عواصم - (وكالات): تجمع متظاهرون غاضبون لليلة الثانية في ولاية كاليفورنيا الأمريكية من أجل التنديد بمقتل أشخاصاً سود عزل مؤخراً برصاص عناصر شرطة من البيض في الولايات المتحدة، وأقدم بعض المتظاهرين على أعمال تخريب ونهب وتواجهوا مع الشرطة، مع اتساع رقعة الاحتجاجات. وتجمع مئات المتظاهرين وساروا حتى فجر أمس في مدينتي بيركلي وأوكلاند في ولاية كاليفورنيا، بحسب شرطة الولاية الغربية.
وحطم بعضهم واجهات متاجر ونهبوا المحال فيما اندلع حريق في شارع سكني في بيركلي.
كما قطع المحتجون طريقاً سريعة رئيسة في أثناء سيرهم إلى مدينة أوكلاند المجاورة وسط انتشار كثيف للشرطة.
وأفادت شرطة بيركلي بأن عدداً من المتظاهرين الذين بلغ عددهم 600 شخص تقريباً، ألقوا الزجاجات وقلبوا مستوعبات النفايات وأحرقوها. وأعلنت المتحدثة باسم الشرطة جنيفر كوتس توقيف 5 أشخاص وإصابة شرطيين اثنين. كما أكدت الشرطة أن شخصاً واحداً تعرض للهجوم فيما كان يحاول منع متظاهر من نهب متجر.
لكن الكثير من المتظاهرين ساروا بشكل سلمي، ورفعوا لافتات تقول «شرطيون قتلة» و«فيرغسون في كل مكان» و«أوقفوا عنف الشرطة وقتلها»، فيما ساروا في الشوارع ونفذوا اعتصامات بالاستلقاء أرضاً.
واتخذت التظاهرات منحى عنيفاً في بيركلي حيث استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع بعد صدامات مع عناصر من الحشد بادلوها برشق المقذوفات ونهب المحال وتخريب السيارات. وأعلن مسؤولون عن إصابة عدد من الشرطيين. وفي نيويورك تجمع المئات في الليلة الخامسة على التوالي من المتظاهرين، وعرقلوا الحركة في متاجر وسط المدينة ومحطة نقل مركزية.
وناشد الرئيس باراك أوباما شباب البلاد التحلي بالصبر في مكافحة العنصرية، مؤكداً أن استئصالها في الولايات المتحدة لا يمكن أن يتم إلا تدريجياً، داعياً الشباب إلى «المثابرة» في معركتهم ضد التفرقة.
وصرح في مقابلة مع تلفزيون بلاك إنترتينمنت أنه «لن يجري حل هذه المشكلة بين ليلة وضحاها، فهي مترسخة عميقاً في مجتمعنا وفي تاريخنا». وأضاف «علينا المثابرة، لأن التطور يجري بالعادة في خطوات متتالية، تدريجياً».
وانطلقت تظاهرات في مختلف أنحاء الولايات المتحدة منذ أسبوعين بعد قرار هيئة محلفين عدم توجيه التهمة إلى شرطي ابيض في فيرغسون بولاية ميزوري بعد أن أطلق النار على شاب أسود أعزل وقتله في أغسطس الماضي. وأكد الشرطي أنه كان يدافع عن نفسه بعد تعرضه لهجوم.
وأدت أحداث مماثلة إلى تأجيج التظاهرات، على غرار مقتل إريك غارنر، الأب لستة أبناء، اختناقاً في يوليو الماضي في نيويورك بيد شرطي أبيض في أثناء محاولة توقيفه بعنف للاشتباه في بيعه السجائر بلا ترخيص.
وفي هذه القضية أيضاً لم توجه هيئة محلفين التهمة إلى الشرطي الأبيض ما أثار موجة احتجاجات جديدة في عدد من المدن الأمريكية.
وفي قضية أخرى قتل أكاي غورلي «28 عاماً» برصاص شرطي فتح النار على سلالم ذات إنارة ضعيفة في مبنى سكني في نيويورك فيما كان يسير مع صديقته في وقت متأخر. وستنظر هيئة محلفين في القضية لتقرر إن كانت ستحال إلى محكمة.
وانضم نجوم رياضيون في لعبتي كرة القدم أو كرة السلة الأمريكية إلى حملة الإدانة وارتدوا قمصاناً كتب عليها «لا أستطيع التنفس»، وهي الكلمات الأخيرة لغارنر فيما كان الشرطي يثبته أرضاً ممسكاً برقبته.
ومن المقرر أن تعلن وزارة العدل الأمريكية معايير جديدة أعدتها بعد سلسلة انتهاكات ارتكبتها الشرطة وتتضمن منع عناصرها من عمليات تدقيق تربط بين أوصاف الشخص وسلوكه في غالبية الحالات.
وعلم لدى الوزارة أنه باستثناء حالات الاشتباه بأنشطة إرهابية، سيعلن وزير العدل الأمريكي إريك هولدر عن توسيع منع الشرطة من التدقيق في هوية أو توقيف أشخاص عملاً بعرقهم واثنيتهم وجنسيتهم وديانتهم وجنسهم أو ميولهم الجنسية.
وسيشرح لكل الشرطيين الأمريكيين عبر حديث بالهاتف ما هي المعايير الجديدة بعد مراجعة المبادئ التي وضعها سلفه عام 2003 في ظل رئاسة جورج بوش.
لكن المعايير الجديدة لن تطبق على مراقبة الحدود مثل التحقق من الهويات أو أمتعة السفر في المطارات التي تبقى من اختصاص وزارة الأمن الداخلي. ولن تطبق أيضاً على الموظفين الفيدراليين الآخرين وقوات الأمن مثل الجيش والاستخبارات أو الدبلوماسية.
وقال إريك هولدر «بصفتي وزيراً للعدل، لقد قلت بوضوح عدة مرات إن الربط بين الأوصاف والسلوك من قبل قوات الأمن ليست فقط أمراً خاطئاً وإنما أيضاً غير فعال لأنه يهدر إمكاناتنا القيمة ويقوض ثقة الشعب».
وكان الوزير وهو أسود أيضاً وعد بالتحرك بعد سلسلة انتهاكات أخيرة قام بها شرطيون وبقيت بلا عقاب، تمثلت بمقتل سود برصاص شرطيين بيض في فرغسون ونيويورك وكليفلاند وأريزونا.
وأضاف الوزير المستقيل الذي يغادر مهامه خلال أسابيع على أبعد تقدير «مع هذه الخطوة الجديدة، نقوم بخطوة بارزة ومهمة نحو وجود شرطة فعالة» على المستوى الفيدرالي والمحلي وفي كل ولاية أمريكية.
وهذه القضايا إلى جانب الكشف عن حالات جديدة لمقتل سود على أيدي شرطيين بيض، أعادت إثارة الجدل حول العنصرية في صفوف الشرطة ومدى عدالة النظام القضائي.
970x90
970x90