الدراسات تؤكد أن الأصوات تبقى كمادة إلى ما لا نهاية
ولدت في الجسرة 1929 وانتقلت إلى قرية الزلاق في الثالثة
الصخير تحمل على صدرها الجبل الوحيد في البحرين جبل الدخان
أنا من تنفس هواء البحر وشرب من العيون الطبيعية
تأثرت بأشعار الشيخين العظيمين من أسسا الشعر في البحرين
فهد بن مرداس الدوسري أول شاعر كونت علاقة معه
مهما كانت مخيلتك واسعة فإن البيئة تخرج من كلماتك
الشعراء يرون بقلوبهم ما يمكن أن يحدث في المستقبل
القراءة لم تكن هواية إنما طريقة حياة مثل تنفس الهواء
الزاد الحقيقي للإنسان هو زاد العقل عبر القراءة المتواصلة
كنت أشتري الكتب وأدخلها إلى البيت من « الدريشة»
يوسف الصديقي ساهم في تدريبي على قواعد اللغة
نشرت البواكير من نتاجي الشعري في مجلة «المستمع العربي»
مجموعتي الشعرية الأولى كانت قصائد من الشعر الوجداني
عشت بقلبي مع الحركات العربية في كل مكان وكتبت عن الثورة المصرية


حوار متخيل أجراه علي الشرقاوي:
منذ ديوانه الأول «من أغاني البحرين» العام 1955، وحتى «ماذا قالت البحرين للكويت» العام 1991، استطاع شاعر الطبيعة والرومانسية في البحرين والخليج المرحوم الشاعر الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة، أن يثبت له قدما قوية في خارطة الشعر العربي.
وفي هذا اللقاء المتخيل مع روح الشاعر الكبير، يحدثنا الشيخ أحمد عن ولادته في الجسرة العام 1929، والشعراء الذين تأثر بهم وآخرين اختلط بهم وصادقهم، والهموم والقضايا التي استأثرت باهتمامه، حتى صنع اسمه الكبير.
الشرقاوي: ها نحن نلتقي يا شيخ أحمد بعد مغادرتك الدنيا.
الشيخ أحمد: الشعراء لا يغادرون الدنيا، وإذا جاز القول، هم لا يستطيعون ذلك.
الشرقاوي: كيف لا يستطيعون مغادرة الدنيا؟
الشيخ أحمد: هل يعقل من كتب الأشعار، وشهد على عصره ورسم أحلامه وطموحاته ورغباته ومواقفه على البياض، ليس هذا فقط إنما ترك صوته يتجول في كل قطرة هواء، وترك أبناءه يواصلون رسم أحلامهم .. تذكر قصيدة جبران التي يقول فيها: «أعطني الناي وغني فالغنا سر الوجود.. وأنين الناي يبقى بعد أن يفنى الوجود».
الشرقاوي: ومن لا يذكر هذا المقطع الذي أعطته فيروز الكثير من روحها المتدفقة بالمحبة الإنسانية!
الشيخ أحمد: ما يعنيه جبران أن الصوت لا يفنى، والكثير من الدراسات، تقول إن الأصوات في العالم تبقى كمادة تدور إلى ما لا نهاية العالم، والصوت مادة، لهذا لا يفنى الصوت ولا يفنى ما يحمله الصوت من أشعار وأحاديث و أنغام وأحلام.
في الثالثة إلى الزلاق
الشرقاوي: هل لنا أن نعود إلى شي من تجربتك الحياتية والشعرية؟
الشيخ أحمد: نعم .. لكن بعد أن نشرب القهوة
الشرقاوي: لك ذلك يا شاعري
الشيخ أحمد: من أين تريد أن نبدأ؟
الشرقاوي : منذ الولادة
الشيخ أحمد: ولدت في قرية الجسرة العام 1929، وانتقلت إلى قرية الزلاق و لم أكن أتجاوز السنوات الثلاث من عمري.
الشرقاوي: أظن لا توجد فروقات كثيرة بين قرية الجسرة والزلاق، من حيث إن القريتين تطلان على البحر، وهما عامرتان بأنواع النخيل.
