أكد وكيل وزارة الخارجية للشؤون الإقليمية ومجلس التعاون سعادة السفير حمد العامر الاجتماع الوزاري المشترك بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية و الاتحاد الأوروبي الذي ستشهده العاصمة المنامة يوم الاحد الموافق 30 يونيه 2013 ، يؤكد مكانة مملكة البحرين الدولية وعمق العلاقات الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول الاتحاد الاوروبي.
ونفى العامر أن تكون دول مجلس التعاون قد فشلت في توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي، بعد تعليق بند فرض رسوم صادرات دول المجلس، مشيرا إلى استكمال برنامج العمل الأول والتريث في المرحلة الثانية إلى حين استكمال تقييم شامل يتم على ضوئه تحديد التوجه الخليجي في فتح المفاوضات التجارية مع الدول والمجموعات الاقتصادية الدولية
إلا أنه وفي الوقت نفسه أبدى تفاؤله بأن " تقييم الفريق التفاوضي حسب القرار الوزاري الأخير سينتج عنه موقف جديد ليتم تحريك المياه الراكدة في هذا الخصوص مع الشريك التجاري الأول لدول مجلس التعاون". مؤكدا أن تفهم الاتحاد الاوربي لبند رسوم الصادرات سيؤدي إلى تعزيز أكبر للعلاقات بين الجانبين".
جاء ذلك في لقاء اجرته وكالة انباء البحرين مع سعادة السفير العامر حول الاجتماع الوزاري الخليجي الأوروبي المرتقب، والذي أكد فيه أيضا على توافق توجهات الجانبين حيال الكثير من القضايا السياسية الإقليمية والعالمية، أهمها الأزمة السورية والملف النووي الإيراني، ومالهما من انعكاسات على المنطقة، بالإضافة إلى تحقيق السلام الشامل والعادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والمبادرة الخليجية الثانية في اليمن.
وذكر السفير العامر أن طاولة الاجتماع ستبحث هذه القضايا في ضوء المستجدات، بالإضافة إلى مواضيع أخرى مثل استمرار احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث، وجوانب العمل المشترك بين الطرفين فيما يتعلق بالتطورات الاقتصادية وجوانب تعزيزها بين الطرفين ، وفيما

يلي نص اللقاء ...

- في يونيه عام 1988 استضافت المنامة اجتماع المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في قمته التاسعة حيث جرى التوقيع على الاتفاقية الإطارية بين دول المجلس والاتحاد الأوربي (الجماعة الأوربية حينها)، والآن يعقد الاجتماع الوزاري الخليجي الأوربي المشترك في المنامة، كيف تقيِّمون علاقات التعاون المشترك في إطار هذه الاتفاقية طيلة تلك السنوات؟

في الحقيقة فإن علاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي تاريخية قديمة، وهي ذات أهمية سياسية واستراتيجية واقتصادية وتجارية، والاتفاقية الاطارية المشار إليها، كانت لتأطير هذه العلاقات ووضعها في مسارها الصحيح ، نظرا للأهمية التي أكدتها هذه العلاقات بين الجانبين.
هناك مجالات تعاون مهمة موجودة بين الطرفين، منها ما يتعلق بالاستثمار والطاقة، وطبعا كما هو معروف فالطاقة مهمة بالنسبة للاتحاد الأوروبي خاصة بعد حرب الأيام الستة (حرب 67) ومشاكل امدادات النفط التي واجهتها أوروبا, فكان على الأوروبيين أن يضعوا مثل هذا التطوير والتعزيز في العلاقات لضمان وصول امدادات النفط إليهم.
هذه الاتفاقية كانت جزء من هذه العملية، وهناك نواحي أخرى تتعلق بالتجارة وتطويرها ، التدريب في الجمارك ،خبراء في الصحة، على سبيل المثال وليس الحصر، لكن يبقى الموضوع الأهم في إطار العمل المشترك بيننا وبينهم هو التوصل إلى اتفاقية في التجارة الحرة وهذا الملف مهم جدا بالنسبة لنا.

