أكد وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة أن الإرهاب الذي شهدته بوسطن ولندن وتشهده البحرين والذي يستهدف قوات حفظ النظام وأدى إلى خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات، يؤكد أن الإرهاب خطر مشترك. ودعا إلى تجاوز كل العوائق أمام توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوربي، وإلى عمل مشترك وفاعل بين الجانبين لوقف مأساة الشعب السوري غير المسبوقة، وخاصة بعد تدخل دول ضد إرادته.
وقال الوزير في افتتاح الاجتماع التشاوري لوزراء خارجية دول مجلس التعاون والاتحاد الأوربي في المنامة اليوم، إن عالمنا اليوم يمر بمرحلة انتقال هامة، تؤكد حاجتنا لنظرة موضوعية للتطورات في المنطقة، دون أن ننساق وراء شعارات عامة أو دعايات سلبية ضد أي طرف منا.
وأضاف الوزير أن على دول الخليج والاتحاد الأوربي القيام بالمزيد للتغلب على الصعوبات التي تواجه التوقيع النهائي على اتفاقية التجارة الحرة بين المجموعتين اللتين تشكلان التجمع الأكبر في العالم الحر.
وفي الشأن السوري، أكد الوزير وجوب التحرك العاجل لإيجاد حلول لما تشهده المنطقة العربية من إهدار لحقوق الشعب السوري الشقيق، ومن تدخلات لبعض الدول لتعطيل إرادة هذا الشعب، وهو الأمر الذي ينبغي أن يحظى بوقفة جادة وعمل مشترك فاعل لإخراج الشعب السوري من هذه المأساة الإنسانية غير المسبوقة.
وأعرب الوزير عن ترحيب دول مجلس التعاون بفوز الرئيس حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية التي جرت مؤخراً في إيران، مؤكدا تطلع دول المجلس للعمل مع إيران لما فيه خير منطقة الخليج العربي بالحرص على إقامة علاقات صداقة تقوم على الثقة والتعاون.
ودعا الوزير إيران إلى لالتزام بمبدأ الشفافية والتعاون التام مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية فيما يتعلق ببرنامجها النووي، وتطبيق أعلى درجات معايير الأمن والسلامة في منشآتها النووية.
من جهة أخرى، أكد الوزير أن "الإرهاب ليس له دين ولا مذهب ولا وطن ويتعارض مع كافة الأديان والشرائع"، مشيرا إلى أن "ما حدث مؤخراً في الولايات المتحدة الأمريكية بالماراثون الرياضي في (بوسطن) ومقتل الجندي البريطاني في لندن وما تتعرض له قوات حفظ النظام بمملكة البحرين من اعتداءات إرهابية آثمة أدت إلى خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات، لخير دليل على هذا الخطر الإرهابي المشترك الذي يهددنا جميعاً ويجعل من الضروري توحيد جهودنا كدول بالتنسيق مع المجتمع الدولي لمقاومة الإرهاب ووقفه على مختلف الأصعدة".
ولفت وزير الخارجية في كلمته إلى ضرورة استشراف آفاق جديدة في العلاقات الخليجية الأأوربية والتركيز على تقويتها وتوسيع نطاق العلاقات الاقتصادية والتجارية المشتركة وتنسيق أكبر في السياسة والمواقف تجاه القضايا الدولية والإقليمية.

وفيما يلي نص كلمة وزير الخارجية في اجتماع الدورة 23 للمجلس الوزاري المشترك لدول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي:
أصحاب السمو والمعالي والسعادة وزراء خارجية دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي،،
أود في البداية أن أعبر عن الترحيب بكم مع تمنياتي لكم بطيب الإقامة في مملكة البحرين، وأملي كبير بأن تحقق اجتماعاتنا نتائج هامة تتناسب مع طموحاتنا في تعميق علاقاتنا السياسية والاقتصادية والتجارية، على أساس المصالح المتبادلة لشعوب مجموعتينا.