الشيخ أحمد: نعم هذا صحيح، لكن الزلاق تختلف عن الجسرة، لأنه إذا أردت الذهاب إلى الرفاع أو المنامة، لا بد أن تمر على منطقة الصخير، ومنطقة الصخير، تحمل على صدرها الجبل الوحيد في البحرين وهو جبل الدخان
الشرقاوي: والمعنى من كلامك يا شيخ أحمد؟
الشيخ أحمد : المعنى يا صديقي أنني تنفست هواء البحر، وشربت من العيون الطبيعية، وعايشت الصحراء
الشرقاوي: لا أتصور أن هناك أحداً غيرك في البحرين عاش مثل هذه التجربة
الشيخ أحمد: هناك من عاشها قبلي
الشرقاوي: مثل من؟
الشيخ أحمد: الشاعر الشيح إبراهيم بن محمد، والشاعر الشيخ محمد بن عيسى
الشرقاوي: وهل تأثرت بأشعارهما؟
الشيخ أحمد: لا شك.. لن تكون شاعراً إن لم تتأثر بأشعار الشيخين العظيمين، فهما الرائدان اللذان أسسا الشعر في البحرين الجديدة ورفعاه إلى السماء
الشرقاوي: أولم يكن قبلهما شعراء؟
الشيخ أحمد : بالطبع يوجد، ولكن من قبلهما، لم يكن الشعر إلا حالة من الحالات للتنفيس عن الذات، سواء كان مدحاً أو هجاء
الشرقاوي: وماذا عن الشيخين إبراهيم ومحمد؟
الشيخ أحمد: الشعر بالنسبة لهما، كان الهواء الذي يتنفسان، تحول من غناء وبوح إلى سلوك حياتي، لذلك ترى تجربتهما غنية جداً بكل القضايا الاجتماعية والسياسية والنفسية.
حيث البحر والصحراء
الشرقاوي: لنا أن نقول إن الشيخ أحمد بن محمد عاش تجربة البحر والصحراء معاً؟
الشيخ أحمد: لك أن تقول ذلك، فالبيئة كما هو معروف تفرض سطوتها على الشاعر .. وتتغلغل في مساماته وإن أراد الابتعاد عن مظاهر البيئة، تراها تخرج في كتابته غصباً عنه.
الشرقاوي : ماذا عن المخيلة؟
الشيخ أحمد : مهما كانت مخيلتك واسعة، فإن البيئة تخرج من كلماتك، فهي موجودة داخلك، ببحرها وصحرائها ونخيلها وأعشابها وشمسها وكثبانها
الشرقاوي: ماذا تذكر من أيام الدراسة يا شيخ أحمد؟
الشيخ أحمد: لا أذكر الكثير
الشرقاوي : قل لنا بعض الأشياء التي لا نعرفها
الشيخ أحمد: مثل ماذا؟
الشرقاوي : قصيدتك الأولى
الشيخ أحمد : تعرف أن قرية الزلاق مثل بقية مدن وقرى البحرين لا تخلوا من الشعراء .. وأول شاعر كونت علاقتي معه هو الشاعر فهد بن مرداس الدوسري
الشرقاوي: وكيف كانت هذه العلاقة؟
الشيخ أحمد : في البداية كان بن مرداس يكتب قصائدي بخط يده
الشرقاوي : عرفت أنك تزاجلت معه
الشيخ أحمد : نعم، وكان عمري آنذاك 14 سنة
الشرقاوي : لا أعرف سر العلاقة بين شاعر كبير في العمر والتجربة، وبين فتى لم يخط شاربه بعد؟
الشيخ أحمد : الواقع أن ابن مرداس رأي في حماسي شاعراً له أن يكون له صوته الخاص في قادم الأيام ، والشعراء كما تعرف يا صديقي يرون بقلوبهم ما يمكن أن يحدث في المستقبل، فهم يملكون الحدس الذي لا يملكه الإنسان العادي
الشرقاوي: أعرف أن الزلاق في تلك الفترة بعيدة عن المنامة والمحرق اللتين تعجان بالكتب، من أين تأتي بالكتب؟
القراءة طريقة حياة.
