كتب- حسن الستري
وصف وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة الادعاءات بوقوع أعمال تعذيب داخل مراكز التوقيف بالأمر «غير المبرر» ، مؤكداً أن «جميع النزلاء هم أمانة لدى وزارة الداخلية، وإدارة الإصلاح والتأهيل تملك من الرعاية والخدمات المقدمة إلى النزلاء ما يكفل لها أداء أعمالها بكفاءة عالية، وهناك خطوات واضحة ومحددة لمن لديه أي شكوى بهذا الخصوص».
وقال وزير الداخلية، خلال حفل تدشين الأمانة العامة للتظلمات تنفيذاً لتوصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، إن «نهج الإصلاح في البحرين ليس نظرياً فقط بل هو عملياً على أرض الواقع»، مشيراً إلى أن «البحرين تعيش إصلاحاً حقيقياً، فمنذ تولي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة والمشاريع الإصلاحية تتوالى ومنها المحافظة على الكرامة التي تعد من أهم ركائز المشروع الإصلاحي، ويأتي ذلك اعترافاً وإدراكاً من جلالته بتلك المبادئ والقيم الإنسانية التي نتمنى أن تصل لكل مواطن وأن يدرك أهميتها للعيش الكريم للمواطن والمقيم على هذه الأرض».
وأضاف الوزير راشد بن عبدالله أن «هذه الخطوة من تلك الخطوات الإنسانية الرائدة لحضرة صاحب الجلالة الملك المفدى، والتي تأخذ مكانها في إطار تنظيم العدالة وتنظيم المساءلة والشفافية وكلها من أجل إرساء هذه القيم والمبادئ والتمسك بها وانطلاقاً من تلك الثقة التي نعمل من خلالها».
وتابع: «عندما نقول الشفافية فإن هذا المبدأ تمسكنا وعملنا به منذ البداية وهو الأمر الذي يزيدنا ثقة، واليوم هناك الكثير من الكلام والمغالطات في الداخل أو الخارج ولا يمكن أن نصحح هذه الأمور إلا من خلال مثل هذه الخطوات الواثقة والعمل الجاد والاستمرار على هذا النهج وهذه الخطوات الإصلاحية، وفي النهاية يتم إدراك أهمية وجدية العمل في هذا البلد الذي تميز بتعامله مع قضايا خطيرة وفي خطوات لم تكن الأمور سهلة».
وأوضح وزير الداخلية أن «الشهور الماضية كانت مرحلة اختبار للجميع وتمكنت البحرين ولله الحمد قيادة وشعباً من الثبات وتجاوز الأزمة الوطنية، وتنظر البحرين اليوم من خلال تركيزها على مجريات الحوار الوطني لأن تكون المرحلة القادمة مرحلة انطلاق بقوة من خلال تجربة صعبة، والتجاوب عادة عندما يمر على الدول وتجتازه فهذا يقودها لمستوى من العطاء يدفعها للنجاح والتجاوب مع الدول التي اجتازت أزمات كثيرة من الشرق والغرب»، مشيراً إلى أن «من يراقب خطوات البحرين اليوم وتعاملها إنما يرى الثقة في أن هذا البلد قادر على التعامل مع الأزمات وتجاوزها، وما من شك في أن إطار تعاون الجميع والخطوات القادمة يحتاج منا إلى هذا التكاتف والتعاون والتصميم وهذه كلها أمور لا بد أن يؤمن بها الجميع وأن تكون الأولوية لهذا البلد ووطنيته».
وأكد أن «وزارة الداخلية ومنتسبيها يؤمنون بمبدأ المساءلة لأنه عندما تم تصميم المنهج التدريبي والذي ينير عطاءهم ، كان القصد منه رجل أمن يعرف مسؤولياته وواجباته الميدانية وهذه مسئولياتنا وواجباتنا تجاه كل رجل أمن وإن ورد منه خطأ فإننا نتحمل الخطأ مثل ما يتحمله، وواجبنا في التدريب حتى يعرف مسؤولياته في التطبيق ونقف هذه الوقفة الواضحة التي نعطي فيها المجال للجميع بأن يعرف بأن العمل والانضباط مسؤولية يجب أن يتحلى بها الجميع، وفي نهاية الأمر نتمنى للأمين العام للتظلمات والعاملين معه والمواطنين أن يستوعبوا هذا الأمر ويعملوا على إنجاحه».
