عواصم - (وكالات): استعادت القوات العراقية بلدة الضلوعية الاستراتيجية شمال بغداد التي سيطر تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» على معظم أنحائها لأشهر، في خطوة اعتبرها رئيس الوزراء حيدر العبادي «نقلة نوعية» في الحرب ضد التنظيم، فيما ظهر الطيار الأردني معاذ الكساسبة في فيديو نشره التنظيم المتطرف وهو يرتدي حلة برتقالية اللون تشير إلى زي «الإعدام» - وفق معاملات التنظيم - وتحدث عن ظروف إسقاط طائرته واعتقاله، بينما يأتي نشر الفيديو وسط أنباء عن مفاوضات سرية لتحريره.
وتشكل الضلوعية شمال بغداد، نقطة محورية تربط بين العاصمة ومحافظتي ديالى شرق العراق عند الحدود مع إيران، وصلاح الدين التي يسيطر التنظيم على مساحات واسعة منها، منذ الهجوم الكاسح الذي شنه في العراق في يونيو الماضي.
وتمكنت القوات الأمنية وفصائل شيعية موالية لها، إثر عملية عسكرية واسعة بدأت الجمعة الماضي، من استعادة الضلوعية التي فشل التنظيم المتطرف في السيطرة عليها بالكامل بسبب المقاومة الشرسة لقوات أمنية ومقاتلي عشيرة الجبور السنية في الجزء الجنوبي من البلدة. كما سيطرت القوات على مناطق عدة محيطة بالضلوعية، خاصة يثرب وعزيز بلد في صلاح الدين.
وقال ضابط برتبة لواء في الجيش إن «قوات من الجيش والشرطة والحشد الشعبي ومقاتلي العشائر نجحوا في استعادة السيطرة على الضلوعية».
وأضاف أن 50 آلية عسكرية تقدمت من شمال البلدة نحو جنوبها «والتحمت بالقطعات العسكرية المحاصرة»، مشيراً إلى أن «هذا الالتحام يعني تحرير الضلوعية بالكامل وانتهاء تواجد داعش».
وأكد قيادي في «منظمة بدر» الشيعية التي تشارك في المعارك إلى جانب القوات العراقية، «تحرير الضلوعية بالكامل».
وأشاد العبادي في بيان وزعه مكتبه الإعلامي «ببسالة القوات التي طهرت هذه المناطق»، معتبراً أن «ما حققوه يمثل نقلة نوعية في الحرب ضد العصابات الإرهابية ومنطلقاً لانتصارات جديدة تلوح في الأفق».
وتقع البلدة بمحاذاة نهر دجلة على مقربة من الطريق بين بغداد ومدينة سامراء شمال العاصمة ذات الغالبية السنية. وقال قائد عمليات دجلة الفريق الركن عبد الأمير الزيدي إن البلدة «هي من أهم البلدات التي يسيطر عليها داعش». وأضاف أنها تتمتع «ببعد استراتيجي لكونها تقع على امتداد الطريق بين بلد وسامراء، وفيها مطار الضلوعية الذي يتحكم بعقدة مواصلات، وكان يشكل الثقل الرئيسي لمسلحي داعش بين بغداد وديالى وصلاح الدين».
وتمكنت القوات العراقية الأحد الماضي من دخول الضلوعية. وشارك طيران الجيش العراقي في قصف البلدة لتسهيل تقدم القوات الأمنية.
وأرسلت القوات الأمنية تعزيزات «لاستكمال تطهير المناطق» التي تحصن فيها مقاتلو التنظيم، بحسب ما أفاد عمر الجبوري، أحد مقاتلي عشيرة الجبور السنية.
وتركزت معارك الأمس في منطقة الخزرج، بحسب الجبوري الذي أشار إلى أن عناصر التنظيم «يهاجمون القوات الأمنية بانتحاريين». ونشر التنظيم على منتديات جهادية صوراً من «المعارك الدائرة في ناحية الضلوعية»، تظهر إحداها تجهيز سيارة مفخخة، وتنفيذ هجوم انتحاري ضد القوات الأمنية من خلال «أبو جراح الشامي».
كما أظهرت الصور قيام عناصر التنظيم بإعدام شخصين يرتديان ملابس الشرطة العراقية، بإطلاق النار عليهما من مسدسات.
وأدت المعارك، بحسب القيادي في «منظمة بدر»، إلى مقتل اللواء المتقاعد عباس حسن جبر، المستشار العسكري لزعيم المنظمة هادي العامري، وذلك بعد إصابته برصاص قنص.
وشهدت الضلوعية خلال الأشهر الماضية عمليات كر وفر. وبعدما أعلنت القوات العراقية مطلع أكتوبر الماضي استعادة معظم أحيائها، عاود التنظيم المتطرف قبل أكثر من شهر هجماته، واستعاد المناطق التي فقدها.
ودخلت القوات الأمنية والفصائل المسلحة الموالية لها الأحياء الخارجة عن سيطرتها في الضلوعية الأحد الماضي، إثر عملية واسعة شارك فيها الجيش والشرطة الاتحادية وقوات «الحشد الشعبي»، التي تشكل غطاء للفصائل الشيعية المسلحة التي تقاتل إلى جانب القوات الأمنية.
ولجأت السلطات العراقية إثر انهيار قطعات عديدة من الجيش بسبب هجوم التنظيم في يونيو الماضي، في الموصل كبرى مدن شمال العراق، إلى هؤلاء المسلحين لمحاولة استعادة مناطق سيطرة الجهاديين.
وتمكنت القوات العراقية والبشمركة التابعة لإقليم كردستان، من استعادة بعض الزخم في الأسابيع الماضية، مدعومة بضربات جوية بدأها تحالف دولي بقيادة واشنطن في العراق في أغسطس الماضي. ووسع التحالف ضرباته في سبتمبر الماضي لتشمل مناطق سيطرة التنظيم في سوريا.
وأعلنت قيادة التحالف في بيان أنها شنت 8 غارات في العراق وغربه، كما شنت 7 غارات في سوريا ضد التنظيم.
وأتى ذلك غداة نشر التنظيم المتطرف في مجلته الإلكترونية «دابق»، «مقابلة» مع الطيار الأردني معاذ الكساسبة الذي أسره الأسبوع الماضي بعد سقوط طائرته فوق مدينة الرقة، أبرز معاقل التنظيم في شمال سوريا.
وقال الكساسبة إن مقاتله من طراز «إف 16» أسقطت بصاروخ حراري، وهي الرواية التي روج لها التنظيم منذ سقوط الطائرة في 24 ديسمبر الجاري.
وسبق للولايات المتحدة والأردن نفي إسقاط المقاتلة، بينما أكدت عمان أنه من غير الممكن تحديد سبب السقوط لتعذر الوصول إلى حطام المقاتلة.
ونقلت المجلة عن الكساسبة إن دوره يوم سقوط الطائرة، كان تدمير أي دفاعات جوية قد تؤثر على عمل المقاتلات الحربية.
وشكل أسر الطيار مادة دعائية مهمة للتنظيم الذي نشر صوراً يوم الأسر، تظهر قيام عناصره باقتياد الطيار، وهم يرفعون رشاشاتهم في الهواء احتفالاً. وتوقع الكساسبة في «المقابلة»، أن يقوم التنظيم بقتله.
وكان والد الطيار دعا التنظيم الجهادي إلى «الرأفة» بنجله، في حين أكدت واشنطن وعمان العمل «بصمت» لضمان عودته «سالماً» إلى بلاده.