عدن - (الجزيرة نت): «عندما تنهار الدولة وتحكم البلاد ميليشيات مسلحة، تقل مساحة الحرية وتزداد الانتهاكات»، بهذه الكلمات لخص الصحافي اليمني أحمد فوزي سبب تزايد الانتهاكات والاعتداءات التي يتعرض لها الصحافيون من قبل جماعة أنصار الله أو المتمردون الحوثيون الشيعة الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء منذ سبتمبر الماضي.
وقال فوزي - وهو رئيس تحرير موقع يمن جورنال الإخباري - إن الحوثيين هددوه بالقتل أكثر من مرة عن طريق اتصالات هاتفية من أرقام خاصة، كان آخرها الثلاثاء الماضي، معتبراً أن الحوثيين يريدون إسكات أي صوت يفضح ما يقومون به من انتهاكات بعد أن صاروا هم القوة الأبرز في البلاد. بدوره قال الصحافي والناشط الشبابي مجاهد السلالي إنه تعرض للاعتقال والتعذيب من قبل اللجان الشعبية التابعة للحوثيين في رداع بالبيضاء أواخر نوفمبر الماضي، عند عودته من تغطية صحافية لهجمات الطائرات من دون طيار في منطقة المصلى، وإنهم حققوا معه لست ساعات وهو معصوب العينين، وسلموه بعدها بحالته تلك لجهة أمنية يرجح أنها الأمن القومي. وأشار إلى أنه تعرض - على مدى 8 أيام - لمختلف أنواع التعذيب الجسدي والنفسي خلال جلسات تحقيق كانت تستمر ساعات طويلة، قبل أن يفرج عنه إثر ضغوط مجتمعية وحزبية وحملات تضامن جعلت من اختفائه قضية رأي عام، الأمر الذي اضطر خاطفيه لإطلاق سراحه بعد تعرضه لأضرار جسدية ونفسية كبيرة.
أما الصحافي عمار التام، فروى أن مسلحي الحوثي اعتقلوه من موقع عمله بمستشفى رداع بمحافظة البيضاء، وأودعوه زنزانة ضيقة وحققوا معه لساعات بشأن تغطياته الصحافية للحرب التي دارت بين الجماعة ورجال القبائل هناك، إلا أنهم أطلقوه بعد 12 ساعة إثر ضغوط قبلية وإعلامية.
وعلى الرغم من نفي جماعة الحوثي استهدافها الصحافيين، فإن تصريحات وبيانات لنقابة الصحافيين وعمليات رصد لمنظمات حقوقية أكدت تورط الجماعة في انتهاكات ضد الصحافة والإعلام باليمن.
وكانت وزيرة الإعلام نادية السقاف قالت في تصريحات لها إن الحوثيين يصرون على التحكم بالسياسة التحريرية للإعلام الرسمي، كما أوقفت توزيع صحيفة الثورة الرسمية بعد سيطرة الحوثيين عليها، ودعا الاتحاد الدولي للصحافيين زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي لوقف التحريض ضد الإعلام وإنهاء احتلاله للمؤسسات الإعلامية ووقف تهديد الصحافيين.
في المقابل قال عضو المكتب السياسي لأنصار الله حسن الصعدي، إنه ليس هناك توجه لدى جماعته للاعتداء على الصحافيين وتقييد الحريات، بل إن لديها رغبة بشراكة حقيقة وتعاون بما يخدم الوطن، متهما وسائل إعلامية تتبع أطرافاً معينة بتشويه جماعته إعلامياً، ومع ذلك لم يتم استهدافها أو الاعتداء عليها. وأشار إلى أن «هناك مبالغة بشأن الانتهاكات، فالمؤسسات الإعلامية تعمل دون إشكاليات، وتنتقد أنصار الله واللجان الشعبية دون اعتراض، كما أن أي ثورة تغيير ترافقها دائماً أخطاء وتجاوزات من أفراد قد لا يكونون محسوبين على الثوار». وأوضح أن هناك سعياً لتصحيح الكثير من الاختلالات في أجهزة الإعلام، وأن ما حدث في صحيفة الثورة هو ثورة للموظفين ضد الإدارة الفاسدة، تفاعل معها أنصار الله واللجان الشعبية.
من جانبه أكد سكرتير لجنة الحريات بنقابة الصحافيين أشرف الريفي، أن هناك حرباً ممنهجة ضد الصحافيين ووسائل الإعلام، وتوجهاً لإلغاء الصوت الناقد لجماعة الحوثيين التي تمارس كل أنواع الانتهاكات ضد الحريات الصحافية والعامة.
وقال إن النقابة ترصد كل الانتهاكات ضد الصحافيين وإنها تعد لتقرير الحريات لعام 2014، وإن «الانتهاكات خلال الثلث الأخير من العام تفوق بكثير الانتهاكات خلال الثلثين الأولين، من حيث العدد والخطورة»، وإن الحوثيين يتصدرون مشهد الاعتداءات في الفترة الأخيرة، من خلال الاعتداء على سائل الإعلام ونهبها ومصادرتها وإدارتها بشكل غير قانوني. ورأى رئيس مؤسسة «حرية» للحقوق والحريات الصحافية، خالد الحمادي، أن وضع الحريات الصحافية في اليمن يعيش أدنى مستوياته، وأن «الصحافيين والمؤسسات الإعلامية هم أكثر الضحايا خلال الربع الأخير من عام 2014»، فقد رصدت المؤسسة خلاله أكثر من 70 حالة انتهاك، سجلت معظمها ضد الحوثيين.