بنا - أكد وكيل وزارة الخارجية للشؤون الإقليمية ومجلس التعاون السفير حمد العامر أن الاجتماع الوزاري المشترك بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والاتحاد الأوروبي الذي ستشهده العاصمة المنامة يوم الأحد المقبل، يؤكد مكانة البحرين الدولية وعمق العلاقات الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول الاتحاد الأوروبي. ونفى السفير حمد العامر، في حوار مع وكالة أنباء البحرين (بنا)، أن تكون دول مجلس التعاون قد فشلت في توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي، بعد تعليق بند فرض رسوم صادرات دول المجلس، مشيراً إلى استكمال برنامج العمل الأول والتريث في المرحلة الثانية إلى حين استكمال تقييم شامل يتم على ضوئه تحديد التوجه الخليجي في فتح المفاوضات التجارية مع الدول والمجموعات الاقتصادية الدولية. إلا أنه وفي الوقت نفسه أبدى تفاؤله بأن «تقييم الفريق التفاوضي حسب القرار الوزاري الأخير سينتج عنه موقف جديد ليتم تحريك المياه الراكدة في هذا الخصوص مع الشريك التجاري الأول لدول مجلس التعاون». مؤكداً أن تفهم الاتحاد الأوروبي لبند رسوم الصادرات سيؤدي إلى تعزيز أكبر للعلاقات بين الجانبين.
وأكد العامر توافق توجهات الجانبين حيال الكثير من القضايا السياسية الإقليمية والعالمية، أهمها الأزمة السورية والملف النووي الإيراني، ومالهما من انعكاسات على المنطقة، إضافة إلى تحقيق السلام الشامل والعادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والمبادرة الخليجية الثانية في اليمن. وذكر السفير العامر أن طاولة الاجتماع ستبحث هذه القضايا في ضوء المستجدات، إضافة إلى مواضيع أخرى مثل استمرار احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث، وجوانب العمل المشترك بين الطرفين في ما يتعلق بالتطورات الاقتصادية وجوانب تعزيزها بين الطرفين. وفي ما يلي نص اللقاء...
كيف تقيمون علاقات التعاون المشترك بين دول الخليج والاتحاد الأوروبي في إطار الاتفاقية الإطارية بينهما منذ عام 1988؟
في الحقيقة فإن علاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي تاريخية قديمة، وهي ذات أهمية سياسية واستراتيجية واقتصادية وتجارية، والاتفاقية الإطارية المشار إليها، كانت لتأطير هذه العلاقات ووضعها في مسارها الصحيح ، نظرا للأهمية التي أكدتها هذه العلاقات بين الجانبين.
هناك مجالات تعاون مهمة موجودة بين الطرفين، منها ما يتعلق بالاستثمار والطاقة، وطبعاً كما هو معروف فالطاقة مهمة بالنسبة للاتحاد الأوروبي خاصة بعد حرب الأيام الستة (حرب 67) ومشاكل إمدادات النفط التي واجهتها أوروبا، فكان على الأوروبيين أن يضعوا مثل هذا التطوير والتعزيز في العلاقات لضمان وصول إمدادات النفط إليهم.
هذه الاتفاقية كانت جزءاً من هذه العملية، وهناك نواحٍ أخرى تتعلق بالتجارة وتطويرها، التدريب في الجمارك، خبراء في الصحة، على سبيل المثال وليس الحصر، لكن يبقى الموضوع الأهم في إطار العمل المشترك بيننا وبينهم هو التوصل إلى اتفاقية في التجارة الحرة وهذا الملف مهم جدا بالنسبة لنا.
في ما يتعلق بالبند المعطل في الاتفاقية، وحسب تصريحات كثيرة أخيرة، فهناك تعنت من الجانب الأوروبي بخصوصه، ما هو تعليقكم؟
أولاً وبالنسبة لموضوع الاتفاقية، فقد تم الانتهاء من معظم المواضيع المتعلقة بها، عدا بند رسوم الصادرات الذي طلبته دول مجلس التعاون، وهو يستند على بند في اتفاقية التجارة الحرة لمنظمة التجارة العالمية في إعطاء الدول الحق في فرض رسوم صادرات، هذا من جهة.
في السياق نفسه، فإن وجهة نظر الجانب الأوروبي تقوم على أنه ليس من مانع في فرض رسوم ولكن أن تكون في فترة معينة ، (3-5 سنوات مثلاً) على أساس أن تتمكن دول الخليج كدول نامية من إدخال منتجاتها إلى السوق الأوروبية واستطاعت تمكين نفسها.
والحقيقة أننا في دول مجلس التعاون الخليجي لم نصل حتى الآن إلى حل توافقي حول الموضوع، ولكننا قمنا بتفعيل ما يتعلق بالتعاون الثنائي المنصوص عليه في الاتفاقية الإطارية الموقعة في عام 1988 فكان لدينا برنامج العمل المشترك في مجالات متعددة كالطاقة والتعليم و الجمارك والبيئة والاستثمار وغيرها.
