خادمة تهرب من كفيلها ثم ترجع طالبة إنقاذها
تهرب من منزل كفيلها لتقع بشباك مافيا آسيوية تبيعها بـ200 دينار
1580 بلاغاً حول هروب الخادمات سنوياً
1412 خادمة هاربة حتى أكتوبر الماضي
خزرجي: وضع قانون رادع لمن يساعد في الهروب
كتبت - زهراء حبيب:
«أجبرني على ممارسة الجنس مع 20 شخصاً في اليوم مقابل 9 دنانير لكل ممارسة، لمدة شهر، وبعدها باعني لشخص ثان بـ200 دينار»، ذات البداية المتشابهة للعديد من الخادمات الهاربات، مع اختلافات طفيفة في التفاصيل، تبدأ القصة بمكالمة خاطئة لينسج بعدها المتصل خيوط الإستدراج، أو بشكوى لخادمة أخرى عن سوء معاملة كفيلها أو عدم حصولها على مستحقاتها الشهرية، لتقودها الأخرى بخطوات واثقة نحو نفق مظلم لا نهاية له، ولتبدأ حكاية أخرى من حكايات «مافيا الخادمات».
وتتعالى الأصوات المطالبة بتشديد إجراءات جلب العمالة المنزلية لحلحلة ملف هروب الخادمات وتكبد الكفيل مبالغ طائلة جراء استقدامها وبعد فترة بسيطة، يخسر تلك المبالغ بلمح البصر بعد هروب الخادمة في عتمه الليل، لكن هذه الظاهرة فتحت الأبواب نحو أزمة إنسانية أخرى تحولت فيها المتهمة إلى ضحية بعد أن وقعت في شباك من غرر بها بعمل أفضل، بالمتاجرة بها في الدعارة وبيعها من شخص إلى آخر.
وباتت الخادمة سلعة تشترى وتباع في أوساط الآسيويين خاصة من الجنسية البنغالية، والمتاجرة بها في ممارسة الرذيلة مع طالبي المتعه مقابل المال، ومصدر لدخل اضافي لعدد من الآسيويين من «الفيري فيزا»، وفتحت مشكلة هروب الخادمات باباً أشد وطأة من غيره، خاصة أن البحرين من الدول التي تحارب الاتجار بالبشر وبشدة.
وانتقلت البحرين من مافيا تهريب الخادمات إلى عصابات أخرى تتاجر بهن، بتسهيل مهمة هروبهن في الخطوة الأولى من منزل كفيلهن، بخداعهن بعروض عمل مغرية، حتى يكتشفن بعد ذلك أنهن وقعن في شباك مافيا تبيعهن وتشتريهن، من أجل الكسب المادي من ورائهن في أعمال الدعارة.
أما السعر المتداول في سوق بيع الخادمات هو 200 ديناراً للخادمة الواحدة، وهو متوسط أسعارهن في السوق، ومن الممكن أن تشترى وتباع ذات الخادمة من شخص لآخر بذات السعر، بعد الاستفادة منها في المتاجرة بها في ممارسة الدعارة لبعض الوقت.
وتتردد في أروقة المحاكم العشرات من القضايا المتعلقة بالمتاجرة بالخادمات الهاربات، وإن اختلفت شخوص المتهمين بيد أن الحكاية ذاتها تتكرر مع المجني عليهن «الخادمات».
وتشير الاحصائيات الرسمية إلى أن بلاغات هروب الخادمات يبلغ 1580 حالة سنوياً، وحتى نهاية أكتوبر الماضي 1412، أي ما يعادل 5 خادمات يومياً تقريباً.
الهاربات إلى الجحيم
كانت هناك خادمة تعمل بنظام الساعات في إحدى العمارات، في ذات يوم أخبرت سيدة هندية تسكن العمارة، عن أن هناك فتاة أندونيسية تشك في أمرها دخلت شقة شخص بنغالي قبل 3 أيام ولم تخرج منها، فعلى الفور أبلغت الأخيرة شرطة النعيم بالأمر معبرة عن قلقها على الأندونيسية.
فتوجهت الشرطة إلى الشقة المقصودة برفقة المبلغة، وحاول أحد المتهمين الفرار لكن الشرطة أمسكت به، وعثر على الفتاة محجوزة في إحدى الغرف في حالة من الخوف، وأخبرت الشرطة أنها بيعت لشخص بقيمة 200 دينار، وأن بيعها استمر من شخص لآخر بذات السعر حتى وصلت إلى المتهم الأخير.
