الشائعة وباء اجتماعي يصيب المجتمع في بنيانه وهي ذات خطورة قومية يجب على الجميع أن يتكاتف على مقاومتها والقضاء عليها لما تؤدي إليه من دعوة إلى الانهزامية وتثبيط الهمم وزعزعة الثقة والترابط بين أفراد المجتمع بما تبثه من أكاذيب وافتراءات، ومن هنا تنبه المشروع البحريني إلى ضرورة محاربتها بغير هوادة والتصدي لها في عدة مواضع في قانون العقوبات بالتجريم وكان من بين هذه المواد نص المادة 168 من قانون العقوبات البحريني، وقد رأى المشروع سنها للضرب على أيدي العابثين ممن يعمدون إلى ترويج الأكاذيب أو بث الدعايات المثيرة التي يكون من شأنها اضطراب الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
واستهدف المشروع من هذا النص الحرص على استقرار السكينة في ربوع المملكة لتنصرف الجهود إلى العمل المثمر دون يأس أو كلل.
ويتحقق الفعل المادي لهذه الجريمة إذا قام الجاني بإذاعة شائعات كاذبة أو مغرضة وما إليها ويراد بذلك جعلها معلومة لعدد غير محدود من الأشخاص بأي وسيلة من الوسائل ولم يتطلب القانون أن تكون الوسيلة بإحدى طرق العلانية فيكفي حدوثها ولو لشخص واحد، كما اشترطت المادة أن يكون من شأن ذلك اضطراب الأمن العام أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة أو إلقاء الرعب بين الناس، دون أن يتطلب النص أن يحدث ذلك فعلا فيكفي –حسب النموذج القانوني للجريمة– أن تكون الشائعة أو ما نحوها من المحتمل أن تؤدي إلى تلك النتيجة ولو لم تقع بالفعل، وتقدير ذلك متروك لقضاء الموضوع بلا رقابة وبلا مُعقب.
وتتطلب أيضاً هذه الجريمة لقيامها توفر القصد الجنائي لدى مرتكبها، وهو القصد الجنائي العام الذي يتكون من عنصري العلم والإرادة.
فيجب أن يعلم الجاني علماً يقينياً أن الشائعات التي أذاعها تُعد شائعات كاذبة أو مغرضة والمقصود بالشائعة المغرضة هو الخبر الصحيح في أصله ويقوم الجاني بتحوير معناه الحقيقي وينقله في صورته المغلوطة بهدف إثارة الرأي العام للتأثير سلباً على المصلحة العامة.
كما يجب أن تتجه إرادة الجاني إلى إذاعة هذه الشائعات الكاذبة أو المغرضة أو ما في حكمها بين أفراد المجتمع وهو مدرك تماماً لآثارها السلبية ورغبته في جعلها معلومة لعدد غير محدود من الأفراد وبذلك يتحقق ذيوعها وانتشارها بين كافة الأوساط وهو ما يبتغيه.
وقد يتساءل البعض ما هي عقوبة تلك الجريمة؟ فيفاجأ أنها قد تصل إلى الحبس الذي لا يزيد عن سنتين وأما إذا كان مُطلق تلك الشائعة موظفاً عاماً أثناء تأدية وظيفته فإن العقوبة قد تتضاعف لتصل إلى الحبس لمدة لا تزيد عن أربع سنوات.
ومن أخصب أجواء بث الإشاعات أوقات الفراغ لدى بعض الموظفين المهملين في أعمالهم فضلاً عن أن بعض ضعاف النفوس يجدون فيها علاجاً لضعف شخصيتهم وقلة علاقاتهم الإنسانية فيؤثرون هذا النوع من الجرائم ظناً منهم أنها الوسيلة السريعة لجذب الأنظار إليهم والتفاف الناس حول كلامهم الباطل.