الشيخ أحمد: القراءة لم تكن هواية فقط، إنما أصبحت طريقة حياة، وجزء من تنفسي الهواء، لذلك اهتم بشراء الكتب أكثر من اهتمامي بشراء الحلويات، كنت وما زلت أرى أن الزاد الحقيقي للإنسان هو زاد العقل، وهذا الزاد لن يأتي إلا عبر القراءة المتواصلة.
الشرقاوي: وكيف كان الجو العائلي وأنت تلتهم الكتب في تلك الفترة؟
الشيخ أحمد: كانت والدتي الله يرحمها ويحسن إليها ويسكنها فسيح جناته عصبية ولا ترضي لي بشراء الكتب.
الشرقاوي: كيف تعاملت مع هذا الموضوع؟
الشيخ أحمد: كنت اشتري الكتب وأدخلها إلى البيت من «الدريشة» .. وبعدها أتسلل إلى غرفتي لكي أطلع عليها حتى في الليل كنت أستخدم «الفنر» للمطالعة ورحمها الله كانت خائفة على نظري.
الشرقاوي: من أين كنت تشتري هذه الكتب؟
الشيخ أحمد: من يوسف ارحمة الدوسري رحمه الله.
شاعر الطبيعة
الشرقاوي: نعرف أن الطبيعة لعبت دوراً أساسياً في تجربتك الحياتية والشعرية، ولكن أن تكون غواصاً في بحر الشعر، فهذا يحتاج إلى إتقان فن الغوص، ومن أهم أدوات الغوص في الشعر هي القواعد العربية، من أين حصلت على قوتك المعروفة في التعامل مع اللغة وقواعدها؟
الشيخ أحمد: سؤالك مهم بالنسبة لي، لأنه يفتح ذاكرتي على واحد من أهم الأشخاص الذين ساهموا في تدريبي على قواعد اللغة، وأحب أن أذكره وهو المرحوم الشيخ يوسف الصديقي.
الشرقاوي: الكثيرون، خصوصاً الجيل الجديد، لا يعرفون من هو الشيخ الصديقي؟
الشيخ أحمد: عاش سماحة الشيخ يوسف الصديقي في بيته المتواضع في الزلاق، يقصده كل محتاج، فكان مجلسه رحمه الله عامراً ومفتوحاً للجميع، لطالب العلم، ولقاصد فتوى شرعية، ولحل المشاكل الأسرية وللسائلين من الفقراء والمساكين والمتعففين.. ومازال مجلسه في الزلاق كما هو، يستقبل كل شرائح الناس، ويترحم عليه كل من كان على أعتاب بيته المتواضع في يوم ما أيام حياته.
الشرقاوي: رحل الشيخ يوسف الصديقي بعد أن ترك كماً كبيراً من إرث العلماء
الشيخ أحمد: هذا صحيح فالعلوم التي ستبقى منهلاً يقصده كل متعطش للعلم والتعلم، هذا هو الإرث الحقيقي للعلماء الذين كانوا نبراس حق، يساند ويعاضد الوطن أينما كانوا.
الشرقاوي: سمعت أنه كان يكتب الشعر؟
الشيخ أحمد: يكتب المحبة فتنثال مثل قطرات الندى في يوم قائظ على أفئدة المستمعين.
الشرقاوي: متى بدأت في نشر قصائدك يا شيخ أحمد؟
الشيخ أحمد: نشرت البواكير من نتاجي الشعري في مجلة «المستمع العربي».. التي كانت تصدر من لندن أثناء الحرب العالمية الثانية، وذلك في عدد نوفمبر 1951، كما نشرت مجموعة من قصائدي في مجلة «المجتمع العربي» المصرية، ثم في الصحف المحلية ثم صوت البحرين، القافلة، والخميلة.
الشرقاوي: هل لنا أن نعرف بمن تأثرت من الشعراء العرب؟
الشيخ أحمد: من الطبيعي جداً وأنت تخطو في كتابتك الأولى، لابد وأن تتأثر بشعراء وكتاب وروائيين وفلاسفة وعلماء، حتى بصيادين السمك أو رعاة الإبل أو حكايات المقهوي.
الشرقاوي: من هم الأكثر تأثيراً عليك؟
الشيخ أحمد: تستطيع القول إنه في المجموعة الشعرية الأولى والتي كتبت قصائد من الشعر الوجداني والقومي والوصفي، كنت متأثراً بعلي محمود طه وعمر أبي ريشة.