وسردت المجني عليها قصتها بأنها حضرت للبحرين قبل نحو 8 أشهر من الواقعة وعملت لدى رجل بحريني في المحرق لمدة 6 أشهر، وفي أحد الايام جاءها اتصال من رقم تجهله، وبردها تعرفت على شخص بنغالي تحدث معها بالخطأ، لكنه كرر اتصاله بها عدة مرات كخطوة منه لايقاعه في شباكها، وبهذه الطريقة بدأت علاقتها ببعضهما البعض.
وكما تجري العادة أخبرها بأن لديه فرصة عمل أفضل من عملها كخادمة، وبراتب شهري مضاعف، لكنه لم يخبرها عن طبيعة الوظيفة، ووفق أقوالها بأنه بسبب معاملة زوجة كفيلها غير الانسانية هربت من المنزل مع المتهم الاول الذي رافقها لشقة في جرداب كان بها فتاتين من جنسيتها الإندونيسية.
وتشير إلى أن المتهم طلب منها ممارسة الجنس معه، فرفضت فأمسكها بيدها وهددها بالسكين في حال استمرت برفضها بضربها وتقطيعها ورميها في القمامة، فشعرت بالخوف وانصاعت لطلبه، وتقول إنه مارس الجنس معها عدة مرات، وفوجئت في اليوم التالي يحضر لها عدداً من الرجال ويطلب منها ممارسة الجنس معهم مقابل المال يتحصله جراء تلك الممارسة.
وأردفت الخادمة أنها كانت تجبر على ممارسة الجنس مع 20 شخصاً في اليوم مقابل 9 دنانير لكل ممارسة، وأستمر حالها لمدة شهر، وبعدها بدأ مشوار بيعها إلى المتهم الثاني بواقع 200 دينار، وهو مارس الجنس معها أيضاً مكرهة، وأستغلها في ممارسة الدعارة للكسب من ورائها لمدة 20 يوماً وتمارس مع الرجال بقيمة 8 أو 9 دينار لكل ممارسة، ثم بيعت للمتهم الثالث بنفس المبلغ المذكور سلفاً، الذي أخذها إلى منزله لكنه كان مختلف عن باقي المتهمين بمعاملتها الحسنة ولم يمارس الجنس معها أو يجلب لها الرجال، حتى جاءت الشرطة وقبضت عليه وعلى المتهم الرابع.
وتشابه قصة خادمة ثانية أندويسية في بعض تفاصيل السابقة، لكنها تختلف معها ببعض المشاهد، وهي أن سبب هروبها من كفيلها عدم اعطائها أجورها الشهرية، وأنها فترة عملها في منزل الكفيل تعرفت على سيدة من ذات جنسيتها أخبرتها بقدرتها على مساعدتها.
وفي ذات يوم هربت من المنزل ولجأت اليها لتبحث لها عن فرصة عمل، لكنها فوجئت بأنها أصبحت سلعة تشترى وتباع، وبيعت لشخص آسيوي يقطن في شقة قرب أحد المراكز الطبية الخاصة، بقيمة 200 دينار.
وأحتجز الرجل البنغالي الجنسية لحريتها وأجبرها على الدعارة بعد أن ضربها وصفعها عدة مرات على وجهها، وسحبها إلى غرفة أخرى وعاشرها معاشرة الازواج، ثم طلب منها الاغتسال .
وتظاهرت الخادمة بأنها خلدت للنوم وبعد أن تأكدت من نوم المتهم سحبت مفاتيح الشقة من تحت وسادته وفرت هاربة لمنزل كفيلها الذي عاونها لتقديم البلاغ، وضبط بالشقة المتهم وفتاتين مطلوبتين بتهمة الهروب كونهم خادمات أيضاً.
شماعة سوء المعاملة
تتكرر مبررات الخادمات عن سبب هروبهن وهي سوء معاملتهن من قبل الكفيل، لكن المجني عليها الثالثه لم يساعدها أحد بالهروب، فهي قررت بنفسها الخروج من منزل كفيلها دون رجعه، وأخذت تتجول في الطرقات حتى توقف لها رجل بحريني وأدخلها عنوة إلى السيارة وأخذها إلى أحد الشقق في سترة.
وأتصل البحريني بصديقه البنغالي الجنسية ليخبره عن وجود بضاعه للبيع «الخادمة» فقدم الاخير ودفع 200 دينار مقابل شراءه لها، والذي بدوره أصطحبها معه إلى شقة في المنامة، وأسوة بالباقي طلب منها ممارسة الجنس بالقوة وعاشرها معاشرة الازواج، وأجبرها على ممارسة الدعارة مع الغير مقابل المال، حتى تعرفت على شخص باكستاني ساعدها بطلب الشرطة التي حضرت للمكان والقت القبض على المتهمين.
