الرياض - (وكالات): يبحث قادة دول مجلس التعاون الخليجي، في القمة الخليجية الـ 35 بالدوحة اليوم، قضايا عديدة، أبرزها تعزيز المنظومة الدفاعية لدول المجلس وتشكيل قيادة عسكرية مشتركة لمكافحة الإرهاب والتحديات التي تتعرض لها المنطقة، إضافة إلى النزاعات الإقليمية، وتهاوي أسعار النفط، ونفوذ إيران في المنطقة العربية، وتهديدات برنامجها النووي. وينتظر أن تبلور القمة موقفاً خليجياً موحداً من هذه القضايا. ومن المقرر أن تنتهي أعمال القمة اليوم، وسيسبق القمة الافتتاحية للقادة، عقد اجتماع لوزراء خارجية دول المجلس، تحضيراً لأعمال القمة التي سيصدر عنها بيان ختامي. وقال مراقبون إن «ترتيب البيت الخليجي يأتي على قائمة مداولات القمة، إلى جانب أولويات خارجية على رأسها العلاقات مع مصر»، مشيرين إلى أن «موقفاً واضحاً إزائها مصر سيصدر عن القمة في بيانها الختامي، ما لم تتعثر الجهود للتوصل إلى ذلك».
من جانبه، وصف قال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني، قمة الدوحة بـ «قمة الفرحة، التي تنعقد في أجواء فرحة أهل الخليج بتضامن دولهم وتمسكها بالثوابت التي جمعت بين دول المجلس ومواطنيه على مدى سنوات». من جانبه، قال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني، إن «القادة الخليجيين سيناقشون في اجتماع الدوحة الأوضاع والمستجدات الخطيرة التي تعيشها المنطقة، فهذه الأوضاع تؤثر بعمق على أمن المنطقة والأمن الإقليمي، وخاصة في ظل تصاعد خطر التنظيمات الإرهابية المتطرفة، وغياب موقف عربي تضامني، وحالة عدم الاستقرار وانعدام الأمن في بعض الدول الإقليمية، وتفاقم المعاناة الإنسانية للاجئين والمهجرين والمشردين في عدد من الدول العربية، وتزايد التدخلات الإقليمية في الشؤون العربية».
وأضاف أن «كل هذه المستجدات تفرض على دول المجلس تدارس تداعياتها وتأثيراتها على الأمن والاستقرار في دول المجلس، وعلى الأمن والسلم الإقليمي والدولي»، لافتاً إلى أن» كل هذه المسائل ستكون محل اهتمام وبحث من قبل القادة في قمة الدوحة المقبلة». وبشأن القوة العسكرية الخليجية التي سيجري بحثها في القمة، لم ترشح أنباء عن مضمونها، وما عرف إن كانت تعزيزًا لقوات درع الجزيرة أم قوة تدخل مستقلة. وقال الزياني إن «الأمانة العامة رفعت للقادة تصوراً لتعزيز العمل الخليجي المشترك في كل المجالات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والتنموية».
وأوضح الزياني أن «دول مجلس التعاون تركز جهودها إزاء التصدي لظاهرة الإرهاب اعتماداً على عدة ثوابت أساسية، من أهمها أن الإرهاب لا دين له ولا وطن، وأنه عمل دخيل على المبادئ الإسلامية والتربة الخليجية، والحكمة والتروي في التعامل مع ظاهر الإرهاب يقتضيان ألا يقتصر الأمر على الحل الأمني فقط، بل تكون الحرب على الإرهاب، متعددة الجوانب، لقناعة دول المجلس بأن الإرهاب لا يمكن تبريره بأي ظرف أو باعث أو غاية، وبالتالي يجب مكافحته بجميع أشكاله ومظاهره والتصدي لكل من يدعمه أو يموله أو يبرره». وأردف قائلًا «على الصعيد الداخلي أصدرت القوانين الخاصة والتشريعات الوطنية المتعلقة بمكافحة وتمويل الإرهاب، ومن بينها الاستراتيجية الأمنية لمكافحة التطرف والإرهاب، واتفاقية دول مجلس التعاون لمكافحة الإرهاب، فضلاً عن التعاون الشامل والتنسيق الدائم بين الأجهزة الأمنية بدول المجلس في هذا المجال».
ولفت إلى أنه «على الصعيد الدولي، هناك كثير من الاتفاقيات والصكوك القانونية الدولية التي انضمت إليها دول المجلس، سعيًا منها لدعم الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب».
ووصف الزياني قمة الدوحة المقبلة بـ «قمة الفرحة»، التي تنعقد في أجواء فرحة أهل الخليج بتضامن دولهم وتمسكها بالثوابت التي جمعت بين دول المجلس ومواطنيه على مدى سنوات.
وأشار إلى أن «هذه الفرحة جاءت بعد اتفاق المصالحة في الرياض الذي رعاه خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، والذي توج باتفاق الرياض التكميلي وبنتائج إيجابية سوف ترسخ تضامن دول المجلس وتقوي تماسكها، وستكون قمة قرارات بناءة وإنجازات مهمة في مسيرة العمل الخليجي المشترك».
