تحليل - أنس الأغبش:
مع تراجع أسعار النفط إلى ما دون 64 دولاراً للبرميل أمس الأول وهو أقل مستوى منذ سبتمبر 2009، فإن ذلك يمثل تحدياً أمام الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء.
وفي الوقت الذي بدأت تظهر آثار تراجع الأسعار على معظم الاقتصادات بما فيها الاقتصاد الإيراني مباشرة، وصف الرئيس الإيراني حسن روحاني أمس الهبوط، بأنه «تحرك سياسي منظم ومؤامرة ضد مصالح المنطقة وشعوبها المسلمة وسيعود نفعه على غير المسلمين»، بحسب ما نقله عنه موقع «العربية نت» .
وأثر التراجع الكبير لأسعار النفط على اقتصاد طهران الذي يعاني أصلاً من العقوبات الدولية بسبب برنامجها النووي، بجانب تراجع الصادرات النفطية الإيرانية إلى 1.1 مليون برميل يومياً. وتحتاج إيران إلى بقاء سعر برميل النفط فوق 130 دولاراً لمعالجة ميزانيتها.
ويرجع حديث طهران عن مؤامرة انخفاض أسعار النفط، إلى تأثيرات مباشرة بدأت تظهر في اقتصادها، فطهران أعلنت نيتها اللجوء إلى الثروة السيادية التي تقدر بنحو 60 مليار دولار لمواجهة تأثير انخفاض النفط، بحسب موقع «العربية».
وباستمرار تراجع الأسعار، فإن ذلك يلقي بظلاله على الدول المصدرة للنفط والتي تأتي غالبية إيراداتها العامة من قطاع النفط، في الوقت الذي أكد محللون بحرينيون أن أسباب التراجع خرجت عن النطاق الاقتصادي وبات سببها صراعاً سياسياً.
ومنذ قرار «أوبك» في 27 نوفمبر الماضي الإبقاء على سقف الإنتاج، تواصلت خسائر النفط عموماً وشركات النفط الصخري تحديداً، إلا أن التحدي الحقيقي يتمثل في الفترة المقبلة وخصوصاً حتى يونيو 2015، حيث أكد وزير البترول السعودي علي النعيمي أمس الأول، أن «أوبك» لن تخفض إنتاجها قبل يونيو المقبل.
وفي الوقت الذي قالت «أوبك» في تقرير مؤخراً، إن الطلب على الخام سيتراجع إلى 28.92 مليون برميل يومياً في 2015 بانخفاض 280 ألف برميل عن توقعاتها السابقة، ألمح وزير البترول السعودي علي النعيمي، إلى عدم وجود توجه لخفض إنتاج النفط قبل اجتماع «أوبك» في يونيو المقبل، ما أثار بعض مخاوف الدول من استمرار تراجع الأسعار.
ويقول الخبير الاقتصادي د. أكبر جعفري لـ»الوطن»، إن «أبرز أسباب تراجع أسعار النفط يعود بالأساس إلى الخلافات السياسية حيث بات الأمر تحدياً بين أعضاء أوبك وشركات النفط الصخري الأمريكية، وفي جانب آخر مع إيران». ويؤكد جعفري أن خسائر شركات النفط الصخري قد تجاوزت 400 مليار دولار منذ بداية يونيو وحتى الآن، مبيناً أن خسائر النفط الصخري ستتدنى بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة.
وأضاف «منظمة أوبك متضررة وكذلك دول مجلس التعاون، ولكن ليس بمثل الضرر الذي يقع على الدول المنتجة للنفط الصخري..دول الخليج لديها احتياطات نقدية عالية جداً ولا يمكن أن يتدهور اقتصادها على مدى عام أو عامين مقبلين».
بدوره، يقول مدير تطوير الشؤون المؤسسية والتجارية في «بوليتكنك البحرين»، عبدالرحيم فخرو إن أبرز أسباب تراجع الأسعار يعود إلى تحكم بعض الدول المنتجة بأسعار النفط، مبيناً أنه لم يكن هناك أي اكتشافات نفطية تذكر في العامين 2013 و 2014 حتى تؤثر على الأسعار.
ويضيف فخرو «هناك جوانب اقتصادية وسياسية بحتة إلى جانب قضايا فنية أخرى تؤثر على أسعار النفط..أتوقع ألا يهبط السعر عن 70 دولاراً للبرميل على المدى المتوسط». ويؤكد خبراء عالميون، أن العديد من آبار النفط الصخري في الولايات المتحدة وكندا بدأت تفقد جدواها الاقتصادية، ولم يبق أمامها إلا التوقف أو التشغيل بالخسارة.