خلص تقرير متخصص إلى وجود زيادة مطردة في عدد مشروعات القوانين والمراسيم بقوانين التي قدمت لمجلس الشورى على أجندة الأداء التشريعي خلال الفصول الماضية، إلا أنه لحظ وجود فجوة بين عدد الاقتراحات بقوانين المقدمة من أعضاء مجلس الشورى مقارنة بمشروعات القوانين، ما يشي بعدم إقبال أعضاء مجلس الشورى على استخدام حقهم التشريعي مقارنة بالحكومة، مشيراً إلى أن المجال الاجتماعي يستحوذ على النصيب الأوفر من الآليات التشريعية التي استخدمها المجلس خلال الفصول التشريعية.
وأوضح التقرير أن الإحصاءات تشير إلى أن جهود أعضاء مجلس الشورى انصبت على تلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين، من خلال التركيز في الجانب الاجتماعي الذي يعد ذا تأثير مباشر في حياتهم، وسن التشريعات التي تكفل تنظيم هذا الجانب بشكل محكم يضمن معالجة أي مشكلات تطرأ على المجتمع مستقبلاً.
وأكد التقرير أن «الدور البارز الذي لعبته المرأة في ممارسة مجلس الشورى لصلاحياته التشريعية، وهو ما ظهر جليا من خلال مشاركتها المستمرة والفعالة في مناقشة مشروعات القوانين على مدار الفصول التشريعية، وأيضًا في استخدامها حقها التشريعي في تقديم الاقتراحات بقوانين».
وتعد مجالس الشورى صمام أمان للعملية الديمقراطية واستقرارها، فهي إلى جانب المجالس المنتخبة توفر العديد من المزايا لأي عملية ديمقراطية، حيث تتيح الاستفادة من حكمة ذوي العلم والحكمة والخبرة التي تتوافر في أعضائها إلى جانب تفاعل الآراء الشعبية من الاتجاهات كافة التي تضمها المجالس المنتخبة، فضلاً عن أنها تحقق مبدأ الرقابة التبادلية على ما يقوم كل منهما بأدائه من أعمال، وبالتالي التقليل من الخطأ والتسرع في التشريع، خاصة أن السلطة التشريعية تضع قواعد قانونية يجب أن تتمتع بالاستقرار النسبي.
ويبرز الدور الذي تقوم بهما مجالس الشورى في الديمقراطيات المتقدمة، وإن اختلفت المسميات، ومنها على سبيل المثال مجلس اللوردات في بريطانيا التي تعد من أعرق الديمقراطيات في العالم الحديث، ومجلس الشيوخ الإسباني، ومجلس الأعيان الأردني، ومجلس الشيوخ الأمريكي.
ودشنت مملكة البحرين مجلسًا للشورى، وعملت على أن تضم تشكيلته ذوي الاختصاص والخبرة من أطياف المجتمع البحريني السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والمهنية كافة، فبالنظر إلى تشكيلة مجلس الشورى عام 2002، نجد أنها تضمنت 10 من رجال الأعمال، و6 سيدات، و5 عسكريين، و3 من أعضاء العائلة الحاكمة، و3 إعلاميين، ورئيسي جمعيتين سياسيتين، واثنين من المواطنين الذين ينتمون إلى الديانات « المسيحية واليهودية « في البحرين، ومصرفيين بالإضافة إلى مسؤولين حكوميين وآخرين، وهو الأمر ذاته الذي يكاد ينطبق على تشكيلة المجلس عام 2006، التي زاد فيها تمثيل المرأة إلى ربع عدد المقاعد باعتبارها تمثل نصف المجتمع.
وفي الفصل التشريعي الثالث دخلت عشرة وجوه جديدة في التشكيلة الجديدة للمجلس، ضمت تشكيلة من ذوي الاختصاص والخبرة من كافة أطياف المجتمع البحريني السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والمهنية.
وبالنظر إلى الأداء التشريعي للمجلس خلال الفصول التشريعية الماضية، بحسب التقرير، نجد أن أعضاءه مارسوا صلاحياتهم التشريعية التي منحها لهم الدستور واللائحة الداخلية خلال هذين الفصول، عبر آليتين تشريعيتين، هما مشروعات القوانين - بما تتضمنه من التصديق على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية - والاقتراحات بقوانين , حيث عكست القوانين التي أقرها المجلس حرص الأعضاء على استكمال منظومة الإصلاحات التشريعية التي تفرضها متطلبات إقامة دولة عصرية تتوافر فيها مظاهر الديمقراطية، والعدالة، والمساواة، والرخاء، وبما يسهم بشكل رئيسي في إصلاح المجتمع والنهوض به. ومن هنا، جاءت هذه المشروعات لتشمل المجالات الرئيسية كافة في المجتمع سواء اجتماعية، أم اقتصادية، أم سياسية، أم قضائية.