هل اتخذت المنامة كل الاستعدادات اللازمة لهذا الاجتماع ؟ وما الزخم الذي تتوقعون أن يحظى به الاجتماع نتيجة لانعقاده في البحرين؟
البحرين استعدت للاجتماع بشكل جيد، وكما هو معروف فإن الحضور سيشمل حوالي 27 وزيراً من أوروبا، بين وزراء دول ووكلاء وسفراء، إلا أن وجود 27 دولة أوروبية في البحرين إلى جانب 6 وزراء من دول مجلس التعاون الخليجي، هذا بحد ذاته زخم كبير، وتظاهرة سياسية مهمة تؤكد مكانة البحرين الدولية، كما تؤكد عمق العلاقات الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول الاتحاد الأوروبي.
من جانب آخر، ومما لاشك فهو يعطي انعكاساً طيباً عن التطور في البحرين وقوة الاقتصاد فيها، فضلاً عن ثقة المجتمع الدولي في المملكة ودورها النشط في المحافل الدولية.
ما هي أهم القضايا المطروحة على طاولة البحث مع الأوربيين في المنامة؟ وما مدى التوافق بينكم وبين الاتحاد الأوربي إزاء مجمل هذه القضايا؟
هناك الكثير من المواضيع التي ستناقش، طبعاً ينقسم جدول الأعمال إلى قسمين، اقتصادي؛ يتعلق بالتطورات الاقتصادية بين الجانبين واهم الطرق لدعمها وتعزيزها، في حين يتعلق الجانب الثاني بالقضايا السياسية والعالمية، ومما تجدر الإشارة إليه على هذا الصعيد التفاهم الكبير والمهم جدا بيننا وبين الاتحاد الأوروبي حيال مواقفنا من القضايا الإقليمية.
فمثلاً وبخصوص عملية السلام في الشرق الأوسط ، فالاتحاد الأوروبي يقف موقفاً يكاد يكون متطابقاً من موقف دول مجلس التعاون من حيث أهمية أن يكون هناك سلام عادل وكامل وشامل بين فلسطين وإسرائيل وأهمية أن تكون العاصمة القدس الشرقية وقيام الدولة الفلسطينية أو قيام الدولتين إلى جانب دعمهم لمبادرة السلام العربية وموضوع المستوطنات، هي كلها مواضيع يتفق الطرفان عليها.
الأزمة السورية مثال آخر، فهناك أيضاً رغبة من الجانبين في إيجاد حل سياسي شامل من أجل وقف إراقة الدماء وما يتعرض له الشعب السوري، وتحقيق تطلعاته في الإصلاح والديمقراطية.
من جانب آخر الملف النووي الإيراني، حيث نتفق مع الاتحاد الأوروبي على أن يكون لإيران سياسة « شفافية « واضحة جداً في هذا الموضوع ، ليس فقط لخطورته على المنطقة فحسب، ولكن أيضاً بسبب خطورته البيئية خاصة بعد زلزال بوشهر وما تعرض له مفاعل بوشهر النووي، وأي تسرب لا ندرك آثاره، ما يضيف إلى الخطر الأمني والعسكري الخطر البيئي.
كما يأتي موضوع اليمن ضمن المواضيع المتفق عليها، حيث يدعم الاتحاد الأوروبي المبــــادرة الخليجيـــــة الثانية في اليمن، فضلاً عن وجود سفارة لهم هناك، فيما نعتزم تحويل مكتب مجلس التعاون في اليمن إلى سفارة بعد أن توافقت دول المجلس على هذا التوجه. ناهيك عن باقي المواضيع المختلفة مثل الإرهاب والقرصنة التي تتوافق وجهات نظرنا فيها.
هل هناك جانب تختلفون فيه من حيث الرؤى أو وجهات النظر؟
ليس تماماً، إلا أننا قد نختلف أحياناً في مواضيع تتعلق بحقوق الإنسان، فنحن ننظر إلى موضوع حقوق الإنسان على أساس أنه أمر شامل وعام ومبادئ نتعاون فيها، وليس بطريقة انتقائية لحالات فردية معينة، ما نريده هو التعاون والاستفادة من الخبرات السابقة في الإصلاحات، وليس طرح مواضيع خاصة في اجتماعاتنا، يمكن أن تطرح في مؤسسات متخصصة أنشئت لهذا الغرض.
أكدتم سعادتكم على الاتفاق في المواقف بخصوص تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، هل من مستجدات يمكن أن يبحثها الاجتماع الوزاري في المنامة خاصة في ظل مبادرة السلام العربية وما جرى الحديث عنه عن إمكانية تبادل أراضي وجولات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في المنطقة وغير ذلك؟
طبعاً وكما ذكرت فهذا بند أساسي ومن أهم المواضيع التي سوف تناقش، ولاشك أنه سيناقش على ضوء التطورات الحاصلة، من جانب آخر زيارة جون كيري مهمة للتعرف على أهم الأفكار والرؤى لتحريك عملية السلام، وفي الحقيقة فهناك استياء من الجانبين من الجمود الحاصل في عملية السلام، حيث تعتبر إسرائيل هي المتعنت الأكبر بسبب إصرارها على إقامة المستوطنات، والاتحاد الأوروبي يعترض بكل وضوح ويقف مع دول مجلس التعاون في موقفها.
