تونس - (أ ف ب): تعهد الرئيس التونسي المنتخب الباجي قائد السبسي بضمان عدم رجوع الاستبداد إلى تونس وبالحفاظ على حرية الصحافة الوليدة في البلاد التي تأمل استكمال مسارها نحو ديمقراطية كاملة. وقد تولى الباجي قائد السبسي عدة وزارات مهمة كالداخلية والدفاع والخارجية في عهد بورقيبة. كما تولى رئاسة البرلمان بين 1990 و1991 في عهد بن علي. وأشادت بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات التونسية، بعملية الاقتراع التي جرت أمس الأول وبـ «الهيئة العليا المستقلة للانتخابات» التي نظمتها.
وقالت البعثة في بيان «تونس تنتخب رئيسها لأول مرة خلال انتخابات شفافة وذات مصداقية وتختتم طوراً انتخابياً مطابقاً للمعايير الانتخابية».
وفاز قائد السبسي «88 عاماً» مؤسس ورئيس حزب «نداء تونس» المعارض للإسلاميين، بالدورة الثانية للانتخابات على منافسه الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي «69 عاماً».
وحصل قائد السبسي على 55.68 % من الأصوات والمرزوقي على 44.32 % وفق النتائج الرسمية «الأولية» التي أعلنتها الهيئة المكلفة بتنظيم الانتخابات العامة.
وفي أول تصريح له إثر إعلان فوزه بالانتخابات، قال قائد السبسي في مقابلة بثها التلفزيون الرسمي «لا رجوع إلى الاستبداد، هذا لن يعود، بل أنا مع طيّ صفحة الماضي تماماً».
وكان الرئيس المنتخب يجيب عن سؤال «ماهي الضمانات التي يمكن أن تقدمها كرئيس للجمهورية للناس الخائفين من عودة الاستبداد؟».
وشهدت تونس تفرداً في الحكم في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة وخلفه زين العابدين بن علي.
وأعطى الدستور التونسي الجديد الذي تمت المصادقة عليه مطلع 2014 صلاحيات واسعة للبرلمان ورئاسة الحكومة مقابل صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية وذلك خشية من عودة استبداد الرئيس.
وتعهد قائد السبسي في مقابلته مع التلفزيون التونسي بالحفاظ على حرية الصحافة التي قال إنها «مكسب من مكاسب الثورة ولا رجوع عنها».
كما تعهد بعدم رفع أي قضية ضد أي صحافي قائلاً «هذا عندي فيه التزام كتابي».
وخلال الحملة الانتخابية، قدم محمد المنصف المرزوقي، وهو حقوقي ومعارض سابق لنظامي بورقيبة وبن علي، نفسه كضمانة للحريات التي اكتسبها التونسيون بعد الثورة التي أطاحت بنظام بن علي في 14 يناير 2011.
وقد حذر المرزوقي من عودة التضييق على الحريات وخصوصاً حرية الصحافة إن فاز الباجي قائد السبسي بالانتخابات الرئاسية.
وقال قائد السبسي للتلفزيون التونسي «عندي توصية للصحافيين بأن يكونوا حرفيين، يعني الصحافة حرة لكن لا يجب أن تسمح لنفسها بكل شيء، هناك ضوابط، نحن نحترم الصحافة التي تحترم نفسها».
وأوردت بعثة مراقبي الاتحاد الأوروبي في بيانها أن «القنوات التلفزيونية الخاصة في تونس فضّلت بشكل جلي المرشح قائد السبسي من حيث الوقت المخصص للحديث المباشر وذلك على حساب الرئيس المرزوقي» الذي كان اشتكى من هذا الأمر خلال الحملة الانتخابية.
ونفى قائد السبسي عن نفسه اتهامات بأنه كان جزءاً من منظومة الاستبداد في عهديْ بورقيبة وبن علي.
وقال «خرجت من الحكم عندما كنت في أوج المسؤولية. كنت سفيراً في باريس واستقلت لأني مع النهج الديمقراطي. وقد طردت من حزبي «الحزب الحاكم في عهد بورقيبة» لأني قدّمت جملة تقول «الحزب الذي لا يطبق الديمقراطية داخل صفوفه ليس له مصداقية إذا ادعى أنه سوف يطبقها في مستوى البلاد»».
وأضاف قائد السبسي أنه عمل رئيساً للبرلمان «لمدة سنة» واحدة في عهد زين العابدين بن علي ثم «غادر منصبه عن طيب خاطر» بسبب إخلال بن علي بتعهد مكتوب بإحلال الديمقراطية نشره يوم وصوله إلى الحكم في 7 نوفمبر 1987.
وفاز نداء تونس الذي أسسه قائد السبسي في 2012 بمواجهة حركة النهضة الإسلامية التي حكمت تونس من نهاية 2011 وحتى مطلع 2014، بالانتخابات التشريعية التي جرت في 26 أكتوبر الماضي فيما حلت حركة النهضة الثانية. ويضم نداء تونس يساريين ونقابيين ومنتمين سابقين لحزب «التجمع» الحاكم في عهد بن علي والذي تم حله في 2011 بقرار قضائي بسبب تورطه في الفساد والاستبداد في عهد الرئيس المخلوع.
وأضاف قائد السبسي أن «هياكل» حزبه الذي يملك أكثرية المقاعد في البرلمان «86 مقعداً من إجمالي 217» سوف تجتمع «خلال يومين» لبحث تشكيل الحكومة الجديدة.
ولا يملك نداء تونس «الأغلبية المطلقة» «109 مقاعد» التي تؤهله تشكيل الحكومة بمفرده لذلك يتعين عليه الدخول في تحالف مع أحزاب ممثلة في البرلمان لبلوغ الأغلبية المطلوبة.
وقال قائد السبسي إن رئيس الحكومة المنتظرة «لا يمكن أن يكون وزيراً من وزراء بن علي السابقين» كما ذهبت إليه، في وقت سابق، وسائل إعلام محلية.
وأضاف أنه سوف يستقيل من رئاسة حزب نداء تونس لكنه «لا ينسحب» من الحزب.
وأجمعت أغلب الصحف التونسية الصادرة أمس على أن «تحديات كبيرة» في انتظار الرئيس والحكومة القادمة.
ولخصت يومية «لابريس» الصادرة بالفرنسية هذه التحديات في «المديونية الكبيرة، والنمو الاقتصادي الضعيف، والبطالة المرتفعة، والقدرة التنافسية الاقتصادية المتدهورة، والأمن المهدد بشكل كبير».
ومنذ الإطاحة بنظام بن علي في 2011 تواجه تونس خطر صعود مجموعات متطرفة قالت السلطات إنها خططت لإقامة «أول إمارة إسلامية في شمال إفريقيا» بتونس.
وخلال 4 سنوات، قتل أكثر من 60 من عناصر الأمن والجيش واغتيل اثنان من قادة المعارضة العلمانية في 2013 في هجمات نسبتها السلطات إلى المجموعات المرتبطة بتنظيم القاعدة.