عواصم - (وكالات): قال مراقبون وشهود عيان إن «الميليشيات الشيعية العراقية تعمد إلى توسيع رقعة نفوذها وتعيد رسم خارطة السكن وسط العراق، ويبدو أنها لا تفرق بين المدنيين والمتطرفين أثناء تقدمها في مناطق وسط البلاد، وهي تتبع سياسة ممنهجة من أجل تغيير الواقع الديمغراقي والطائفي في المنطقة»، فيما قتل أكثر من 15 ألف شخص من المدنيين وعناصر قوات الأمن جراء أعمال العنف في العراق خلال 2014، ما يجعل منه أكثر الأعوام دموية منذ 2007 حين كانت البلاد غارقة في حرب طائفية. من ناحية أخرى، قالت قوة المهام المشتركة إن الولايات المتحدة وحلفاءها شنوا 29 غارة جوية على أهداف للدولة الإسلامية في سوريا والعراق. ففي سوريا اشتملت العمليات على 17 غارة قرب مدن الرقة ودير الزور وعين العرب. وأصيبت فيها مجموعة من المنشآت التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية ومواقعه ووحداته المقاتلة.
وفي العراق استهدفت 12 غارة مباني ومواقع ووحدات مقاتلة للدولة الإسلامية بالقرب من مدن الموصل والفلوجة وسنجار. وتم استخدام مقاتلات وقنابل وطائرات يتم التحكم فيها عن بعد في الغارات على «داعش».
ورأى مراقبون أن الخطر المحدق بالعراقيين لا يقتصر على المتطرفين وحدهم، بل يتجاوزه إلى شيء أكثر بشاعة يهدد التنوع الديمغرافي والطائفي وسط العراق. فالميليشيات العراقية المقاتلة إلى جانب الجيش وسعت نفوذها مؤخراً أمام تراجع المتطرفين في بعض مناطق وسط العراق، وبدأت بإعادة رسم خارطة التوزيع الطائفي للسنة والشيعة.
ونتيجة لذلك، بدأ «تغيير كبير يطرأ على المناطق التي يعيش فيها السنة وسط العراق، وبشكل خاص في ديالى وسامراء وصلاح الدين وبابل وجرف الصخر ومناطق حزام بغداد». وتحدثت مصادر لوكالة «رويترز» عن عدم تفريق الميليشيات بين مدني ومتطرف، وقيامها باعتقال وفصل الرجال عن النساء والأطفال، قبل ترحيلهم إلى مواقع الجيش العراقي، إضافة إلى حرق المنازل وتدميرها، وهي عمليات تقوم بها تحديداً منظمة «بدر» بحجة شق الطرق للوصول إلى الأحياء والمقامات الشيعية القريبة.
وتقول مصادر إن «الميليشيات تستقدم عائلات شيعية للسكن في البيوت التي هجرها ساكنوها، ما قد يؤدي إلى تغيير الطابع الديمغرافي والطائفي في تلك المناطق».
كما أكد شهود عيان فرار السنة من مناطق وسط بغداد، أمام تقدم الجيش والميليشيات الشيعية، خوفاً من الاعتقال والقتل بتهم مساعدة المتطرفين وإيوائهم.
ويدعم هذه الشهادات ما قالته منظمة الإنقاذ الدولية عن أن أكثر من 130 ألف عراقي فروا من وسط العراق، خوفاً من الاعتقال، أمام تقدم الجيش والميليشيات.
من ناحية أخرى، قتل أكثر من 15 ألف شخص من المدنيين وعناصر قوات الأمن جراء أعمال العنف في العراق خلال 2014، ما يجعل منه أكثر الأعوام دموية منذ 2007 حين كانت البلاد غارقة في حرب طائفية، بحسب أرقام حكومية نشرت أمس.
وشهد العام الماضي هجوماً كاسحاً لتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» تمكن خلاله من السيطرة على مساحات من شمال البلاد وغربها، إضافة إلى تفجيرات شبه يومية بالعبوات الناسفة والانتحاريين خاصة في بغداد.
وأفادت الأرقام التي تعدها وزارات الدفاع والصحة والداخلية، بمقتل 15 ألفاً و538 شخصاً خلال 2014، بينهم 12 ألفاً و588 مدنياً. وتعد الحصيلة أكثر من ضعف تلك المسجلة العام الماضي «6522 شخصاً».
ووصل عدد الجرحى في 2014 إلى 22 ألفاً و620 شخصاً.
وسجل عدد القتلى في 2007 ، 17 ألفاً و956 شخصاً.
وأشارت منظمة «ايراك بادي كاونت» البريطانية غير الحكومية التي توثق أعمال العنف في العراق، أن حصيلة عام 2014 بلغت 17 ألفاً و73 قتيلاً، ما يجعل منه ثالث أكثر الأعوام دموية منذ 2003، تاريخ الغزو الأمريكي للبلاد، والذي تلته موجات عنف متتالية.
وفي كلمة ألقاها بمناسبة رأس السنة الجديدة، قال رئيس الوزراء حيدر العبادي «لقد مر على العراقيين عام هو أصعب الأعوام وأقساها بفعل الهجمة الوحشية لعصابات داعش الإرهابية». في السياق ذاته، يسعى جنود أمريكيون ومن دول التحالف ضد تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، للإسراع في تدريب 5 آلاف عنصر أمني عراقي كل 6 أسابيع، لإكسابهم «المهارات الدنيا» لاستعادة المناطق التي سيطر عليها التنظيم المتطرف.
وبدأ الجنود الأمريكيون في الأيام الماضية تدريب العناصر العراقيين، في المرحلة الأولى من برنامج سيتوسع تدريجياً ليشمل 5 قواعد عسكرية في العراق، إحداها في إقليم كردستان. وأنفقت الولايات المتحدة خلال وجودها العسكري في العراق بين 2003 و2011، مليارات الدولارات على تدريب الجيش العراقي وتجهيزه. إلا أن العديد من القطعات العسكرية انهارت بشكل كبير في وجه هجوم «الدولة الإسلامية»، لا سيما في الموصل كبرى مدن شمال البلاد. وفر العديد من الضباط والجنود من قواعدهم، تاركين آلياتهم وأسلحتهم صيداً سهلاً للتنظيم.