«حوار المنامة» منتدى فكري له أهميته بالنسبة للعمل المشترك ومواجهة تحديات المنطقة العربية
توافق مصري خليجي على أن الحلول العسكرية لا تؤدي لاستقرار بل توتر المنطقة
أيديولوجيات تنقض على إرادة الشعب باللجوء لأعمال عسكرية تعدت الإنسانية
الدعم الخليجي لمصر محل تقدير وامتنان من شعبها
دول إقليمية ودولية تعيد صياغة وضع المنطقة ولا بد من مواجهة تلك التدخلات
مجلس التعاون الخليجي صاحب القرار في انضمام مصر إليه
إدراج الإخوان على قائمة الإرهاب بسبب ضلوعها في سفك الدماء والعنف
الانتقادات الأمريكية لمصر حول حقوق الإنسان نظرة غير مدركة للأوضاع
الدستور المصري يكفل حقوق الإنسان بشكل يفوق نظم سياسية أخرى
النظرة الشاملة في التعامل مع الإرهاب تقضي عليه.. والازدواجية تقويه
لا يمكن القضاء على الإرهاب وهناك دول تدعمه وتوظفه لأغراض سياسية
كتب - وليد صبري:
أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري أن «الدين أسمى من أن يكون جزء من معادلة وضعية مرتبطة بتسيير السياسة»، مشيراً إلى أن «هناك أيديولوجيات سعت للانقضاض على إرادة الشعوب وتفكيك كيان الدولة القومية من خلال اللجوء لأعمال عسكرية تعدت الإنسانية»، فيما شدد على أن «قرار الحكومة المصرية بإدراج جماعة «الإخوان المسلمين» على قائمة الإرهاب لم يأت من فراغ، ولكن من خلال أدلة وقرائن وممارسات على ضلوع الجماعة في العنف وسفك الدماء».
وأضاف وزير الخارجية المصري خلال لقاء خاص مع ممثلي الصحف ووسائل الإعلام في البحرين على هامش مشاركته في مؤتمر «حوار المنامة» أن «هناك دولاً إقليمية ودولية تعيد صياغة وضع المنطقة العربية ولا بد من مواجهة تلك التدخلات»، معتبراً أن «الانتقادات الأمريكية لمصر حول حقوق الإنسان نظرة غير مدركة للأوضاع»، لافتاً إلى أن «الدستور المصري يكفل حقوق الإنسان بشكل يفوق نظم سياسية أخرى».
وأشاد شكري «بنجاح الانتخابات النيابية والبلدية في البحرين» مؤكداً أن «ذلك ينطلق بالمملكة نحو مسار سياسي وتنموي يعود بالنفع على شعبها»، مبيناً أن «حوار المنامة» منتدى فكري له أهميته بالنسبة للعمل المشترك ومواجهة تحديات المنطقة العربية».
وأوضح شكري أن اللقاءات التي عقدها في البحرين خاصة لقاؤه بحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، ووزير الخارجية الشيخ خالد بن احمد بن محمد ال خليفة، خلال حضوره مؤتمر «حوار المنامة»، أكدت على العلاقات الوثيقة بين مصر والبحرين، وأواصر المحبة والأخوة التي تجمع الشعبين الشقيقين، ومسيرة البلدين المشتركة نحو المستقبل»، مضيفاً أن «الاجتماعات واللقاءات تناولت سبل دعم العلاقات الثنائية بين البلدين وهناك رغبة في انعقاد اللجنة المشتركة، إضافة إلى مناقشة القضايا السياسية والإقليمية».
مسار سياسي وتنموي
وفي رد على سؤال لـ «الوطن» بشأن ردود الأفعال على نتائج الانتخابات النيابية والبلدية في البحرين، أفاد شكري بأن «الانتخابات النيابية والبلدية في البحرين التي جرت مؤخراً كانت محل إشادة من العالم كله»، مشيراً إلى أنها «تصب في صالح تحقيق الاستقرار وتنطلق بالمملكة نحو مسار سياسي وتنموي يعود بالنفع على أهل البحرين والأمة العربية بوجه عام». وقال إن «حوار المنامة منتدى فكري له أهميته، من خلال المشاركة رفيعة المستوى للدول الكبرى والإقليمية ما يعطي فرصة لعقد سلسلة من المشاورات الجانبية مع الأطراف الإقليمية والدولية تكون مفيدة جداً في تحديد أولويات العمل المشترك وتناول التحديات التي تواجه منطقتنا العربية وأسلوب التصدي لها».
وذكر وزير الخارجية المصري أنه «دون شك هناك تأثير من قبل دول إقليمية ودولية لإعادة صياغة وضع المنطقة العربية وهذا يؤدي إلى ضرورة مواجهة هذه التدخلات لأنها ليست بالضرورة تصب في مصلحة الشعوب العربية، ولابد أن نحدد مصلحتنا المشتركة ومصيرنا المشترك، وأن يتم السير لتحقيق هذا المستقبل بما يتواكب مع إرادة الشعوب ومصلحتنا وليس مصلحة الآخرين».
