كتب - جعفر الديري:
تحتفـــظ ذاكــــرة البحرين، بأسمـــاء شخصيات خليجيـة وعربية عاشــت بين أشقائها البحرينيين، وساهمت مساهمات جلية في تاريخ البحرين الحديث، في أكثر من حقل!. حتى إذا عادت إلى وطنها الأم، نقلت كثيراً من عادات وتقاليد هذا البلد، وفتحت الأعين على تراثها وحاضرها الجميل.
من هؤلاء المؤرخ المشهور مقبل بن عبد العزيز الذكير، المولود سنة 1882 والمتوفى سنة 1941، الذي نزح من نجد في الجزيرة العربية لكي يصبح أحد أشهر تجار اللؤلؤ في البحرين، ومشاركاً في بواكير النشاط الثقافي، مؤسساً لجمعية ثقافية ومراسلاً للصحافة الأدبية المصرية آنذاك، ومتحمساً لحملات التبرع للشعوب الإسلامية في تركيا ومجاهدي ليبيا.
الذكير هو صاحب مخطوطة (العقد الممتاز لأخبار نجد وتهامة والحجاز) والمعروفة بتاريخ الذكير، وهناك من يسميها: (العقود الدرية في تاريخ البلاد النجدية) وقد وردت كتاباته التاريخية في نهاية القرن الثالث عشر وبداية القرن الرابع عشر الهجري خصوصاً في فترة نهاية الدولة السعودية الثانية.
من هؤلاء كذلك المؤرخ الشيخ حافظ وهبة، المصري الذي صار جزءاً من تاريخ التعليم النظامي الحديث في البحرين. كان الشيخ حافظ وهبة مديراً في مدرسة الهداية الخليفية بالمحرق منذ إنشائها العام 1919، وقد اتهم في مطلع العشرينات بنشاطات معادية للإنجليز فطرد من منصبه حالاً، وذهب إلى الكويت ومنها إلى الجزيرة العربية.
استهوى وهبة، تاريخ البحرين قديماً وحديثاً، وتناولها في أكثر من إصدار له، ومنها كتابه الذي طبع أكثر من 4 مرات، (جزيرة العرب في القرن العشرين)، حيث عرض لتاريخ أوال، وموقع البحرين، وخصوبة أراضيها، ومحاصيلها الزراعية كالنخيل، الليمون، والرمان، والتوت، والتين، والبطيخ، والأترج، وأنواع الخضراوات.
أما الشاعر الكويتي خالد الفرج، فغني عن القول أنه عاش هموم البحرينيين، كواحد من أبناء البحرين. لقد جاء من الهند بخبرته الثقافية ليستغرق في الفعاليات الأدبية ومنها توصيل معاناة الشعب في البحرين إلى الصحافة المصرية، ويكتب شعراً يقلق الوجود البريطاني في البلاد.
عمل الفرج مدرساً في الهداية الخليفية ثم موظفًا في إدارة المعارف. وكان أثناء ذلك يكتب المقالات وينظم القصائد التي حملت طابعاً ثورياً ضد الاحتلال الإنجليزي لدول الخليج في ذلك الوقت.
«واستغل الفرج علاقاته الثقافية الواسعة مع كثير من رموز الصحافة العربية آنذاك في نشر تلك المقالات والقصائد بالإضافة إلى الأخبار التي تتناول شؤون الاحتلال وتحرض عليه، في المجلات العربية وخصوصاً في مصر. فكانت تلك الكتابات التحريضية ذات النفس القومي الواضح السبب الذي دعا الإنجليز للغضب منه. ومع أنه كان مقرباً من الأسرة الخليفية الحاكمة في البحرين، حيث عينه حاكمها آنذاك عضواً في المجلس البلدي، ومعززاً من قبل أبناء أعمامه الدواسر المقيمين هناك، فإن البلاد كلها كانت تئن تحت وطأة الاحتلال الإنجليزي والذي سرعان ما اشتدت قبضته على البلاد ما دعا كثيرين ومنهم الشاعر للنزوح إلى البلدان المجاورة. وفي حين قام أبناء عمومته بعبور البحر متجهين إلى مدينة الدمام فضل الشاعر أن يعود إلى وطنه الكويت ليتنفس قليلاً من عبق الأهل، وليعود إلى كتاباته الشعرية والقصصية والصحفية أيضاً».