ونظر المجلس في (647) مشروع قانون، حيث ناقش في الفصل الأول (177) مشروعاً، من بينها (65) مشروعاً بالتصديق على معاهدات واتفاقيات دولية، ووافق على (154) مشروعاً من بينها، فيما نظر في الفصل الثاني في (189) مشروعاً، من بينها (64) مشروعاً بالتصديق على معاهدات واتفاقيات دولية، ووافق على (137) , بينما نظر المجلس في الفصل التشريعي الثالث (310) مشروع قانون، من بينها (64) مرسومًا بقانون، ووافق على (297) مشروعاً.
واستحوذت مشروعات القوانين ذات الصبغة الاجتماعية على النصيب الأوفر من المشروعات التي عرضت على المجلس، إذ بلغ عددها (187)، وافق المجلس على (129) منها، من بينها (36) مشروعاً بالتصديق على معاهدات واتفاقيات دولية. وقد استهدفت هذه المشروعات في مجملها إعطاء دفعة جديدة للنهوض بالمجتمع، وزيادة مؤشرات التنمية البشرية، ورفع المستوى المعيشي للمواطنين، وتطوير الخدمات الأساسية والمرافق والبنية التحتية، وحماية حقوق المثقفين والعلماء، والرعاية الدينية.
ولحظ التقرير أن مشروعات القوانين الاقتصادية التي عرضت على المجلس خلال هذه الفصول بلغت (130) مشروعاً، وافق المجلس على (119) منها، من بينها (67) مشروعاً بالتصديق على معاهدات واتفاقيات دولية، ولقد هدفت في مجملها إلى تحقيق مجموعة من الأهداف تمثلت بشكل أساسي في دفع عجلة النشاط الاقتصادي، وتنظيم وتنشيط حركة التجارة والصناعة، وضبط حركة إنتاج وتداول السلع والخدمات، وتنظيم موارد الدولة، ودعم السياسات المالية والنقدية.
أما في المجال السياسي، فقد عُرض على المجلس خلال هذه الفصول (41) مشروعاً وافق على (36) منها، من بينها (24) مشروعاً بالتصديق على معاهدات واتفاقيات دولية، حرصت في أغلبها على حماية الحقوق الأساسية للمواطنين، وتكريس قيم الشرعية الدستورية، وتعزيز الحريات العامة.
وحول الاقتراحات بقانون، ناقش المجلس (103) اقتراحات بقانون، أقر منها (57) اقتراحاً، ولوحظ استئثار المجال الاجتماعي بالنصيب الأوفر منها؛ حيث قدم بشأنه (36) اقتراحاً بقانون.
ولم يعرض على المجلس أي مراسيم بقوانين لمناقشتها وإبداء الرأي فيها خلال الفصل التشريعي الأول، فقد نظر خلال الفصل الثاني في (11) مرسومًا بقانون، انتهى رأيه فيها بالموافقة على (9) منها بصفة نهائية وإحالتها للحكومة، وقد سيطر المجال الاقتصادي على النصيب الأوفر منها.
ومن خلال القراءة الإحصائية للأداء التشريعي لمجلس الشورى خلال الفصول التشريعية خرج التقرير بعدد من المؤشرات، من أهمها:
أولاً: وجود زيادة مطردة في عدد مشروعات القوانين التي قدمت للمجلس خلال الفصل التشريعي الأول، فيما كان أهم ما يميز الفصل التشريعي الثاني هو بروز المراسيم بقوانين على أجندة الأداء التشريعي للمجلس.
ثانياً: وجود فجوة كبيرة بين عدد الاقتراحات بقوانين المقدمة من أعضاء مجلس الشورى مقارنة بمشروعات القوانين، ففي الفصل التشريعي الأول بلغ عدد مشروعات القوانين المقدمة (177) مشروعاً مقابل (58) اقتراحاً، وفي الفصل التشريعي الثاني بلغ عدد مشروعات القوانين (189) مشروعاً مقابل (45) اقتراحاً، وفي الفصل التشريعي الثالث بلغ عدد مشروعات القوانين المقدمة (310) مشروعاً مقابل (31) اقتراحاً ولعل هذا الأمر يدفع إلى القول بعدم إقبال أعضاء مجلس الشورى على استخدام حقهم التشريعي مقارنة بالحكومة التي تحرص على تقديم عدد كبير من مشروعات القوانين من أجل دفع عجلة التشريع في اتجاه تلبية احتياجات المجتمع، ومواكبة ما يشهده من تطور.
ثالثاً استحواذ المجال الاجتماعي على النصيب الأوفر من الآليات التشريعية التي استخدمها المجلس خلال الفصول التشريعية، حيث حظي هذا المجال بـ (89) مشروع قانون من إجمالي (177) مشروعاً في الفصل الأول، وكذلك حظي بـ (98) مشروعاً من إجمالي (189) في الفصل الثاني، بينما بلغ هذا المجال في الفصل التشريعي الثالث (193)، من أجمالي (310) مشروعاً.
