الرياض - (إيلاف): تستضيف العاصمة القطرية الدوحة، خلال اليومين المقبلين اجتماعات الدورة الـ 35 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، في ظل ظروف وأحداث استثنائية تعصف بالمنطقة. ولم تكن فكرة إنشاء اتحاد اندماجي لدول الخليج العربي يعمل على توحيد السياسة الخارجية وليدة اللحظة، إنما ساهمت في إنشائه أحداث متتابعة، ابتداء بالانسحاب البريطاني من الخليج، وغزو الاتحاد السوفييتي لأفغانستان وأزمة الطاقة والحرب العراقية الإيرانية، ما استدعى دول الخليج للإعلان في مايو 1981 عن إنشاء المجلس بهدف التنسيق والتعاون في مجال السياسة والاقتصادية والأمنية.
وحقق المجلس العديد من الإنجازات على صعد متنوعة أبرزها ما كان على الصعيد العسكري، وهو إقرار المجلس الأعلى في شهر ديسمبر 1994 مشروع الاتفاقية الأمنية لدول المجلس، وكذلك إقراره لاتفاقية الدفاع المشترك بين دول المجلس في ديسمبر 2000، واتفاقية دول مجلس التعاون لمكافحة الإرهاب في عام 2003، حيث اعتبرت تلك الاتفاقيات مرتكزات أساسية في التعاون العسكري، اذ أكدت على عزم دول الخليج للدفاع عن نفسها بصورة جماعية، انطلاقاً من أن أي خطر يهدد إحداها إضافة إلى تعزيز التكامل والترابط، وتطوير الإمكانات الدفاعية وصولاً للتكامل الدفاعي والعمل الجماعي، وتعتبر قوات درع الجزيرة المشتركة ضمن هذه الإنجازات البارزة.
أما على صعيد السياسة الخارجية، فتنامى دور منطقة الخليج من خلال الموقف والأداء السياسي الموحد وصياغة مواقف مشتركة تجاه القضايا السياسية، التي تهم دول مجلس التعاون، والتي من أبرزها العمل على إنهاء الحرب العراقية الإيرانية وتطويقها إضافة إلى تحرير الكويت، حيث كان درع الجزيرة المشتركة من أبرز القوى المشاركة في التحرير تطبيقاً لاتفاقية الدفاع المشترك، إضافة إلى الدعم الدائم والمستمر لدولة الإمارات العربية المتحدة في قضية الجزر الثلاث، وفيما يتعلق بالبحرين أكد مجلس التعاون على دعمه الكامل لمملكة البحرين والوقوف صفاً واحداً في مواجهة أي خطر تتعرض له أية دولة من دول مجلس التعاون، وقد جاء دخول قوات درع الجزيرة لمملكة البحرين التزاماً بالاتفاقيات الأمنية والدفاعية المشتركة. عربياً، كان لمجلس التعاون الخليجي دور واضح وموحد في جميع الأطر الإقليمية والعربية والدولية ففي العراق، أبدت دول مجلس التعاون، في أكثر من مناسبة، حرصها الأكيد على الوقوف مع الشعب العراقي من خلال دعم الدور المحوري للأمم المتحدة في العملية السياسية في العراق، مع دعوة القوى العراقية كافة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، تمثل كافة أطياف العراق الإثنية، والدينية، دون تمييز، وتعبّر عن تطلعات مواطنيه في إرساء دعائم عراق آمن، ومستقر، وموحد، قادر على إدارة شؤونه بنفسه، وفي مجال القضية الفلسطينية وعملية السلام كانت مواقف دول المجلس واضحة منذ تأسيسه تجاه القضية الفلسطينية وعملية السلام المتمثلة في دعمها حقوق الشعب الفلسطيني، ورفض واستنكار السياسات والإجراءات العدائية ضده، وبذل المساعي والجهود لإيجاد حل عادل وشامل ودائم للصراع العربي الإسرائيلي. كما حظي لبنان باهتمام خاص حيث كان موقف مجلس التعاون ثابتاً وواضحاً في دعمه للشعب اللبناني في المصالح الوطنية، وفيما يتعلق بالأوضاع في اليمن، قامت دول المجلس بجهود هدفت لتعزيز الحوار وتغليب المصلحة الشاملة باليمن ودعمها الكامل لوحدته وأمنه واستقراره في إطار المبادرة الخليجية، بهدف الوصول إلى توافق شامل، وتجنيب اليمن المزيد من التدهور الأمني والانقسام السياسي.
وكانت المنجزات الاقتصادية حاضرة في السوق الخليجية المشتركة التي أعلن عنها عن قيامها في الدورة الـ 28 بالدوحة في شهر ديسمبر 2007، بداية عهد جديد من التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون، حيث تكمن أهمية السوق الخليجية المشتركة في أنها تركز على المواطنة الخليجية في المجال الاقتصادي. وتشمل السوق الخليجية المشتركة 10 مسارات حددتها الاتفاقية الاقتصادية وهي التنقل والإقامة والعمل في القطاعات الحكومية والأهلية والتأمين الاجتماعي والتقاعد وممارسة المهن والحرف ومزاولة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدميـــة وتملك العقار وتنقل رؤوس الأمـــوال والمعاملة الضريبية وتداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات والاستفادة من الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية.
وفيما يتعلق بالتحديات الراهنة، اعتبر مراقبون أن التحدي الأول لدول الخليج العربي يتمثل في التحدي الأمني وتفشى ظاهرة الإرهاب التي استفحلت بأشكال مختلفة وباتت تهديداً أمنيا لدول المنطقة، خاصة مع استمرار وجود أزمات ساخنة في سوريا والعراق، تسببت في سيطرة تنظيمات إرهابية متطرفة وميليشيات ذات صبغة مذهبية على مساحات واسعة من أراضي بعض الدول العربية.
وتعد التحديات الإقليمية والعلاقات السياسية التي يكمن أهمها في مسار العلاقات الخليجية الإيرانية من أبرز تحديات المرحلة، حيث تحتاج بحسب مراقبين إلى المزيد من التفاهم والتدابير وبناء الثقة تحقيقاً للمصالح المشتركة، كما تعتبر قضايا الإصلاح والتنمية السياسية، من التحديات التي طرأت على السطح في المرحلة الماضية، حيث يرى مراقبون أن عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية لا بد أن تواكبها عملية تحديث سياسي يستوجب إيجاد صيغ للتشاور والتواصل بين الحكومة والمواطن.