لندن - (وكالات): تحدث الطبيب والجراح البريطاني ديفيد نوت عن تجربته الأخيرة في مدينة حلب السورية التي عاد منها قبل أسابيع، ووصف الصراع الدائر في سوريا بأنه «فريد من نوعه مقارنة بما شهده من حروب»، مؤكداً أن سوريا باتت «مقبرة الأطفال». وأضاف نوت في حوار مع صحيفة «التايمز» البريطانية أن «70 % من ضحايا الصراع هم من الأطفال، أما في غزة التي زرتها الصيف الماضي فثلث الضحايا هم من الأطفال»، مضيفاً «غزة كانت مرعبة إلا أن حلب كانت أفظع». ويعد نوت من أشهر الأطباء حول العالم في التطوع في مناطق الحروب. ويحرص على أخذ إجازة سنوية لمدة 6 أسابيع من عمله في العاصمة اللندنية ليتطوع ويقدم يد العون للمصابين في جميع أنحاء العالم. ورداً على سؤال حول الصعوبات التي واجهها في حلب، أجاب نوت إنه «سافر 3 مرات إلى سوريا لعلاج المصابين، واستطاع مع فريق من الأطباء والجراحين السوريين معالجة الكثير من المصابين، أما في زيارته الأخيرة، ونظراً لاستخدام البراميل المتفجرة فإن 80 % من المصابين الذين عالجهم توفوا جراء الجروح البالغة». وقال الجراح البريطاني إن «أغلب القتلى يسقطون جراء استنشاق الغبار»، مضيفاً أن «العديد من الأطفال قضوا جراء إلقاء البراميل المتفجرة على منازلهم التي يحتمون داخلها». ونوه نت إلى أن «استخدام البراميل المتفجرة في الصراع الدائر في سوريا، غير طبيعة الخسائر البشرية فقد بات أغلبية القتلى من الأطفال».
وروى نوت أن «أحد البراميل سقط على منزل يحتمي داخله 7 أطفال، ونقلوهم إلى المستشفى الميداني الذي كنت فيه، وكان من بينهم 4 أطفال من عائلة واحدة، وبعد المعاينة، وجدت أن أحد هؤلاء الأطفال فقد قدميه، والآخر فقد رجليه، والثالث فقد فخذيه وردفيه، إلا أنه مازال حياً، إلا أنهم ما لبثوا أن فارقوا الحياة جميعاً».
وأضاف أن «هذا هو المشهد اليومي الذي نعيشه يومياً في حلب»، مشيراً إلى أنه «كل يوم يصل للمستشفى الميداني أطفال من دون رؤوس ومن دون أيدي وأرجل». ويفارق الكثيرون من هؤلاء الأطفال الحياة بسبب قلة المواد الطبية وإصاباتهم البليغة.
يذكر أن نوت عالج عدداً كبيراً من المدنيين في مناطق الحروب سابقاً، في سيراليون وساحل العاج والكونغو ودرفور وتشاد وليبيريا وأفغانستان والعراق.
وأكد نت أنه «لم يكن باستطاعته الصمود وسط معاناة الأطفال في حلب لو كان متزوجاً ولديه أطفال»، مضيفاً «إني ولد وحيد، ووالداي متوفيان، لذلك لا ارتباطات أخاف عليها، فأنا حر وأغامر بالذهاب إلى أماكن الصراع التي عادة يهرب منها الناس».
وخلص نت إلى أن «سوريا تحتضن الكثير من الأطباء والجراحين الشباب الذين لن يغادروها، بل سيموتوا هناك جميعهم»، مضيفاً «لقد عملت مع الكثيرين منهم وقد قتل 4 منهم، جراء سقوط القذائف فوق رؤوسهم خلال قيامهم بواجباتهم تجاه مرضاهم».