استقلال مالي وإداري
من جهته، قال الأمين العام للتظلمات نواف المعاودة إن تدشين الأمانة العامة للتظلمات جاء ضمن منظومة العمل المؤسسي الذي يحرص على احترام حقوق الإنسان وترسيخ قيم العدالة وسيادة القانون، وتنفيذاً لتوصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصى الحقائق، وتحديداً التوصية رقم 1717 والفقرة د من التوصية رقم 1722، وهو ما تم تأكيده حين تفضل عاهل البلاد وأصدر مرسوم إنشاء الأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية، باعتبارها وحدة منفصلة ومستقلة بوزارة الداخلية تحقيقًا للحيادية والشفافية، وسيراً على نهج الديمقراطيات العريقة في تطبيق هذا النظام بوزارات الداخلية بل أضحت أول دولة على المستوى الخليجي تأخذ بهذا النظام الذي يسمى عالمياً بالـ(OMBDUSMAN).
وأضاف المعاودة أن الأمانة العامة للتظلمات بمملكة البحرين هي الأولى من نوعها في منطقة الخليج وهي جهاز مستقل إدارياً ومالياً تعمل بوزارة الداخلية لتلقي شكاوى الجمهور في حال ارتكب أحد منتسبي الوزارة لسلوك أو فعل مؤثم، كما تعمل على ضمان الالتزام بقوانين المملكة والمعايير المهنية للعمل الشرطي المنصوص عليها في مدونة سلوك الشرطة، وكذلك باللوائح الإدارية التي تحكم أداء الموظفين المدنيين بالوزارة، ومن ضمن آليات عملها إبلاغ الجهة المختصة بوزارة الداخلية لاتخاذ الإجراءات التأديبية بحق المخالفين من منتسبيها أو إبلاغ النيابة العامة أو وحدة التحقيق الخاصة في الحالات التي تشكل جريمة جنائية، مع إبلاغ كل من صاحب الشكوى والمشكو في حقه ببيان يتضمن الخطوات المتخذة لفحص الشكاوى والنتائج التي خلص إليها، كما يقوم أعضاؤها بزيارة السجون وأماكن التوقيف للتأكد من توافر عدة معايير مثل المعاملة الإنسانية، والرعاية الصحية، ومعيار الحقوق والضمانات القانونية، وهي تتبع في ذلك المعايير ذات الصلة في القوانين المحلية وكذلك المعايير الدولية في آلية التفتيش على السجون وأماكن التوقيف، وهي بذلك أول جهاز مستقل بعد السلطة القضائية له صلاحيات زيارة السجون وأماكن التوقيف.
وأشار إلى أن الأمانة العامة مهمتها التأكد من سير الإجراءات، وليس إصدار الأحكام، كون هذا الفعل من مهام وزارة الداخلية، وكشف عن حملة إعلامية من قبل الأمانة العامة لتوعية المواطنين بدورها، وذكر أن جهاز الأمن الوطني لديه مفتشية خاصة به، تؤدي دور الأمانة العامة.
وأوضح المعاودة أن الإطار العام الذي يحكم عمل الأمانة العامة للتظلمات بمملكة البحرين يشمل العديد من الأهداف، منها: القدرة على ضمان المساءلة لأي متجاوز، الاستقلالية والحيادية بما يشمل عدم وجود أي تحيز من أي نوع لأي من الأطراف، عمومية الرقابة وشفافيتها، إنجاز العمل بالسرعة المطلوبة بما يحقق عدالة ناجزة، العمل على بث الثقة والاطمئنان والمصداقية لدى الجمهور، العمل على تلافي الأخطاء التي تكشفت من خلال الخبرات المكتسبة في هذا الشأن، والعمل على تضمين سياسات الأمن العام ما يمنع من حصولها في المستقبل.
وأكد المعاودة أن الهدف الأساسي الذي تضعه الأمانة العامة للتظلمات أمام عينيها هو بذل الطاقات القصوى من أجل نجاح عملها وتحقيق الأهداف المرجوة من إنشائها، لتكون بذلك نموذجاً يحتذي به في المنطقة، في اكتساب ثقة الجمهور وضمان المساءلة، واحترم قيم حقوق الإنسان.
