قال الشيخ خالد السعدون إن «ذكرى المولد النبوي الشريف تمثل حدثاً عظيماً للبشرية»، مشيراً إلى أن «خير احتفال بتلك المناسبة الطيبة، باتباع سنة وهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وطاعته، قال الله تعالى في كتابه الكريم «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم». وأضاف الشيخ السعدون في تصريح لـ «الوطن» في ذكرى المولد النبوي التي تصادف غداً، أن «على المسلمين الاحتفال بتلك المناسبة يومياً، بإظهار الحب للرسول، فلن ندخل الجنة إلا بحبه، عليه الصلاة والسلام، وكما ورد في السنة المباركة، فإن الرسول دعا إلى صيام يوم الإثنين من كل أسبوع، لأنه يوم ولد فيه».
وأوضح الشيخ السعدون أن «ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم، أصل لرحمة من الله عظمى، وهي لنا النعمة الكبرى، قال الله تعالى في كتابه الكريم: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين»، وهو النور على المشهور، في قوله تعالى: «قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين»، وفي الحديث الذي اختاره الطبري، وما رواه أحمد مرفوعاً: «إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأنبئكم بتأويل ذلك، دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى قومه، ورؤيا أمي التي رأت، أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام»».
وذكر أن «مولد الرسول نور، بما أوحي إليه، والكتاب الذي نزل عليه نور، والآخذ بهما يستنير له سبيله حياً، وفي قبره تصير ظلمته نوراً، وله يوم القيامة يكون الصراط نيراً ذليلاً، فلا خدش يناله، ولا كردسة في النار تكون مآله، فحينما ينصب الصراط فوق جهنم للعبور إلى جنة عالية، أو سقوط في أم هاوية، يكون النبي أول من يعبره، فيقوم عليه بعد داعياً: «رب سلم سلم». ثم تتبعه أمته، «ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل، ودعوى الرسل يومئذ: اللهم سلم سلم».
وتابع الشيخ السعدون أن «النبي الكريم هو المشفق على أمته، وقد تلا يوماً قول الله تعالى: «إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم»، فرفع يديه وقال: «اللهم أمتي أمتي، وبكى، فقال الله عز وجل: يا جبريل اذهب إلى محمد فقل ...: إنا سنرضيك في أمتك، ولا نسوءك» رواه مسلم، لافتاً إلى أنه «عند النفخ في الصور، والبعث من القبور، وتبريز الجحيم للغاوين وهي تفور، فيومئذ يقوم على حوضه داعيا ربه: «أمتي أمتي».
وفي رد على سؤال حول كيفية احتفال المسلمين بتلك المناسبة المباركة، أفاد الشيخ السعدون بأن «الصحيح الذي عليه العمل إلى يومنا هذا، أن المسلمين يحتفلون بمولده كل يوم إثنين، فقد: «سئل الرسول عن صوم يوم الإثنين قال: ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت، أو أنزل علي فيه»»، مشيراً إلى أن «المسلمين اليوم يحتفلون كل عام بمولده، ومولده في مكة عام الفيل، وهذا عليه إجماع، ولكن الخلاف في تحديد اليوم، والمشهور أنه ولد في الثاني عشر من شهر ربيع الأول، فالمسلمون قد اختلفوا في يوم ميلاده، ولكنهم أجمعوا على حبه، حباً أكثر من النفس والمال والولد، وما على الأرض والبحر من مدد، والقول الوسط حين وقوع الخلاف أن يؤخذ بالاتفاق، وينبذ الافتراق، ومن ثم فحفلنا الأسبوعي هو الصوم، وبقي عندنا اليومي والسنوي، والصحيح بلا خلاف أن نحتفل بالمولد يومياً، لأنه عليه الصلاة والسلام أولى بنا من أنفسنا، قال تعالى «النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم»، ولا ندخل الجنة إلا بحبه أكثر من النفس وما سواها، روى البخاري عن عمر: أنه قال: «يا رسول الله، لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا، والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال له عمر: فإنه الآن، والله، لأنت أحب إلي من نفسي».
ولفت الشيخ السعدون إلى أن «حق رسولنا أكبر من أن نعمل بهديه يوما فحسب، بل كل ما يصبح علينا صباح، وكلما أظلم ليل فطلع نجم ولاح، ولذلك علينا اتباع الرسول الكريم تصديقاً لقوله تعالى «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً».
وشدد على أن «اتباع الرسول شرط وأمارة لحب ربنا الرحمن، قال تعالى «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم».
وحول تخصيص يوم المولد النبوي بعبادة معينة كصيام أو ذكر أو غير ذلك، أوضح الشيخ السعدون أنه «غير معلوم عن الصحابة غير صوم الإثنين، وهم أعلم بالله ورسوله، وهم أكثر منا حباً وتوقيراً لله، وكذلك فرسولنا حبه عندهم من ذاك المخرج والمكان»، مستدركاً أنه «من احتفل بذاك اليوم توقيراً وحباً لله تبارك وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فلعله يؤجر لذاك، إن كان عنده من الدليل ما ليس لغيره، فكما أن ديننا لا ينفر ولا يسفه وليست الفظاظة دثاره، ولا الغلظة شعاره، فهو يصوب المجتهد إذا أصاب، ويرده إلى صوابه، إن أبعد أو أخطأ أو حاد».