وحول الأفكار التي طرحت في «حوار المنامة» وأبرزها ألا وجود للحكم الثيوقراطي أو الحكم الديني خلال القرن الـ 21، أوضح وزير الخارجية المصري أن «الدين أسمى من أن يكون جزء من معادلة وضعية مرتبطة بتسيير السياسة والعلاقات والعمل في إطار حكم أي دولة، وإنما الأمور السياسية خاضعة لقوانين ونظم وضعية، أما الدين فهو أسمى، لأنه علاقة روحانية بين الإنسان وربه، ويجب أن تظل تلك العلاقة منزهة عن أي مساس يلحق بعنصر الصواب والخطأ، الذي يتسم بأي عمل بإدارة حكم وإدارة المشهد السياسي». وأضاف أنه «كانت هناك تجربة غير مواتية، وكان هناك إدراك أكبر أن هذه التجربة لم تكن تجربة إيجابية، ولم تؤد إلى أي غرض تنموي، أو غرض لتعزيز الاستقرار، في الدول العربية، وكان هناك فهم أكبر لما تسعى إليه هذه الأيديولوجية، من الانقضاض على إرادة الشعوب، والعمل على تحقيق مصلحة تؤدي إلى تفكيك كيان الدولة القومية، التي كانت محل استقرار المنطقة لسنوات طويلة، والعمل لشق آخر من هذا الفكر المتطرف من خلال اللجوء لأعمال عسكرية تعدت الإنسانية، وتبتعد تماماً عن السماحة التي يتسم بها الدين الإسلامي الحنيف، وارتباط الشعوب العربية والإسلامية بدينها الذي يعد ارتباطاً وثيقاً ووجدانياً، يتعدى هذه الأعمال ويرفض هذه الأعمال الوحشية».
إرهاب الإخوان
وبشأن رفض الولايات المتحدة إدراج جماعة الإخوان المسلمين على قائمة الإرهاب، أشار وزير الخارجية المصري إلى أن «القرار الذي اتخذته الحكومة المصرية بني على أساس أدلة وتقدير دقيق للموقف، ومن خلال مشهد لا تخطئه العين، فعندما تم إعلان جماعة الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً لم يأت القرار من فراغ، ولكن جاء من خلال أدلة ووثائق أكدت لجوء الجماعة للعنف وسفك الدماء، والمشهد واضح، من خلال التضحيات التي قدمتها البلاد، والأرواح التي أزهقت منذ اندلاع ثورة 30 يونيو، وعزل الرئيس محمد مرسي، رغم محاولة الجماعة الانقضاض مرة أخرى على الإرادة الشعبية، لكن الملاحظ أن هناك علاقة ترابطية بين ما حدث في 30 يونيو، وأعمال العنف وسفك الدماء التي اندلعت بعد ذلك، حتى في الإطار القضائي يمكننا استنتاج ذلك، فمثلاً من المسؤول عن زرع مفرقعات في جامعة القاهرة؟! وهل من قام بذلك طرف غير معلوم؟! ولا بد أن يكون هناك وضوح للرؤية وعلينا أن نسمي الأشياء بمسمياتها، والعلاقة سببية، لمن يقترف تلك الجرائم وبأي غرض، وما لدينا من أدلة ومن مشهد واضح ومن إقرار لدى الشعب المصري قادنا إلى هذه النتيجة، وإذا كان هناك موضوعية لدى الآخرين فأتصور أن يصلوا إلى هذه النتيجة، لكن لكل دولة سيادتها، ولكل دولة قرارها الذي يتسق مع مصلحتها، ولكن مصلحة الشعب المصري الذي يسفك دماء أبنائه كنتيجة لهذه الأعمال، وما يفقده من أرواح لقوات الأمن في دفاعها عن الشعب المصري وفي دفاعها عن استقراره بالتأكيد أن هذه التضحيات لم تذهب هباء».
تقييم نظري
وفيما يتعلق بالانتقادات الأمريكية لمصر في مجال حقوق الإنسان، أوضح شكري أن «الانتقادات الأمريكية تعد نظرة غير مدركة للوضع في مصر، وتقيم الأمور في إطار نظري، وليس في إطار عملي، في إطار التفاعلات والظروف، وفي كل دولة على حدة، وليس هناك دولة على وجه الأرض تستطيع أن تقول إنها خالية من أي نوع من التجاوزات في مجالات حقوق الإنسان، ولكن رغم ذلك فإن الدستور المصري يكرس أهمية توفير حقوق الإنسان بشكل كامل يفوق بكثير نظم سياسية أخرى، وهذه إرادة شعبية في أهداف ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وكلها تدفع إلى تسخير شعور المواطن المصري بقدره ووطنه وبحريته الفردية وحقوقه التي لا يمكن أن تكون موضع اعتداء من قبل سياسات تضعها الدولة».