- فيما يتعلق بالبند المعطل في الاتفاقية، وحسب تصريحات كثيرة أخيرة، فهناك تعنت من الجانب الاوربي بخصوصه، ما هو تعليقكم؟
أولا وبالنسبة لموضوع الاتفاقية، فقد تم الانتهاء من معظم المواضيع المتعلقة بها، عدا بند رسوم الصادرات الذي طلبته دول مجلس التعاون، وهو يستند على بند في اتفاقية التجارة الحرة لمنظمة التجارة العالمية في إعطاء الدول الحق في فرض رسوم صادرات، هذا من جهة.
في السياق نفسه، فإن وجهة نظر الجانب الاوربي تقوم على انه ليس من مانع في فرض رسوم ولكن أن تكون في فترة معينة ، (3 – 5 سنوات مثلا ) على اساس ان تتمكن دول الخليج كدول نامية من إدخال منتجاتها إلى السوق الأوروبية واستطاعت تمكين نفسها.
والحقيقة أننا في دول مجلس التعاون الخليجي لم نصل حتى الآن إلى حل توافقي حول الموضوع ، ولكننا قمنا بتفعيل ما يتعلق بالتعاون الثنائي المنصوص عليه في الاتفاقية الاطارية الموقعة في عام 1988 فكان لدينا برنامج العمل المشترك في مجالات متعددة كالطاقة والتعليم و الجمارك والبيئة و الاستثمار وغيرها .

- هل اتخذت المنامة كل الاستعدادات اللازمة لهذا الاجتماع ؟ وما الزخم الذي تتوقعون أن يحظى به الاجتماع نتيجة لانعقاده في مملكة البحرين؟
مؤكد أن مملكة البحرين قد استعدت للاجتماع بشكل جيد، وكما هو معروف فإن الحضور سيشمل حوالي 27 وزيرا من اوروبا، بين وزراء دول ووكلاء وسفراء، إلا أن وجود 27 دولة أوروبية في البحرين إلى جانب 6 وزراء من دول مجلس التعاون الخليجي، هذا بحد ذاته زخم كبير، وتظاهرة سياسية مهمة تؤكد مكانة البحرين الدولية، كما تؤكد عمق العلاقات الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول الاتحاد الاوروبي.
من جانب آخر، ومما لاشك فهو يعطي انعكاسا طيبا عن التطور في البحرين وقوة الاقتصاد فيها، فضلا عن ثقة المجتمع الدولي في المملكة ودورها النشط في المحافل الدولية.
- ما هي أهم القضايا المطروحة على طاولة البحث مع الأوربيين في المنامة ؟ وما مدى التوافق بينكم وبين الاتحاد الأوربي إزاء مجمل هذه القضايا؟
هناك الكثير من المواضيع التي ستناقش ، طبعا ينقسم جدول الاعمال إلى قسمين ، اقتصادي؛ يتعلق بالتطورات الاقتصادية بين الجانبين واهم الطرق لدعمها وتعزيزها، في حين يتعلق الجانب الثاني بالقضايا السياسية والعالمية، ومما تجدر الإشارة إليه على هذا الصعيد التفاهم الكبير والمهم جدا بيننا وبين الاتحاد الاوروبي حيال مواقفنا من القضايا الاقليمية .
فمثلا وبخصوص عملية السلام في الشرق الاوسط ، فالاتحاد الأوروبي يقف موقفا يكاد يكون متطابقا من موقف دول مجلس التعاون من حيث أهمية ان يكون هناك سلام عادل وكامل وشامل بين فلسطين وإسرائيل واهمية أن تكون العاصمة القدس الشرقية وقيام الدولة الفلسطينية أو قيام الدولتين إلى جانب دعمهم لمبادرة السلام العربية وموضوع المستوطنات، هي كلها مواضيع يتفق الطرفان عليها.
الأزمة السورية مثال آخر، فهناك ايضا رغبة من الجانبين في ايجاد حل سياسي شامل من أجل وقف إراقة الدماء وما يتعرض له الشعب السوري، وتحقيق تطلعاته في الإصلاح والديمقراطية.
من جانب آخر الملف النووي الإيراني، حيث نتفق مع الاتحاد الأوروبي على أن يكون لإيران سياسة " شفافية " واضحة جدا في هذا الموضوع ، ليس فقط لخطورته على المنطقة فحسب ، ولكن أيضا بسبب خطورته البيئية خاصة بعد زلزال بوشهر وما تعرض له مفاعل بوشهر النووي، وأي تسرب لا ندرك آثاره ، ما يضيف إلى الخطر الأمني والعسكري الخطر البيئي.
كما يأتي موضوع اليمن ضمن المواضيع المتفق عليها ، حيث يدعم الاتحاد الأوروبي المبادرة الخليجية الثانية في اليمن ، فضلا عن وجود سفارة لهم هناك ، فيما نعتزم تحويل مكتب مجلس التعاون في اليمن إلى سفارة بعد ان توافقت دول المجلس على هذا التوجه. ناهيك عن باقي المواضيع المختلفة مثل الارهاب والقرصنة التي تتوافق وجهات نظرنا فيها.

