يعتبر الطب من المهن المعقدة ولا يختلف اثنان حول أهميته ونبل القائمين عليه ومهما كان جنسهم ودينهم وفلسفتهم للحياة الإنسانية ومن هنا يتبين لنا بوضوح أنه رغم التطور الهائل في المجال العلمي والتكنولوجي وما رافقه من اختراعات واكتشافات اقترنت بالصحة البشرية إذا ما أحسن استغلالها ذلك يجعل الإنسان مهدداً في سلامته إذا لم يتم وضع الضوابط الأخلاقية والقانونية للحد من الأخطاء الطبية.
إن التطور الرهيب في علم الطب رافقه تزايد نسبة الأخطاء الطبية التي أصبحت شبه يومية وحديث الصحف أحياناً وأروقة المحاكم أحياناً أخرى وهو ما جعل من موضوع الأخطاء الطبية مشكلة مجتمعية تحوز أهمية خاصة لدى فئات المجتمع ولم تعد مشكلة مهنية محصورة ضمن كوادرها الطبية فالخطأ الطبي هو الإخلال بواجبات الحيطة والحذر واليقظة التي تمليها على الطبيب طبيعة عمله وتلزمه بها التشريعات واللوائح الطبية.
الخطأ الطبي الهيكلي هو ذاك الخطأ الخارج عن نطاق المهنة وأصولها الفنية والناجم عن سلوك إنساني مجرد قد يعتبره البعض مجرد قضاء وقدر محتم عن المريض ومن بين السلوكيات المتفشية داخل المستشفيات والناجمة عن الهفوات الطبية هي سوء التشخيص أو الانفراد بالتشخيص والإهمال وعدم التدقيق في الملاحظة أثناء إجراء العملية الجراحية فلا يعطي الطبيب أو الجراح ما يستحق من الدقة والملاحظة فينتج عنه آثار مرضية مثل الإسراع في معالجة المرض المفاجئ الذي يتعرض له المريض وذلك استئثاره برأيه في العملية التي قد لا تدخل كل أجزائها في اختصاصه.
إن الجهل بأمور فنية يفترض على من كان في مثل تخصصه ودرجته المهنية الإلمام بها أو استعمال الآلات أو الأجهزة الطبية دون أن يكون على علم كاف بطريقة استعمالها أو دون أن يتخذ الاحتياطات الكفيلة بمنع حدوث ضرر من جراء هذا الاستعمال وأما الخطأ اللوجستي الذي أشار إليه العديد من الباحثين في مجال الطب فإنه يتمثل في افتقار المراكز الصحية لوسائل ومعدات متطورة تساعد في التقليص من حدوث الأخطاء وتدقق في التشخيص لدرجة أن الطبيب يستطيع أن يتكهن بكل الأمور قد تفاجئ المريض أثناء العملية.
واتهم عديد من الكوادر الطبية شركات توريد المعدات الطبية بتقصيرها في توفير هذه المعدات بل تعمدها في كثرة الأخطاء الطبية من خلال إعادة رسكلة المعدات الطبية البسيطة مثل الحقن بعد استعمالها يعاد تعقيمها واستعمالها مرة أخرى وهو قد يتسبب في نشوء جراثيم قاتلة داخل الجسم عافانا وعافاكم الله.
إذن من يحمي المريض الضحية من التهاون والإهمال ومن يضمن حق المريض عندما يكون ضحية خطأ طبي فيصاب بعاهة خطيرة يصعب علاجها ومن يضمن حق الورثة عندما يرسله الخطأ الطبي إلى المقبرة وما هو دور الرقابة الصحية لهذا الموضوع عندما يكون أعضاؤها يترددون في إدانة زملائهم؟ فكل هذه التساؤلات أردت إثارتها لكم لكشف الغموض حول الأخطاء الطبية.
عبداللطيف بن نجيب
متطوع بدار يوكو لرعاية الوالدين وناشط اجتماعي