحدة التي تشمل 59 منظمة إرهابية أجنبية، جماعة الإخوان المسلمين في مصر، واتحاد علماء المسلمين، وجماعات إسلامية ناشطة في تونس وليبيا، ومالي وباكستان ونيجيريا، وجمعيات إسلامية في العديد من الدول الأوروبية خاصة فرنسا وبريطانيا والنرويج وفنلندا والسويد وبلجيكا. وشدد القانون، العقوبات في مجال مكافحة الإرهاب، لتصل إلى الإعدام والأحكام القاسية بالسجن والغرامات التي تصل إلى 100 مليون درهم «27 مليون دولار» لمن يشاركون أو يرتكبون أعمالاً إرهابية.
من جانبه، قال مستشار الكونغرس الأمريكي حول الإرهاب والشرق الأوسط د. وليد فارس إن «القرار الإماراتي يصب في مصلحة أمن المنطقة، ويعكس إدراك الإمارات لطبيعة التحديات التي تمر بها المنطقة في المرحلة الحالية، خاصة مع ما تشكله تلك التنظيمات من تهديدات هائلة للشرق الأوسط بأكمله».
وأضاف أن «قائمة المنظمات الإرهابية التي أصدرتها حكومة الإمارات خطوة غير مسبوقة، ودليل قوي على شجاعة وإصرار الإمارات على متابعة حملة لا هوادة فيها ضد كل الجماعات الإرهابية»، مشبهاً إياها بأنها «تسونامي». وذكر أن «قائمة الإمارات هي أشمل قائمة للمنظمات الإرهابية نشرتها دولة في العالم». وهذا يضع الإمارات، بحسب فارس، «في طليعة الدول العربية التي تحارب مجموعة واسعة من الشبكات المتورطة في القتل الجماعي، وعمليات الاغتيال تحت قناع هيئات الإغاثة والمنظمات غير الحكومية باسم الدين في أوروبا وأمريكا».
وفي السياق ذاته، ألمح وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان في مقابلة مع «فوكس نيوز» إلى أن «المجموعات التي أدرجت على اللائحة تدعم وتمول بشكل سري مجموعات تقوم بأعمال عنف». وأضاف أنه «بالنسبة للعديد من الدول، أن تصنيف الإرهاب هو حمل سلاح وترهيب الناس، بالنسبة إلينا أن الأمور تتجاوز ذلك بكثير فلا يمكننا أن نتسامح حتى مع أقل من ذلك بكثير».
وعلى الصعيد الدولي، تشارك الإمارات في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة التنظيمات المتطرفة في سوريا والعراق. وشارك الطيران الإماراتي في توجيه ضربات ضد التنظيمات المتطرفة خاصة «داعش» في مدينة عين العرب «كوباني» السورية الحدودية مع تركيا.
ولم تكن مريم المنصوري أول إماراتية تقود طائرات حربية مقاتلة فقط، بل شاركت في الضربات الجوية ضد «داعش»، لتصبح أول سيدة إماراتية تشارك في الحرب الدولية ضد التنظيم الإرهابي.
وشاركت مريم وهي تحمل رتبة رائد طيار في القوات الجوية الإماراتية في الغارات على مواقع «داعش» في سوريا بثبات وقوة ودقة ومهارة وفقاً لشهادات صحافيين ومسؤولين. وقالت مجلة «بزنس إنسايدر» الأمريكية نقلاً عن «بريت باير» المذيع بشبكة «فوكس نيوز» إن مريم المنصوري شاركت ضمن التحالف الدولي على «داعش» وكانت ضمن من قصفوا معاقل العصابات الإرهابية بالقرب من مدن سورية مثل الرقة وحلب وإدلب.
وقبل أسابيع، أعلنت وزارة الدفاع الفرنسية أن طائرات من طراز «رافال» وصلت إلى قاعدة الظفرة الجوية في الإمارات لتعزيز القوات الفرنسية المشاركة في التحالف الدولي ضد «داعش» في العراق.