إن الشراكة بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي تمثل ركيزة أساسية للعلاقات المستقبلية بين دولنا وهي أداة مهمة لرفاهية شعوبنا واستقرار نظمنا السياسية والاقتصادية، ووسيلة لنشر قيم التسامح والاعتدال، واحترام مبادئ القانون الدولي، وفي مقدمتها السيادة الوطنية وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، واحترام نظمها السياسية والاجتماعية والثقافية لضمان تطورها السلمي لما فيه خير الجميع.

أصحاب السمو والمعالي والسعادة،،
تنعقد دورتنا الثالثة والعشرون وعالمنا اليوم يمر بمرحلة انتقال هامة، تؤكد حاجتنا لنظرة موضوعية للتطورات في المنطقة، دون أن ننساق وراء شعارات عامة أو دعايات سلبية ضد أي طرف منا، قد تؤدي لإعاقة التقدم لعلاقاتنا التاريخية ومصالح شعوبنا الحيوية، ولعل النهج الأوروبي بالإصلاح المستمر والتطور التدريجي ومراعاة مصالح كل دولة وخصوصياتها ومراحل تطورها وأمنها واستقرارها، ينبغي أن يكون إحدى الوسائل المهمة في تقييم أوضاعنا في المنطقة، وهذا يعتبر في نظرنا المنطق السياسي الواقعي البناء في متابعة التطور في أية دولة وفي إقامة علاقات سليمة متكافئة بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي.

لقد مضت سنوات عدة على بدء المفاوضات المتعلقة باتفاقية التجارة الحرة بين مجموعتينا، ورغم الجهود المبذولة من جانب كافة الأطراف، فإنه ينبغي لنا القيام بالمزيد للتغلب على الصعوبات التي تواجهها من أجل التوقيع النهائي على اتفاقية التجارة الحرة بين مجموعتينا اللتين تشكلان التجمع الأكبر في العالم الحر، ومع كل ما واجهته تلك المفاوضات من صعوبات إلا أننا حققنا إنجازات كثيرة على المستوى السياسي والاقتصادي، وتطابقت مواقفنا تجاه الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، وكان لهذا كله دور ايجابي في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين.
كما أن ما حققناه على صعيد تعزيز علاقاتنا التجارية والاقتصادية، من خلال برنامج التعاون المشترك الأول (2010-2013)، والذي نعتبره آلية لتنفيذ اتفاقية التعاون الإطارية الموقعة في عام 1988 في مجالات النفط والطاقة والتعليم والسياحة والصحة والبيئة ومواجهة الكوارث وغيرها من المجالات، سوف يساعد على تدعيم خطط وجهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية بين مجموعتينا.

أصحاب السمو والمعالي والسعادة،،،

إن الأحداث التي طرأت على المسرح الدولي منذ اجتماعنا الماضي في لكسمبورغ تحمل في ثناياها قضايا شائكة ومعقدة وتحديات خطيرة، مما يستوجب علينا التحرك العاجل لإيجاد حلول لها، وتأتي في مقدمة هذه القضايا ما تشهده المنطقة العربية من إهدار لحقوق الشعب السوري الشقيق، ومن تدخلات لبعض الدول لتعطيل إرادة هذا الشعب، وهو الأمر الذي ينبغي أن يحظى بوقفة جادة وعمل مشترك فاعل لإخراج الشعب السوري من هذه المأساة الإنسانية غير المسبوقة التي يعيشها في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه، بعد أن تأكد استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية وتدخل حزب الله، مما يؤكد على أهمية تقديم المساعدات العاجلة كل حسب ما يناسبه لممثلي الشعب السوري الشقيق.

ومازلنا بعد مرور ستة وستين عاماً على معاناة الشعب الفلسطيني الشقيق وما نتج عنها من تداعيات ومن صراع عربي إسرائيلي لم نتقدم كثيراً نحو الحل التاريخي المنشود، ولهذا فإننا نشعر بقلق بالغ لما يعانيه الشعب الفلسطيني الشقيق من إنكار لحقوقه واستمرارٍ لسياسة القمع والاستيطان والتوسع، ورفض إسرائيل القيام بأية خطوات عملية لقيام الدولة الفلسطينية الكاملة السيادة على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس الشرقية، ومن هنا فإنني وباسم زملائي وزراء خارجية دول مجلس التعاون ندعو لعمل جاد وتعاون خليجي أوروبي لتحريك عملية السلام قدماً بما يعكس روح المواثيق الدولية ونصوصها، وقرارات الأمم المتحدة، ومبادرة السلام العربية التي تؤكد رغبة عربية في التوصل إلى السلام العادل والدائم والشامل في منطقة الشرق الأوسط.

