من خلال هذا المقال أود أن أعبر عما في قلبي من حزن على حال ممشى الرفاع الذي يرثى له... فأنا شابة وأستطيع أن أشق طريقي وسط النفايات ولكن هل تستطيع العجوز التي لا ترى جيداً أن تخوض الصعوبات في هذا الطريق المعتم الذي ترفض الأضواء أن تنيره لأن منظره بات مقززاً؟ هل تستطيع هذه العجوز التي أوصاها الأطباء بالمشي أن تعبر من خلال نقاط التحدي «Checkpoints» التي تقام في وسط الطريق بلا توقف حيث تكون أنت الهدف المتحرك الذي يجب إصابته بكرة القدم؟
للأسف كنت أمشي وأنا ألتفت يميناً ويساراً... العدو قد أحاط بي من جميع الاتجاهات.. الدخان يزحف أمامي ليخنقني وقد نصب لي العدو أفخاخاً تعرقلني من علب وأكياس.. أريد أن أحارب ولكن أين اختفى الطريق؟ هل أصبت بالعمى؟ لا.. لقد ابتلعته القذارة! على يميني أسر تحيط بها النفايات وهم يضحكون في لامبالاة جالسين على العشب الذي يصرخ «أريد أن أرتوي بالماء لا بالأوساخ!» وعلى يساري أطفال يلعبون بالتراب وينثرونه في الطريق وفي أوجه المارة بلا حسيب ولا رقيب والغبار يعتذر ويقبل عيني.. أهؤلاء إخوتي في الإسلام؟!
لا أعلم إن كان علي أن أضحك أم أبكي.. إني أرى رجالاً فوق الأرجوحة يلعبون.. مسكينة تلك الأرجوحة ويا لعظم مأساتها عندما تتحمل أوزاناً تكاد أن تنافس الفيلة... إنها تتقطع! أتعلمون ماذا أيضاً يتقطع؟ ظهر عامل النظافة الذي يتقطع مع قلبه على مشهد انعدام الإنسانية الذي يجبره على الانحناء لينظف خلف المتخلفين الذين يرون أنه من واجبه أن يلاحقهم وينظف وراءهم! أتعلمون ما الذي يجمع أيضاً بين تلك الأرجوحة وعامل النظافة؟ عدم القدرة على مواجهة أولئك الطغاة الظالمين.
«وين يايبني أنت؟!» هو اقتباس من أحد المواطنين الذي كان يعاتب صديقه ومن ثم هربوا من هول المنظر.. فإلى متى التخلف؟
إن حب الوطن ليس فقط في ارتداء اللون الأحمر والاحتفال بمولده بل الحب هو العطاء والاحترام، فمن يحب وطنه يحمي أرضه وسماءه فلا يلوثه و يخربه.. وهل تحتاجني أن أنصحك أيها المواطن؟
في النهاية أريد أن أشكر الشباب على محاوطتهم للممشى وأخذهم أدوار الحراس وعلى اختيارهم الرفيع للأغاني العالية التي ساعدت في إضفاء جو من المرح في الممشى ومن وضع أنوار «فلورسنت» التي أضاءت لنا الطريق وأيضاً شكر خاص للافتات التي تصرح الممنوعات التي يخاف من عواقبها المارة وإلى كل شخص قد أشعل النار بالقرب من الممشى حتى نشعر بالدفء وشكر خاص لمن يشوي اللحوم والأسماك التي بخرت المكان بروائحها التي تنافس العطور الفرنسية وإلى كل شخص يدخن الشيشة لتعقيمه الهواء لنا وأختم المقال بالتقدير للجميع على نظافتهم والتزامهم القوانين.

هنوف خالد العجمي