الشرقاوي: من المعروف لنا يا شيخ أحمد أنك عشت في فترة خصبة من تاريخنا القومي
الشيخ أحمد: عشت بقلبي مع الحركات العربية في كل مكان، لذلك كتبت عن الثورة المصرية وثورتي مراكش والجزائر وفلسطين.
الشرقاوي: أعرف يا شيخ أحمد أنك انتقلت إلى القضيبية العام 1951، ودخلت المدرسة الثانوية، هل لك أن تذكر لنا من هم الزملاء الذين درست معهم؟
الشيخ أحمد: كثيرون يا صديقي.
الشرقاوي: هل تذكرهم؟
الشيخ أحمد: أذكر البعض منهم.
الشرقاوي: مثل من؟
مع غازي القصيبي.
الشيخ أحمد: أسميهم فرسان الخمسينيات والستينيات وقد جمعتني ببعضهم مقاعد الدراسة أو مهنة الأدب والشعر فمن الصعب اكتشاف أن أنسى د.غازي القصيبي وناصر بوحيمد والشاعرعبدالرحمن رفيع هم القريبون مني كقرابة النبض من القلب.
الشرقاوي: ديوانك الأول أغاني البحرين العام 1955.. لماذا وضعت كلمة أغاني بدلاً من أشعار؟
الشيخ أحمد: الأغاني، كما يقول عبد الله الطائي « أنغام تتصاعد إلى الأفق.. إلى النجوم.. ولكنها قد تلتقي بحواجز تمنعها من التحليق فتسير في هذا الكون كما يتبعه المخدوع بالسراب»
الشرقاوي: هل كنت متخوفاً من القول أن ما تكتبه لا يرقى لمنزلة الشعر؟
الشيخ أحمد: لا أذكر ما كنت أفكر فيها في تلك الفترة، ولكن ربما كنت أريد، أو كنت أحلم أن تكون القصائد بمثابة الأغاني التي يغنيها الغواصون في رحلتهم للغوص بحثاً عن اللؤلؤ.
أين المعاناة
الشرقاوي: هناك من النقاد من يقول إنك تعاملت مع الغوص من الخارج
الشيخ أحمد: بأي معنى؟
الشرقاوي: إنك تكلمت عن الغوص بصورة رومانسية ولم تتكلم عن معاناة الغواص.. وظلم النوخذا.. و تعب البحر
الشيخ أحمد: كل إنسان يتعامل مع الموضوع حسب رؤيته الخاصة، البعض يكتب عن ألم الغواصين، والبعض الآخر يكتب عن نغم الرحلة والمغامرة والدهشة، وأرى أن من يتكلم عن الألم، لا يرى الجانب السلبي من البحر، لا يستطيع أن يرى البحر بخيراته وعطاءاته غير المحدودة.
الشرقاوي: هل تقبل يا شيخ أن أشاغبك قليلاً؟
الشيخ أحمد: تفضل يا صديقي
الشرقاوي: يأخذ عليك من كتبوا عنك أن تكتب المدح؟
الشيخ أحمد: لنقف عند جملة يأخذ علي كتابة المدح
الشرقاوي: تفضل
الشيخ أحمد: هل من يكتب الحب يؤخذ عليه كتابة الحب.
الشرقاوي: طبعاً لا
الشيخ أحمد: كذلك المدح.. هو أحد مواضيع الشعر التي يكتبها الشاعر، المدح نوع من أنواع الحب، أنت تقول الحب لمن تريد من الناس.
الشرقاوي: هذا مشروع ليس للشعراء فقط، إنما عند كل إنسان
الشيخ أحمد: أنت حينما تريد إصلاح عطب كهربائي في بيتك تعطي العامل أجره وتشكره على ما قام به.
الشرقاوي: هذا صحيح
الشيخ أحمد: زوجتك حينما تقوم بتحضير وجبة رائعة تشكرها
الشرقاوي: هذا جزء بسيط على ما تقوم به الزوجة
الشيخ أحمد: كذلك المسؤولون الكبار، ملوك، رؤساء، قادة هم يحمونك ويجعلونك آمنا في بيتك، ويبعدون عنك الأخطار، ويجعلون حياتك أكثر رخاء وسعادة.