وأشاد الزياني بدور الدوحة، «فلها دور فاعل ومؤثر في مسيرة مجلس التعاون، وإنجازاته المتعددة على كل الأصعدة والمجالات، وشعوب دول المجلس لديها إيمان مطلق بأن أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وإخوانه قادة دول المجلس، حريصون على تعزيز مسيرة التعاون الخليجي نحو مزيد من التكامل والترابط والتضامن». وتناول الزياني ما يحصل في اليمن، وقال إن «المبادرة الخليجية كانت جهداً ذاتياً من دول المجلس، وتم بناء على طلب من الأشقاء في اليمن، وموقف دول المجلس تجاه اليمن يتمثل في الالتزام الكامل بوحدة اليمن واحترام سيادته واستقلاله ورفض أي تدخل في شؤونه الداخلية، ودعم الحوار والمسار السلمي القائم بعيداً عن العنف والفوضى».
وتابع الزياني «تدعم دول المجلس الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لاستكمال المرحلة الانتقالية طبقًا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية»، مؤكداً أن المجلس يؤكد الالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2140 الذي حدد عدة جزاءات ضد معرقلي أو مقوضي عملية الانتقال السياسي في اليمن، والبيان الرئاسي لمجلس الأمن الصادر في 29 أغسطس 2014 بشأن اليمن، وإدانة السيطرة على المؤسسات الحكومية العسكرية والمدنية وتخريب ونهب محتوياتها، ويدعو كل الأطراف لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل وكامل بنود اتفاق السلم والشراكة الوطنية والملحق الأمني. إلى ذلك، أكد نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير أحمد بن حلي أهمية هذه القمة لتنقية الأجواء العربية العربية وإعادة الوئام والزخم للعمل العربي.
وقال بن حلي، في تصريح صحافي «مجلس دول التعاون الخليجي يشكل رافداً مهماً من روافد العمل العربي المشترك»، مؤكداً «ضرورة الاستفادة من تجربته الناجحة، التي تصب لمصلحة الجامعة العربية باعتبارها المنظمة الأم لهذه المنظمات».
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن بن حلى أمله بأن «تخرج القمة الخليجية بنتائج تصب لمصلحة تنقية الأجواء العربية».
وحول إمكانية تطرق القمة إلى الخلافات بين مصر والدوحة، قال بن حلى «نحتاج كأمة عربية إلى إزالة كل الغيوم والشوائب التي تعكر صفو العلاقات، وليس من مصلحة أي دولة أن تكون في خصومة أو في خلاف مع دولة عربية أخرى، بخاصة في ظل التحديات الخطيرة التي تواجهها الأمة العربية من إرهاب ومحاولات من جانب بعض القوى للتدخل في الشأن الداخلي لدول المنطقة».
وفي هذا الصدد، أكد محللون ومراقبون أن «قادة دول الخليج سيبحثون تعزيز مسيرة التعاون بين المجالس التشريعية الخليجية وإنجاز الأهداف المشتركة، إذ يتضمن جدول أعمال القمة العديد من الموضوعات المهمة التي يأمل القادة التوصل بشأنها إلى قرارات بناءة تمثل إضافة في مسيرة العمل المشترك لمجلس التعاون، أهمها الاتفاق على إنشاء شرطة خليجية التي اختيرت الإمارات مقراً لها، في إطار إعداد الجوانب المالية والتنظيمية والإدارية للمشروع في قمة الدوحة، بالإضافة إلى أن القمة المرتقبة ستشهد الإعلان عن إنشاء القيادة العسكرية الخليجية الموحدة ومقرها العام في السعودية».
واضافوا ان «القمة ستشهد اعتماد تنفيذ بعض الاتفاقات التي سبق وأقرت في الأعوام الماضية، في مقدمتها الاتفاقية الخاصة بالبدء في التنفيذ للاتحاد الجمركي اعتباراً من الأول من يناير المقبل». وفيما يتعلق بالتحديات الإقليمية، رأى سياسيون أن «إيران حاضرة في مداولات القمة، خاصة بعد تمديد المفاوضات النووية بينها ودول مجموعة «5 + 1»، إلى جانب سوريا التي تشير توقعات إلى أن القمة ستركز على دعم المعارضة المعتدلة والعملية السياسية الانتقالية المتمثلة في جنيف 1 و2، بالإضافة إلى اليمن وليبيا والأردن، وأيضاً القضية الفلسطينية خاصة أن مجلس الأمن سيتناول القضية من منطلق جديد بمساعٍ أردنية وفرنسية». وقال السياسيون إن «الإرهاب، يبقى التحدي الأخطر والمباشر ليس على دول الخليج فحسب، بل على دول العالم أجمع، نظراً للتوسع السريع للتنظيمات المتطرفة في المنطقة، واستقطابها لمقاتلين جدد من كافة أرجاء العالم».
وتأتي القمة في ظل ظروف استثنائية تعيشها المنطقة، ما يكسبها أهمية خاصة تتطلب التنسيق المشترك بهدف تحقيق المزيد من الإنجازات في مسيرة المجلس، وسط آمال بأن يحقق ترأس قطر لمجلس التعاون لعام 2015، نقلة نوعية في العلاقات الخليجية ورسم النظام العربي والإقليمي.