أصحاب السمو والمعالي والسعادة،،

إدراكاً من دول مجلس التعاون لأهمية ما يجمعها من علاقات وصلات تاريخية وإسلامية وثيقة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فإننا نود الترحيب بفوز الرئيس حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية التي جرت مؤخراً في إيران، مؤكدين تطلع دول المجلس للعمل مع إيران لما فيه خير منطقة الخليج العربي بالحرص على إقامة علاقات صداقة تقوم على الثقة والتعاون وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وفض المنازعات بالطرق السلمية وإنهاء احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث بالاستجابة لتسوية النزاع عن طريق التفاوض المباشر أو محكمة العدل الدولية.

وإذ ترحب دول مجلس التعاون بالخطوات التي اتخذها فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي بإطلاق الحوار الوطني في اليمن الشقيق، وثقتنا الكبيرة بحكمته وقيادته لليمن في هذه المرحلة الدقيقة من أجل تحقيق آمال وتطلعات الشعب اليمني الشقيق ومقاومة عناصر التطرف والانفصال. فإننا ندرك أهمية دور الاتحاد الأوروبي الهام بالتنسيق والتفاهم مع دول مجلس التعاون في إنجاح المرحلة الثانية من المبادرة الخليجية ودعم آليتها التنفيذية بما يحقق التوافق والاستقرار في ربوع اليمن.

الأخوة الكرام،،،

إن انتشار أسلحة الدمار الشامل في الإطار الإقليمي مازال بلا ضوابط صارمة، ومن هنا فإننا ندعو إيران إلى الالتزام بمبدأ الشفافية والتعاون التام مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية فيما يتعلق ببرنامجها النووي، وتطبيق أعلى درجات معايير الأمن والسلامة في منشآتها النووية، انطلاقاً من مسؤوليتها عن سلامة هذه المنشئآت مع الأخذ في الاعتبار المحافظة على البيئة وسلامة الشعوب في النطاق الجغرافي الواسع بمنطقة الخليج العربي.

وفي هذا السياق نؤكد بأن ظاهرة الإرهاب الدولي تعد من أخطر التحديات التي تواجهنا، فالإرهاب ليس له دين ولا مذهب ولا وطن ويتعارض مع كافة الأديان والشرائع، ولعل ما حدث مؤخراً في الولايات المتحدة الأمريكية بالماراثون الرياضي في (بوسطن) ومقتل الجندي البريطاني في (لندن) وما تتعرض له قوات حفظ النظام بمملكة البحرين من اعتداءات إرهابية آثمة أدت إلى خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات، لخير دليل على هذا الخطر الإرهابي المشترك الذي يهددنا جميعاً ويجعل من الضروري توحيد جهودنا كدول بالتنسيق مع المجتمع الدولي لمقاومة الإرهاب ووقفه على مختلف الأصعدة.

تلك بعض الأفكار والمشاغل التي أردت أن أشاطركم الرأي للتداول حولها وذلك من أجل الخروج برؤى جديدة تدفع بعلاقاتنا إلى الأمام خطوات واسعة تؤكد بأن الفهم السليم لمصالحنا المشتركة هو أساس التعاون وتوثيق العلاقات بين دولنا وشعوبنا.

إنني أدعوكم أخواني وأصدقائي أصحاب السمو والمعالي وزراء خارجية مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي إلى استشراف آفاق جديدة في طريق علاقاتنا التاريخية بالتركيز على تقويتها وتوسيع نطاق علاقتنا الاقتصادية والتجارية المشتركة وتنسيق أكبر لسياستنا ومواقفنا تجاه القضايا الدولية والإقليمية على أسس سليمة وثابتة، وذلك لما فيه تحقيق طموحات شعوبنا نحو بناء مستقبل زاهر.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،