اكد معالى الشيخ خالد بن علي آل خليفة، وزير العدل والاوقاف والشؤون الاسلامية ، إن المشروع الإصلاحي الذى أطلقه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى ال خليفة عاهل البلاد المفدى اختار إرساء مشروع ديمقراطي يحتضن الجميع لوضع أسس الإصلاح والديمقراطية والمشاركة على أساس بناء التوازنات في مجتمع متنوع التكوين، لا تستقيم فيه الأمور إلا في سياق التوافق الوطني بين الأطراف الاجتماعية والسياسية.
واوضح معالى الشيخ خالد بن علي آل خليفة فى حديث نشرته البوم صحيفة / الشرق الاوسط / الصادرة فى لندن اليوم ان التطور الديمقراطي بالأساس عملية داخلية يتم إنجازها عبر صيرورة تاريخية يتم خلالها إرساء قيم الديمقراطية وخلق مؤسسات فاعلة ورأي عام جمعي، ولا يمكن أن تكون في شكل قفزات في الهواء،مشيرا الى ان هذا التطور لا يمكن أن يتم إلا بعد تحقق عدد من الأسس التي لا تقوم الديمقراطية بدونها، من ضمنها وجود ثقافة ديمقراطية وفكر سياسي ديمقراطي، بما في ذلك إرساء مبادئ التعددية في الفكر والتنظيم، والاهتمام ببناء دولة المواطنة والرفاه والاستقرار الاقتصادي.
واعرب عن اسفه لقيام البعض بالانحراف بالعمل السياسي وقيامه بتبني مفاهيم تخالف مفهوم التطوير والعمل المشترك، وغالبا ما تقوم هذه المفاهيم على فكر أحادي مبني على الإقصاء، مما يؤدي حتما إلى الدخول في نفق التقسيم والانشقاقات وبالتالي عدم الاستقرار.
وقال انه من المسلم به أن لكل دولة تجربتها الخاصة، كما أنه من المفترض أن يكون لكل بلد عربي تجربته الخاصة أيضا، لكن هذه الخصوصية لا يجب أن تؤدي إلى إلغاء الفكرة الديمقراطية أو تشويهها، أو الحد مما هو جوهري فيها، وهو الحريات العامة والخاصة والمشاركة السياسية والمواطنة المتساوية ودولة القانون والمؤسسات وحقوق الإنسان.
واضاف معالى الشيخ خالد بن علي آل خليفة قائلا إن"المهم أن يبقى لكل مجتمع طريقه الخاص في التطور بالشكل الذي يناسب ظروفه واحتياجاته ويحفظ توازناته".
واكد ان التعددية السياسية عاودت انطلاقتها الحقيقية مع مطلع المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى الذي اعتمدها كتأكيد على جدارة الشعب بحياة سياسية ديمقراطية تعتمد تعددية الجمعيات السياسية والتنظيمات الشعبية، كما أحاط ممارستها في الوقت ذاته بجملة من الضوابط والقواعد التي من شأنها أن تحفظها وتضمن لها أسباب النجاح والتواصل، مشيرا الى ان التحدي الذي واجه هذا التحول هو كيفية ضمان أن تكون التعددية السياسية المكرسة حزبيا حصنا منيعا يحول دون توظيفها للإساءة لحقوق وحريات الأفراد والتعدي على الدولة ومحاولة تقويض المنجزات التي تحققت أو للإساءة للوحدة الوطنية وثوابتها، حيث كان واضحا في فترة الأحداث المؤسفة أن البعض قد استغل التعددية السياسية وجعلها مدخلا ومطية لتقويض أركان الديمقراطية وأسس الدولة والإطاحة بركائز المجتمع، بل الأخطر من ذلك هو انزلاق البعض في متاهة تكريس الطائفية.. ولذلك كانت الدعوة إلى الحوار قائمة منذ اليوم الأول للأحداث وإلى يومنا هذا، في ضوء ثوابت ميثاق العمل الوطني الذي صوت عليه شعب البحرين في 14 فبراير 2001، بما يقارب الإجماع، وبالفعل تعددت دعوات الحوار من خلال مبادرة صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب الفائد الاعلى النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء، ثم حوار التوافق الوطني في 2011، والآن ومنذ فبراير2013 نستكمل حوار التوافق الوطني لخلق مزيد من التوافق في مجال التطوير السياسي.