الشرقاوي: كلامك رائع يا شيخ أحمد
الشيخ أحمد: أليس من حقهم علينا أن نشكرهم ونمدحهم؟
الشرقاوي: هناك من يسمي المدح نفاقاً
الشيخ أحمد: النفاق يا صديقي هو أن تظهر غير ما تبطن، أو أنك تريد شيئا لنفسك، نحن في كتابة الشعر لا نريد شيئاً، بقدر ما نحاول قدر الإمكان أن نرد شيئاً من الجميل الذي قام به هؤلاء المسؤولون الكبار في بلادنا.
الشرقاوي: هذا أقل الواجب
كل إنسان يستحق المدح.
الشيخ أحمد: هل أقول لك شيئاً تستفيد منه ويستفيد منه غيرك؟
الشرقاوي: تفضل يا شيخ أحمد
الشيخ أحمد: كل إنسان على وجه الأرض يستحق أن يمدح.
الشرقاوي: هذا صحيح
الشيخ أحمد: هل تحب أن تمدح أعمالك؟
الشرقاوي: بالطبع نعم
الشيخ أحمد: يا صديقي من لا يمدح الآخرين لا يستحق المدح.. ثم إن هناك قضية آخرى في كتابة المدح
الشرقاوي: ما هي يا شيخ أحمد؟
الشيخ أحمد: المدح له علاقة بالثناء على الممدوح، لخصاله وأقواله وأعماله، ثم إن كل ما نكتبه يدخل في باب المدح، سواء في الكتابة عن المرأة ، أو الكتابة عن الطبيعة، كل ما نكتبه هو نوع من أنواع الحمد والثناء على الخالق
الشرقاوي: لكننا نتكلم عن المخلوق
الشيخ أحمد: في كل مخلوق هناك شئ من الخالق.
الشرقاوي: لا افهم ماذا تقصد؟
الشيخ أحمد: تذكر أن الله سبحانه وتعالى نفخ في روح آدم.
الشرقاوي: هذا صحيح
الشيخ أحمد: إذن في آدم شئ من روح الله.
الشرقاوي : كلامك حق
الشيخ أحمد: ونحن أبناء آدم، كل واحد منا يحمل شيئاً من روح الله.
الشرقاوي: كلامك رائع يا شيخ أحمد
الشيخ أحمد: المدح دائماً يتعامل مع الجوهر الإلهي في الإنسان، مع المحبة والنور والطيب والكرم والجود، والتي كلها من صفات الخالق التي أوصلها لمخلوقه الإنسان على هذه الأرض
الشرقاوي: إنك تتكلم كما يتكلم الروحانيون الآن
الشيخ أحمد: المسألة لا تحتاج إلى توصيف روحانيين أو غير روحانيين، لأن الإنسان بطبيعته كائن سماوي أنزل إلى الأرض.
الشرقاوي: هذه تحتاج إلى شيء من تفسيرك يا شيخ أحمد
الشيخ أحمد: كل إنسان روح، جاءت إلى العالم، في وقت ما ومكان ما، ومن والدين محددين، لتقوم بإيصال رسالة ما أو إنجاز مهمة ما، تقضي بعض الوقت على هذه الأرض، وتعود بعد إنجاز مهمتها إلى مكانها الأول، السماء
الشرقاوي: كلامك حكم يا شيخ أحمد
الشيخ أحمد: هي خبرة الحياة التي عشتها بينكم يا صديقي.
الشرقاوي: أعرف أنك كتبت الشعر النبطي قبل الفصيح
الشيخ أحمد: هذا صحيح.
الشرقاوي: تستطيع القول أن التدريب اليومي على كتابة النبطي، يساهم في تقوية الفصحى، خصوصاً من ناحية الوزن
الشيخ أحمد: كان الشيخ محمد بن عيسى «الوائلي»يشجع كل من يكتب النبط على كتابة الفصحى، موضحاً أن الأصل هو الفصيح.