وبشأن التعاون بين مصر وأمريكا في مجال مكافحة الإرهاب رغم عدم ادراج أمريكا جماعة الإخوان على قائمتها الإرهابية، أفاد وزير الخارجية المصري بأن «الحكومة المصرية ستواصل تعاونها مع كافة الأطراف الدولية بما فيها الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب»، مشيراً إلى أن «هذا ضروري حيث سيستمر إطلاع واشنطن على ما يحدث في مصر حتى تغير من رؤيتها تجاه المنظمات الإرهابية سواء في مصر أو في الوطن العربي».
وقال إن «ما زال لدى الولايات المتحدة وأطراف دولية أخرى الاستعداد لاستكشاف ما هي الحدود التي يمكن من خلالها التعامل مع تلك المنظمات، وهذا يشكل قدراً من التناقض، فإذا ما تناولنا الإرهاب فيجب أن نتناوله بشكل شامل ومجمل فلا يمكن أن نوجه أنظارنا إلى إرهاب في منطقة ونغفله في منطقة أخرى ونتعامل معه بشكل آخر في منطقة ثالثة، فالتناول الشامل هو من يقضي على هذه الظاهرة، بدلاً من أن يزكيها في منطقة، ويقضي عليها في مكان آخر».
مكافحة الإرهاب دولياً
وقال إن مصر «عضو في التحالف الدولي ضد الإرهاب لقناعتها التامة بذلك، ودعوتها السابقة عندما واجهنا الإرهاب في السبيعنيات والثمانينيات».
وأوضح أنه «لا يمكن أن نقضي على الإرهاب إلا من خلال تعاون دولي وهناك دول تدعم الإرهاب وتوظفه لأغراض سياسية سواء من حيث التمويل أو الدعم السياسي والعسكري، وفتح الحدودـ لانتقال المحاربين، وفتح المجالات لاستقطاب العناصر الأفكار المتطرفة، فإذا لم يكن هناك تصور دولي متكامل لكيفية معالجة هذه الظاهرة لن تنجح، وربما نخمد الإرهاب في منطقة فتظهر في منطقة أخرى، ونحن نكافح الإرهاب داخلياً ودولياً، لأن الإرهاب آفة تعمل على زعزعة الاستقرار، والقضاء على فرص الشعوب في التنمية والتقدم والحداثة، والعودة إلى أفكار بالية وماضية، لا تؤدي إلى أية مصلحة للشعوب».
الدعم الخليجي لمصر
وفي رد على سؤال لـ «الوطن» حول الدعم الخليجي لمصر، أفاد وزير الخارجية المصري «بأن ذلك ينم عن الإحساس المتبادل بأهمية التضامن ووحدة المصير لأن مصلحة مصر تصب في مصلحة دول الخليج والعكس، والترابط القائم بين مصر ودول الخليج هو ترابط تاريخي، فشعوب مصر والخليج مصالحهم مشتركة، وهذا الدعم محل تقدير واحترام وامتنان من المصريين».
وبشأن انضمام مصر لمنظومة مجلس التعاون الخليجي، قال وزير الخارجية المصري إن «مجلس التعاون الخليجي هو صاحب القرار في انضمام مصر إليه، وكان هناك حديث حول هذا الأمر في مرحلة ماضية، وفي هذه المرحلة، الأهم ما تظهره الغالبية العظمى من دول الخليج من اهتمام بالشأن المصري ودعم مسيرة مصر نحو مستقبل أفضل، وأن تكون مصر جزء لصيقاً بشؤون وأمن دول الخليج، فهذه السياسة بين شعوب الخليج ومصر، والتي يعبر عنها القادة على المستوى السياسي والشخصي، تفوق أي ارتباط رسمي، لكن لكل حادث حديث».
لا للحل العسكري
وحول التوافق المصري الخليجي بشأن الأوضاع في العراق وسوريا وليبيا، قال شكري إن «هناك توافق على أن الحلول العسكرية لا تؤدي إلى استقرار، بل تؤدي إلى توتر المشهد السياسي في المنطقة، ولابد من التعامل مع القضايا الملحة في المنطقة وفقاً لإرادة الشعوب وفي إطار التفاهم السياسي الذي يصل إلى الوحدة الوطنية، ويلبي احتياجات الشعوب العربية، في التنمية والتطور السياسي والاقتصادي والثقافي، وفيما يتعلق بالتكامل فيما بينهم، وكل ذلك يزكي من الإطار السياسي، فهذا مبدأ أصيل يواجه بتحدي، نظراً لوجود صراعات مسلحة، وحتى الآن، لا توجد إرادة دولية وليست إقليمية، لمحاصرة التحركات العسكرية لأنه في النهاية اللجوء للقوة من شأنه تدمير وتشريد شعوب المنطقة، وما يحدث للشعب السوري خير دليل على ذلك، وما حدث للشعب العراقي على مدار عقد كامل، فالحلول العسكرية تتأثر بها الشعوب، سواء في سوريا أو العراق أو ليبيا أو اليمن أو في الأراضي المحتلة والضفة وغزة، فلابد من محاصرة تلك المآسي والقضاء عليها».