كما استأثر هذا المجال أيضا بالنصيب الأكبر من الاقتراحات بقوانين التي قدمت خلال الفصول التشريعية.
ولعل ما سبق يعد مؤشرًا قويٌّا على جهود أعضاء مجلس الشورى في تلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين، من خلال التركيز في الجانب الاجتماعي الذي يعد ذا تأثير مباشر في حياتهم، وسن التشريعات التي تكفل تنظيم هذا الجانب تنظيمًا محكمًا يضمن معالجة أي مشكلات تطرأ على المجتمع مستقبلاً.
رابعاً: الدور البارز الذي لعبته المرأة في ممارسة مجلس الشورى لصلاحياته التشريعية، وهو ما ظهر جليا من خلال مشاركتها المستمرة والفعالة في مناقشة مشروعات القوانين على مدار الفصول التشريعية، وأيضًا في استخدامها حقها التشريعي في تقديم الاقتراحات بقوانين؛ حيث بلغت نسبة الاقتراحات بقوانين التي تقدمت بها المرأة في المجلس وتمت الموافقة عليها وإقرارها بالفعل كمشروعات قوانين (11) اقتراحاً، وذلك من إجمالي (32) اقتراحاً بقانون أقرها المجلس بالفعل كمشروعات قوانين في الفصل الأول. كما شاركت في تقديم (21) اقتراحاً بقانون من بين (25) اقتراحاً أقرها المجلس بالفعل كمشروعات قوانين في الفصل الثاني. واللافت أن الاقتراحات بقوانين التي تقدمت بها المرأة شملت مجالات شتى لا تخص قضايا المرأة فحسب، وإنما تخص المجتمع ككل، في تأكيد عملي لأهمية دورها كشريك أساسي في ممارسة العمل التشريعي الذي يهدف إلى حل قضايا المجتمع، ومواكبة تطورات الأوضاع في مختلف القطاعات.
وقال التقرير إن الإنجازات السابقة التي حققها مجلس الشورى في الفصول التشريعية السابقة، تنبئ بأن الفصل التشريعي الرابع سيحمل المزيد من الإنجازات التي يمكن تعظيمها من خلال بذل المزيد من الجهود لتفعيل دور المجلس على أربعة مستويات، هي تفعيل الأداء على المستوى السياسي عبر تطوير قدرات أعضاء المجلس، والوصول بها إلى مستوى معين من الجاهزية والاستعداد والإدراك؛ بما يسهم في الوصول بالمجلس إلى أعلى مستوى للأداء.. وتفعيل الأداء على المستوى الفني من خلال استمرار تدريب وتطوير مهارات العاملين في الإدارات والوحدات الفنية المختلفة، وتحديث أنظمة المعلومات لدعم العمليات التشريعية والمالية.. وتفعيل الأداء على المستويين المؤسسي والتنظيمي، أي زيادة قدرته على خدمة الأعضاء في أداء مهامهم.. وتفعيل الأداء على المستوى الشعبي والجماهيري؛ حيث ترتبط فعالية المؤسسة التشريعية بقدرتها على إحداث التأثير الإيجابي في المجتمع الذي تمثله، وبقدرتها أيضًا على تلقي وامتصاص التأثيرات المجتمعية وصياغتها في صورة قرارات وقوانين.
وأخيراً يمكن القول إن ما سبق من إنجازات ما كان ليتم من دون المساندة التي حظي بها المجلس من دعم ومساندة من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى ، وصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، وصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة ولي العهد الأمين نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، وبوجود رئاسة قادرة هي د. فيصل الموسوي في الدورة الأولى، وعلي الصالح في الدورتين الثانية والثالثة، ما ساهم في تمكينه من ممارسة دوره في مناقشة قضايا المواطن على المستويين السياسي والاجتماعي، وإبراز أهمية دور المشاركة الشعبية في الكشف عن أوجه قصور الأداء الحكومي.
وأشار التقرير إلى انه ما كان ليتم هذا الجهد الدؤوب من دون التعاون المثمر والبناء الذي تم طوال الفصول التشريعية بين السلطتين التنفيذية والتشريعية من ناحية، وهو ما تجلى في الزيارات واللقاءات المتبادلة بين أعضاء مجلس الشورى وسمو رئيس الوزراء خلال الفصول التشريعية الماضية، وكذلك اللقاءات التي عقدها أعضاء المجلس مع الوزراء ومسؤولي الأجهزة الإدارية، ناهيك عن المشاركة الفعالة للوزراء أو من ينوب عنهم في جلسات المجلس , ومن ناحية أخرى التعاون بين مجلسي الشورى والنواب، والذي أسفر بدوره عن العديد من التشريعات والقوانين التي تهم المواطنين، وتكمن أهمية ذلك في كونه يؤكد صحة توجه المملكة في تبنيها نظام المجلسين.