- هل هناك جانب تختلفون فيه من حيث الرؤى أو وجهات النظر؟
ليس تماما، إلا أننا قد نختلف أحيانا في مواضيع تتعلق بحقوق الإنسان، فنحن ننظر إلى موضوع حقوق الإنسان على اساس انه امر شامل وعام ومبادئ نتعاون فيها ، وليس بطريقة انتقائية لحالات فردية معينة ، ما نريده هو التعاون والاستفادة من الخبرات السابقة في الإصلاحات، وليس طرح مواضيع خاصة في اجتماعاتنا، يمكن أن تطرح في مؤسسات متخصصة أنشئت لهذا الغرض.
- أكدتم سعادتكم على الاتفاق في المواقف بخصوص تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، هل من مستجدات يمكن أن يبحثها الاجتماع الوزاري في المنامة خاصة في ظل مبادرة السلام العربية وما جرى الحديث عنه عن إمكانية تبادل أراضي وجولات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في المنطقة وغير ذلك؟
طبعا وكما ذكرت فهذا بند اساسي ومن اهم المواضيع التي سوف تناقش ، ولاشك انه سيناقش على ضوء التطورات الحاصلة ، من جانب آخر زيارة جون كيري مهمة للتعرف على اهم الافكار والرؤى لتحريك عملية السلام ، وفي الحقيقة فهناك استياء من الجانبين من الجمود الحاصل في عملية السلام ، حيث تعتبر إسرائيل هي المتعنت الأكبر بسبب اصرارها على اقامة المستوطنات، والاتحاد الأوروبي يعترض بكل وضوح ويقف مع دول مجلس التعاون في موقفها. ونتطلع فعلا ان نستطيع بالتعاون مع المجتمع الدولي ان نضغط على اسرائيل لتغير مواقفها لتسير في ركب قيام الدولة الفلسطينية على ترابها الوطني.
- الشهر الماضي وفي تصريح لكم تعقيبا على تصريح مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية ذكرتم أن " إن التصريحات تهديدات عدائية وإساءة صريحة ومباشرة لعلاقات إيران مع دول مجلس التعاون، وسوف تكون لها نتائج خطيرة على أمن واستقرار منطقة الخليج العربي والعالم العربي، والأمن والسلم الدوليين". في حين تأتي اليوم تصريحات الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني التي تنص أن أولويات إيران هي استعادة علاقاتها الدبلوماسية مع دول الخليج. ماهي السيناريوهات المحتملة لهذه العلاقات بتصوركم؟