واوضح ان الصورة الموجودة على طاولة حوار التوافق الوطنى بتفاعلاتها وتجاذباتها السياسية والفكرية، تعكس صورة المجتمع السياسي في البحرين، بتنوعه الفكري والسياسي، ولكن بالتأكيد أن هذا الاختلاف ليس قطعيا وكاملا، فهناك دائما تقاطعات في العديد من الجوانب، خاصة في ما يتعلق بالثوابت الجامعة للمواطنين، بالإضافة إلى ما يمتلكه البحرينيون من تاريخ طويل من التعايش والتوافق والتسامح، وهذه المقومات جميعها تدفع تدريجيا نحو تذليل الصعوبات والاختلافات.
واعرب عن قناعته التامة بأن الحوار سوف يصل في نهاية المطاف إلى التوافقات التي ترضي الجميع، وتحافظ على التوازنات في الدولة والمجتمع، حيث لا يخفى أن ميزة المجتمع البحريني أنه متنوع في تكوينه الاجتماعي والسياسي والطائفي والثقافي، بما يجعل سيطرة طرف على طرف آخر أمرا متعذرا عمليا، بل قدر الجميع هو التعايش والتوافق.
كما اعرب عن اسفه لادعاء بعض الأطراف أنهم يمثلون الشعب والإرادة الشعبية ، وذلك لتبرير إصرارهم على فرض أجندة سياسية محددة يتوجب الاستجابة الفورية والكاملة لها، خصوصا في مجال إدارة الدولة ونظام الحكم، مؤكدا ان هذا أمر غير مقبول، خصوصا أن شعب البحرين قد سبق له أن حسم رأيه في القضايا الجوهرية عبر ميثاق العمل الوطني.
وقال ان الواقع على طاولة الحوار كما في المجتمع، وأننا مجتمع متنوع، وأن هنالك آراء متعددة ومختلفة، ودورنا كممثلي الحكومة أن ندفع لمزيد من التوافق، مع المحافظة بطبيعة الحال على الثوابت الجامعة التي لا يمكن وضعها محل تساؤل ومزايدة أو تهاون بأي شكل من الأشكال.
واشار الى ان هنالك صعوبات يمكن تذليلها تدريجيا بالحوار، وتجارب الأمم والشعوب في العصر الحديث تؤكد ذلك، وعلينا الصبر والمثابرة، علما بأننا خلال الأشهر الماضية حققنا بعض التقدم في العديد من النقاط التي توافقنا عليها، مثل آلية إدارة الجلسات، وأن مخرجات الحوار تكون اتفاقا نهائيا، كذلك تم وضع مشروع جدول الأعمال وكذلك آليات تنفيذ المخرجات المتوافق عليها.
وقال أنه لا يعقل بعد 4 أشهر من انطلاق الحوار والجلسات والمناقشات المطولة أن يأتي طرف من أطراف الحوار لفرض تغيير تركيبة طاولة الحوار، من دون أي مبرر قانوني أو سياسي مقنع، مما يطرح تساؤلات جوهرية حول الغاية من هذا الطرح الذي يبدو عاملا معرقلا للتوافق ومؤخرا للتقدم نحو الأهداف من هذا الحوار.
وشدد وزير العدل والاوقاف والشؤون الاسلامية على ان الحوار في البحرين هو حوار الأخوة في الوطن الواحد بعيدا عن تأثيرات المعادلات الإقليمية والدولية.كما شدد على ان طموحنا كمواطنين بحرينيين هو التوافق الوطني الذي يحمي كيان الدولة وشرعيتها، واستقرارها ونماء شعبها ووحدتها الوطنية.
واكد ان شعب البحرين ينشد الاستقرار والأمن والسلام والتعايش والازدهار معربا عن تفاؤله في الوصول إلى حل متوافق عليه، لأننا شعب واحد وفي مركب واحد، وليس لنا من بد من التوافق، وهذا سوف يتطلب المزيد من الحكمة والعقلانية والوصول إلى حلول وسط في ما يتم الاختلاف بشأنه سياسيا.
وعلى صعيد تطوير منظومة العدالة في مملكة البحرين قال اننا نبحث تطوير الأداء من حيث الجانب الإداري عبر استحداث نظام إدارة الدعوى للإسراع في البت في القضايا. كما نعمل على توفير بدائل جديدة لفض النزاعات مثل التحكيم والوساطة.وكذلك متابعة التدريب القضائي بتطبيقات حرية التعبير وحرية التجمع, ومبادئ المحاكمة العادلة وتطوير قواعد التفتيش القضائي على المؤسسات القضائية وأماكن الاحتجاز والمهم أن يكون هناك نقل لمفهوم العدالة الناجزة إلى الرأي العام وتعزيز دور المجلس الأعلى للقضاء.