الآليات والضمانات
من جانبه، أكد نائب الأمين العام للتظلمات أسامة العصفور على محورية مبدأ الاستقلالية في عمل الأمانة العامة للتظلمات والتي تنبع من الآليات والضمانات التي أكد عليها مرسوم إنشائها، والمتمثلة في استقلال ميزانيتها الخاصة، واستقلال هيكلها الإداري وهيكلها الوظيفي، ما يصب في جهة تحقق مصداقيتها، من أجل أن تكون بذلك مؤسسة احترافية ومهنية منضبطة هدفها الرئيس هو العمل على تحقيق التميز والكفاءة في مجال اختصاصاتها. وإمعاناً في الشفافية وبث الثقة لدى الجمهور فإنها ستقوم من ضمن مهام عملها بنشر تقرير سنوي حول أعمالها، حتى يتمكن الجميع من الاطلاع على المهام التي قامت بها خلال عام في حدود اختصاصاتها وصلاحياتها. وأضاف العصفور: «بإمكان كل من يحق له التقدم بشكوى إما تسجيل الشكوى لدى ممثلي إدارة التدقيق والتحريات الداخلية بوزارة الداخلية في المديريات العامة للشرطة (خمس مديريات) بالمحافظات كافة، بحسب محل السكن أو موقع الحدث، أو إرسال الشكوى إلكترونياً عبر البريد الإلكتروني: [email protected] ، أو الحضور الشخصي لمقر الأمانة العامة للتظلمات، أو إرسال استمارة الشكوى عبر البريد العادي على عنوانها».
خطوة غير مسبوقة
من جهته، وصف وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة تدشين الأمانة العامة للتظلمات بأنها خطوة غير مسبوقة في الإقليم بكامله، ومهمته أن يستقبل شكاوى من المجني عليهم والشهود ويختص بأي نوع من الأفعال والانتهاكات التي قد تصدر من قبل بعض منتسبي وزارة الداخلية، موضحاً أنه من المهم أن يعلم المواطنون ما هي الأمانة.
وقال إن «الموجودين في الأمانة بعضهم عمل في النيابة، والأهم أن تكون لديهم خبرة فيما يتعلق بمجال حقوق الإنسان، وتعيينه لا يأتي عن طريق تبعية إدارية تتبع وزارة الداخلية وإنما هو مستقل يقوم بالتحقيق في الشكاوى التي تصل إليه، كما ينشر تقرير دوري لضمان الشفافية». وأكد تطبيق 70 % من توصيات تقرير لجنة تقصي الحقائق، موضحاً أنه يوجد اتفاق بين أمين عام التظلمات ووحدة التحقيق الخاصة بالنيابة العامة في التعامل مع الشكاة، وبناء عليه إذا كانت هناك أمور تدخل في التعذيب والمعاملة غير الإنسانية والاستعمال المفرط للقوة وحالات الوفاة المرتبطة بذلك، فإنه مباشرة يقوم أمين عام التظلمات بإحالة الشكوى للنيابة العامة.
تسريع «التقاضي»
وزير الدولة للشؤون الخارجية غانم البوعينين رأى أن تدشين الأمانة العامة للتظلمات خطوة للأمام، ونحن محتاجون لمثل هذه العمليات بسبب أن القضايا العادية تأخذ وقتاً طويلة في درجات التقاضي، إذ كان بالسابق التظلم في وزارة الداخلية أو اللجوء للقضاء أو النيابة العامة، معتبراً هذه إضافة جديدة لتنفيذ التوصبات وبسيوني حين أوصى لاحظ أن البحرين بحاجة لمثل هذا الجهاز، للنظر في جميع الشكاوى، مشيراً إلى أن القضايا التي تثير الرأي العام كان يجب التأكد من أي دعوى قبل إطلاقها ويجب أن يكون الأفراد على مسؤولية وجميع المواثيق الدولية تجرم الفعل الذي يعكر الأمن الاجتماعي والالتزام بأخلاقيات.
حضر حفل التدشين وزير العدل، وزير شؤون حقوق الإنسان د.صلاح علي، وزير الدولة للشؤون الخارجية غانم البوعينين، النائب العام د.علي البوعينين، وعدد من السفراء وكبار المسؤولين بالمملكة.