عناوين من وحي الطبيعة
الشرقاوي: يقول د.منصور محمد سرحان عنك في كتابه «واقع الحركة الفكرية في البحرين»، إنك أثرت الطبيعة بشكل مباشر على عناوين دواوين ومن بينها «القمر والنخيل».. و«غيوم في الصيف» و«ديوان العناقيد الأربعة».. و«بقايا الغدران» و«هجير وسراب»؟
الشيخ أحمد: هذا صحيح يا أخي علي، لقد صدرت لي العام 1992 ستة دواوين التزمت فيها بالقصيدة العمودية، وكان فيها تأثري البالغ في العديد من دواوين الشعراء الذين ينظمون القصيدة العمودية.
الشرقاوي : هذا كما أرى أدى إلى إثراء هذا النهج الكلاسيكي
الشيخ أحمد: القصيدة العمودية تحتاج إلى تحويل عام في روحها وبالذات في طريقة التعامل مع اللغة والصور الشعرية، والتي لا بد أن تكون حديثة جديدة وطرية، قادرة على الدخول في قلب المتلقي.
الشرقاوي: هل تذكر آخر لقاء صحافي معك يا شيخ أحمد؟
الشيخ أحمد: نعم كان مع الصحافي الناقد كمال الذيب.
أول من نظم عن الغوص
الشرقاوي: قال كمال الذيب تحت عنوان الشراع المتمرد «ارتبط شاعرنا الكبير بالبيئة الخليجية والبحرينية، بالذات حيث تجلى ذلك الارتباط وتفجر من خلال قصيدته «الشراع المتمرد»
الشيخ أحمد: حاولت أن أكون أول شاعر بحريني يتحدث عن بيئة كانت تفرض نفسها في تلك الحقبة، حقبة الغوص «والهولو واليامال».
الشرقاوي: متميزاً بقدرة فائقة على الغوص في أعماق التجربة مجسداً مظاهر الطبيعة وتجسيدها
الشيخ أحمد: أحاول أن أنقل المتلقي إلى عالم الغوص
الشرقاوي: بل هي لوحات فنية نقلتها لنا من خلال خيالك الخصب وإبداعاتك في الوصف والتجسيد غائراً
الشيخ أحمد: تعرف يا صديقي أنني غصت طويلاً، بل غرقت، بين خضرة البساتين والجداول والرمال والمراعي وغير من مظاهر البيئة والطبيعة.
الشرقاوي: هل هذا هو ما دفع بالشاعر غازي القصيبي ليقول عنك واصفاً شاعر البحرين الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة بأكبر شعراء الرومانسية العرب
الشيخ أحمد: الشاعر الكبير غازي القصيبي، كان يرى في وصفي لبيئة الصحراء، ما كان يراه كواقع يذكره بهضاب نجد ونسيمها.
الشرقاوي: هل تذكر لنا يا شيخ أحمد تواريخ دواوينك؟
الشيخ أحمد: من أغاني البحرين 1955 - هجير وسراب 1962 - بقايا الغدران 1966- القمر والنخيل 1980- غيوم في الصيف 1988- ماذا قالت البحرين للكويت 1991.
الشرقاوي: أعرف أن هناك الكثيرين الذين كتبوا عن أشعارك
الشيخ أحمد: أذكر منهم: ناصر سليمان بوحيمد، وإبراهيم العريض، وقدري قلعجي، ورضوان إبراهيم، وعبدالله الطائي، وغازي القصيبي، ومحمد الفايز.
الشرقاوي : ماذا عن الدراسات حول تجربتك الشعرية؟
الشيخ أحمد: كتب عنها د.علوي الهاشمي، في ثلاثة كتب «شعراء البحرين المعاصرون» و»ما قالته النخل للبحر»، ودراسته الطويلة «السكون المتحرك».
الشرقاوي: أعرف أن د.منصور سرحان كتب دراسة مطولة عن أشعارك
الشيخ أحمد: هذا صحيح.
الشرقاوي: أعرف أن قصائدك ترجمت إلى بعض اللغات الحية
الشيخ أحمد: ترجم شعري إلى الإنجليزية والألمانية.
الشرقاوي: ماذا تقول في نهاية هذا اللقاء؟
الشيخ أحمد: أن تكون شاعراً، معناه أن تكون تحت الضوء، لذلك عليك ألا تستاء من أية وجهة نظر حولك أو حول شعرك، سواء كانت معك أو ضدك، أنت قم بدورك، وعلى الآخرين أن يقوموا بدورهم.