وتعرض الخادمات أنفسهن للخطر مقابل الهرب من منزل الكفيل، بادعائهم اساءة معاملتهم، والبعض منهن تعرضن لحوادث لم تحمد عقباها ومنها خادمة قدمت لمنزل أسرة بحرينية بصفة مؤقته لحين يوفر مكتب جلب الايدي العاملة الخادمة الاساسية، لكنها لم تتحمل المكوث في ذلك المنزل، فصعدت إلى الطابق الثالث، وربط الملابس بشراشف السرير ببعضها البعض، ليكون على شكل حبل يساعدها بالنزول من أعلى، وربطته بحديديه موضوعه على السطح.
وأمسكت الخادمة بالقماش المربوطة ببعضها البعض، وبدأت بالنزول لكنه لسوء حظها انفكت أحدى العقد، فهوت على سطح منزل الجيران، ومن قوة الارتطام جلست مكانها وتعرض للكسر في الحوض، وبدأت بالصراخ بأعلى صوتها في ساعات الفجر، فسمعها الجيران وصعدوا إلى سطح منزلهم وتم استدعاء سيارة الاسعاف ونقلها للمستشفى.
وأخبرت الخادمة منزل كفيلها وصاحب المكتب بأن هناك سيدة أخبرتها بأنها وجدت لها فرصة عمل أفضل وطلبت منها الهروب من منزل كفيلها.
وفي وسط هذه القصص هناك عشرات الأسر مجهولة المصير، فبعد إبلاغهم عن هروب الخادمة لمكان غير معلوم، لتفاجأ بعد فترة بالخادمة ترجع مجدداً وتطلب مساعدته بعد أن وقعت في شباك سوق لبيع الخادمات، واجبارهن على الدعارة فيتم اصطحابها لأقرب مركز لتقديم بلاغ ضد من تاجر بهن، ويرجع الكفيل لنقطة الصفر.
مطالبات بقانون رادع
ومن الجهة القانونية تقول المحامية سهى الخزرجي، إن ظاهرة هروب الخادمات ليقعن في شباك بيع والمتاجرة بهن باتت منتشرة في المجتمع البحريني، وأن من ورائها جنسيات آسيوية.
وقالت أن الخادمة منذ أن تطأ رجلها منزل كفيلها وهي تخطط وتدبر للهروب من المنزل، وهذا لا ينطبق على الكل لكن جزء كبير منهن، لاعتقادهن بأن هناك من وعدهن بالحصول على حرية أكبر ومبالغ مضاعفة، بتوفير فرصة عمل سواء بالدعارة او العمل فى بيوت لساعات بدون الالتزام وغيره، على الرغم من أن عدداً من الخادمات تتوفر لديهن سبل الراحة والمعاملة الحسنة.
وفي الجانب الاخر هناك من يتعرض لسوء المعاملة فبعض الأسر تعتقد أن الخادمة آلة يجب أن تعمل 24 ساعة دون كلل أو ملل، وهي السبب الرئيس لظاهرة الهروب فيجب النظر والأخذ بعين الاعتبار في هذا الأمر.
وتشير خزرجي إلى أنه بعد التعرف على أسباب تلك الظاهرة يجب وضع قانون رادع، ومعاقبة من يقوم بتهريبهن والمتاجرة بالخادمات، لافته إلى أن للخادمة حقوق منها احترامها وعدم إهانتها وضربها، واحترام ديانتها والالتزام بدفع أجرها الشهري.
وتناشد المنظمات الحقوقية بالتشديد على توعية الاسر باحترام حقوق الخادمات، والتدخل لوضع حل لهذه الظاهرة غير الإنسانية، والمطالبة بتغليظ العقوبة سواء قانونياً او على مستوى حقوق الإنسان.
وتوجه النيابة العامة للمتهمين في ذات القضايا تهم تتعلق بانهم نقلوا وآووا واستقبلوا وآخرين مجهولين المجني عليهن بغرض اساءة استغلالها عن طريق الاكراه وللتهديد والحيلة.
وحجز حرية المجني عليهن بغير وجه حق قانوني، واستعمال معهن القوة والتهديد بالقتل الغرض من ذلك الكسب من ورائها والاعتماد في حياتهما على ما تكسبه المجني عليها من ممارسة الدعارة وذلك بالتأثير بها والسيطرة عليهن، كما حملاها على الدعارة بطريق الإكراه والتهديد والحيلة، وتهمة التحريض والمساعدة المجني عليها على ارتكاب الدعارة، والمتاجرة في المجني عليهن وشرائهن بمبلغ مالي فاستغلالهن في الدعارة، ومواقعة المجني عليهن دون رضاهن.