ونتطلع فعلاً أن نستطيع بالتعاون مع المجتمع الدولي أن نضغط على إسرائيل لتغير مواقفها لتسير في ركب قيام الدولة الفلسطينية على ترابها الوطني.
ما هي السيناريوهات المحتملة للعلاقات البحرينية الإيرانية بتصوركم؟
نحن دائماً ننظر إلى إيران على أنها دولة أو جارة مسلمة، ونرغب دائماً أن تكون لنا معها علاقات ودية وتعاون وثقة وحسن جوار تقوم على عدم التدخل في الشؤون الداخلية، هذا هو أساس رغبتنا وعلاقتنا الذي نضعه دائماً في الاعتبار.
وإيران دولة مهمة جداً في المنطقة ولا يمكن تحييد دورها، إلا أنني أكرر أننا دائماً نسعى لأن تكون العلاقات ثابتة واضحة مبينة على الثقة وحسن الجوار. فعندما يقول الرئيس الإيراني المنتخب حسن روحاني إن توجهه هو استعادة العلاقات الدبلوماسية، فهو توجه طيب نرحب به ونتمنى أن تكون تنعكس المستجدات المستقبلية على الواقع إن شاء الله لمستقبل مشرق وجديد في العلاقات الدبلوماسية وعلاقات الجوار، ليس على مستوى البحرين فحسب، بل على مستوى دول المجلس ككل في أن يكون لها علاقات وطيدة مع إيران.
وإذا ما تمكنت دول مجلس التعاون من بناء علاقات طيبة متماسكة تقوم على الاحترام المتبادل وعدم استخدام القوة في حل المنازعات، فإن ذلك من شأنه حتماً أن يعيد الثقة، ويأتي موضوع الجزر الإماراتية الثلاث مثالاً في هذا الصدد.
كما من شأن ذلك ككل أن يساعد على الاستقرار في منطقة الخليج والتي تتوفر على 40-45% من الإمدادات النفطية، وعليه فإن رخاء العالم واستقراره يعتمد عليها.
أشرت آنفاً إلى الملف النووي الإيراني، وفي إطار الحديث عن تصريحات الرئيس روحاني يأتي تلميح الأخير إلى انتهاء وقت وقف البرنامج النووي وحق بلاده في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية. ما تعليقكم على ذلك؟
قضية الملف النووي قضية مجتمع دولي وليست حكراً على اهتمام دول الخليج فقط، وقد بدأ المجتمع الدولي عن طريق مجموعة الخمسة زائد واحد (Five plus one)، في محادثات مع إيران، إلا أن المطلوب من إيران -مرة أخرى- الشفافية الواضحة في برنامجها النووي، حتى يطمئن المجتمع الدولي لتوجهها السلمي.
إذا أرادت إيران تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية فهذا حقها، وإذا ما افترضنا أن التوجه صحيح فيجب أن تكون هناك شفافية في الملف ككل، كما يجب أن يكون هناك التزام بكل الشروط وكل المواد الموجودة في هيئة الطاقة الدولية، كأن يتم السماح بالزيارات لمعاينة المفاعلات النووية. وإذا ما اطمئن المجتمع الدولي لذلك، فلا أشك في وجود عرقلة، فمن حق كل دولة أن يكون لها طاقة نووية للأغراض السلمية.
ماذا بخصوص المستجدات في الصراع السوري؟
كما ذكرت فسوريا من النقاط المهمة على طاولة البحث وموقف دول مجلس التعاون واضح في الاجتماع الأخير في الدوحة لـ»أصدقاء سوريا» الذي أعطى الضوء الأخضر لتسليح المعارضة كل بطريقته، هذا من جانب. من جانب آخر الاتحاد تحركه إيجابي بالنسبة لوضع نوع من التوازن على الأرض، لكن مما لاشك فيه أن البحرين والمجلس وضعوا في اعتبارهم إيجاد حل سياسي شامل يحقق للشعب السوري تطلعاته وإقامة النظام الذي يختاره.
هذا هو هدفنا الأساسي وما يهمنا من الناحية الإنسانية هو وقف القتال وإراقة الدماء البريئة.
إدانة حزب الله وتدخل إيران في سوريا من جانبكم كان صريحاً، هل تتوقعون من الأوروبيين إدانة صريحة لتدخلات إيران وحزب الله على الأرض في سوريا؟
نتمنى ذلك ودول مجلس التعاون تطلب من الاتحاد الأوروبي أن يأخذ هذا الموقف وأعتقد أن المواقف الأوروبية ككل في هذا الخصوص جيدة، كما إن موضوع التدخل الإيراني سيأخذ نصيبه على طاولة النقاش.
وماذا عن استمرار احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث؟
هذا الموضوع أيضاً سيطرح، فهو في النهاية موضوع خليجي مهم ونتطلع لاستجابة إيران لدعوات الإمارات للمفاوضات المباشرة، وستكون استجابة إيران فعلاً بمثابة توجه مستقبلي لتحسين العلاقات بين دول المجلس وبادرة مهمة لإثبات حسن النوايا التي تتضمنها تصريحات الرئيس الإيراني الجديد.