نحن دائما ننظر إلى إيران على أنها دولة او جارة مسلمة ، ونرغب دائما ان تكون لنا معها علاقات ودية وتعاون وثقة وحسن جوار تقوم على عدم التدخل في الشؤون الداخلية، هذا هو اساس رغبتنا وعلاقتنا الذي نضعه دائما في الاعتبار .
وايران دولة مهمة جدا في المنطقة ولا يمكن تحييد دورها ، إلا أنني أكرر أننا دائما نسعى لأن تكون العلاقات ثابتة واضحة مبينة على الثقة وحسن الجوار. فعندما يقول الرئيس الايراني المنتخب حسن روحاني أن توجهه هو استعادة العلاقات الدبلوماسية، فهو توجه طيب نرحب به ونتمنى ان تكون تنعكس المستجدات المستقبلية على الواقع ان شاء الله لمستقبل مشرق وجديد في العلاقات الدبلوماسية وعلاقات الجوار، ليس على مستوى البحرين فحسب، بل على مستوى دول المجلس ككل في ان يكون لها علاقات وطيدة مع إيران.
وإذا ما تمكنت دول مجلس التعاون من بناء علاقات طيبة متماسكة تقوم على الاحترام المتبادل وعدم استخدام القوة في حل المنازعات، فإن ذلك من شأنه حتما أن يعيد الثقة ، ويأتي موضوع الجزر الإماراتية الثلاث مثالا في هذا الصدد .
كما من شأن ذلك ككل أن يساعد على الاستقرار في منطقة الخليج والتي تتوفر على 40 – 45 في المئة من الإمدادات النفطية، وعليه فإن رخاء العالم واستقراره يعتمد عليها.
- أشرت آنفا إلى الملف النووي الإيراني ، وفي إطار الحديث عن تصريحات الرئيس روحاني يأتي تلميح الأخير إلى انتهاء وقت وقف البرنامج النووي وحق بلاده في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية. ما تعليقكم على ذلك؟
قضية الملف النووي قضية مجتمع دولي وليست حكرا على اهتمام دول الخليج فقط ، وقد بدأ المجتمع الدولي عن طريق مجموعة الخمسة زائد واحد (Five plus one) ، في محادثات مع إيران، إلا أن المطلوب من ايران – مرة أخرى - الشفافية الواضحة في برنامجها النووي،حتى يطمئن المجتمع الدولي لتوجهها السلمي.
اذا ارادت إيران تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية فهذا حقها ، وإذا ما افترضنا ان التوجه صحيح فيجب ان تكون هناك شفافية في الملف ككل ، كما يجب أن يكون هناك التزام بكل الشروط وكل المواد الموجودة في هيئة الطاقة الدولية ، كأن يتم السماح بالزيارات لمعاينة المفاعلات النووية. وإذا ما اطمئن المجتمع الدولي لذلك، فلا اشك في وجود عرقلة ، فمن حق كل دولة ان يكون لها طاقة نووية للأغراض السلمية.
- ماذا بخصوص المستجدات في الصراع السوري؟
كما ذكرت فسوريا من النقاط المهمة على طاولة البحث وموقف دول مجلس التعاون واضح في الاجتماع الأخير في الدوحة لـ " أصدقاء سوريا " الذي اعطى الضوء الأخضر لتسليح المعارضة كل بطريقته ، هذا من جانب . من جانب آخر الاتحاد تحركه ايجابي بالنسبة لوضع نوع من التوازن على الارض، لكن مما لاشك فيه ان البحرين والمجلس وضعوا في اعتبارهم ايجاد حل سياسي شامل يحقق للشعب السوري تطلعاته واقامة النظام الذي يختاره. هذا هو هدفنا الأساسي وما يهمنا من الناحية الانسانية هو وقف القتال وإراقة الدماء البريئة.
- إدانة حزب الله وتدخل إيران في سوريا من جانبكم كان صريحا ، هل تتوقعون من الأوربيين إدانة صريحة لتدخلات إيران وحزب الله على الأرض في سوريا؟
نتمنى ذلك ودول مجلس التعاون تطلب من الاتحاد الأوروبي ان يأخذ هذ الموقف واعتقد ان المواقف الاوروبية ككل في هذا الخصوص جيدة ، كما أن موضوع التدخل الإيراني سيأخذ نصيبه على طاولة النقاش.
- وماذا عن استمرار احتلال إيران للجزر الإمارتية الثلاث؟
هذا الموضوع أيضا سيطرح ، فهو في النهاية موضوع خليجي مهم ونتطلع لاستجابة ايران لدعوات الامارات للمفاوضات المباشرة ، وستكون استجابة إيران فعلا بمثابة توجه مستقبلي لتحسين العلاقات بين دول المجلس وبادرة مهمة لإثبات حسن النوايا التي تتضمنها تصريحات الرئيس الإيراني الجديد.