أ كد تقرير لوكالة أنباء البحرين (بنا) أن تقديم صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء لأعضاء مجلس النواب اليوم برنامج عمل الحكومة للأعوام 2015- 2018، في الزيارة التي سيقوم بها سموه للمجلس في جلسته العادية اليوم، يمثل إنجازاً جديداً للبحرين في طريقها إلى الإصلاح والتطوير وفق برنامج جلالة الملك الإصلاحي، والذي أثبت ويثبت يوماً بعد يوم مرونته وقدرته على التطور والنمو وفق خطوات تدرجية مدروسة.
وقال التقرير، الذي بثته وكالة «بنا» أمس، إن مجلس النواب الذي تمتع بصلاحيات عديدة من قبل منها انفراده بجميع الاختصاصات الرقابية على الحكومة، كحق السؤال وحق تشكيل لجان التحقيق وحق الاستجواب وطرح الثقة وعدم التعاون، أصبح يملك وفقًا للتعديلات الدستورية الجديدة التي تمخضت عن حوار التوافق الوطني الذي حازت مخرجاته على التأييد الشعبي، اختصاصاً جديداً يعطيه أحقية الرقابة المسبقة على برنامج عمل الحكومة.
وأشار إلى أن تقديم الحكومة لبرنامجها يعد حدثاً فريداً من نوعه فالآن أصبح لمجلس النواب صلاحية إقرار أو عدم إقرار برنامج الحكومة، وهي آلية جديدة تعتبر سابقة نوعية بالمنطقة في العمل الرقابي للبرلمان، وتؤكد مدى أهمية السلطة التشريعية ودورها في البحرين الذي يتزايد ويترسخ يومًا بعد يوم.
إدخال تعديلات على البرنامج
وأوضح تقرير «بنا» أنه بعد نجاح الانتخابات البرلمانية باختيار ممثلي الشعب، وتعيين عاهل البلاد المفدى الحكومة الجديدة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان وأدائها اليمين الدستورية أمام جلالته، تتطلب الفقرة الثانية الجديدة التي عدلت بها المادة (46/ب) من الدستور أن تقدم الحكومة برنامج عملها خلال ثلاثين يوماً من أداء اليمين الدستورية إلى مجلس النواب، ويتطلب ذلك من المجلس، بحسب ما أوضحته لائحة مجلس النواب المعدلة، أن يقوم المجلس بمناقشة برنامج الحكومة الذي سيحال بدورة إلى لجنة خاصة برئاسة أحد نائبي رئيس المجلس والتي سيتم تشكيلها عن طريق رئيس المجلس ليكون دور هذه اللجنة الخاصة دراسة برنامج الحكومة وإعداد تقرير عنه خلال عشرة أيام وتعرض بعد ذلك تقريرها على مجلس النواب في أول جلسة تالية لانتهاء مدة العشرة الأيام التي كان يتعين إعداد التقرير فيها ولكل من يرغب من أعضاء مجلس النواب مناقشة برنامج الحكومة أن يتقدم بطلب كتابي إلى رئيس المجلس وفقاً للقواعد المقررة التي أوضحتها لائحة المجلس.
وأضاف أنه بعد انتهاء كل من طالبي الكلام من المناقشة وإبداء آرائهم حول محاور برنامج الحكومة وآليات تنفيذه وما احتواه من مشروعات تنموية يطرح رئيس المجلس برنامج الحكومة للتصويت ويتعين هنا أن يصدر قرار من المجلس إما بإقرار البرنامج وإما بعدم إقراره بأغلبية أعضائه، أي أن الأغلبية المطلوبة هنا هي الأغلبية البسيطة وذلك خلال الأيام العشرة التالية لعرض التقرير على المجلس على ألا تزيد مدة إبداء الرأي على ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم البرنامج.
وذكر أنه في حالة عدم إقرار مجلس النواب برنامج الحكومة يتعين على الحكومة إعادة تقديم برنامجها إلى المجلس بعد أن تجري ما تراه من تعديلات عليه، ولكن ذلك يجب أن يكون خلال واحد وعشرين يوماً من تاريخ رفض مجلس النواب برنامج الحكومة، فإذا مازال مجلس النواب مصراً على موقفه السابق الرافض لبرنامج الحكومة للمرة الثانية خلال فترة لا تتجاوز واحد وعشرين يوماً أخرى وبأغلبية ثلثي أعضائه قبل جلالته استقالة الوزارة وشكل وزارة جديدة تقوم الأخيرة بعرض برنامجها وفي حالة عدم إقرار مجلس النواب برنامج الوزارة الجديد بذات الإجراءات والمدد السابقة كان لجلالة الملك المفدى الخيار في هذه الحالة بين أن يحل المجلس أو يقبل استقالة الوزارة ويعين وزارة جديدة.
وأضاف التقرير «لا يمنع هذه التعديلات التي قامت بها الحكومة سواء كانت الأولى أو الثانية من أن يقترح مجلس النواب عند عرض برنامج الحكومة عليه بعد التشاور مع الحكومة من إدخال تعديلات على البرنامج وذلك قبل التصويت عليه سواء بالقبول أو بالرفض باعتبار أن العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في النظام السياسي البحريني لا تقوم على الرقابة المتبادلة فقط بل على التعاون والتكامل كذلك».
تطور ديمقراطي
وقال التقرير إن هذا التطور الديمقراطي يسجل لجلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه الذي دعا إلى حوار التوافق الوطني ووجه جلالته بالإعداد الجيد له وضمان مشاركة جميع فئات المجتمع فيه وتهيئة جميع الإمكانات له حتى خرج بهذه القرارات التي أحدثت تطورًا كبيرًا في التجربة الإصلاحية البحرينية، كذلك فإن التطور الديمقراطي الحالي يسجل للمواطن البحريني سواء بصفته أو ممثلاً عن أعضاء المجلس الوطني بغرفتيه النواب والشورى وجمعيات المجتمع المدني الذين شاركوا وأبدوا رأيهم في شكل الإصلاحات المطلوبة. وقد استمع جلالة الملك لرغبات الشعب وأقر جلالته التعديلات الدستورية بعد إقرار السلطة التشريعية لها.
وأشار إلى أنه يمكن رصد العديد من الدلالات والملاحظات على هذا التطور الكبير في المسيرة الديمقراطية البحرينية، أولها أنه يثبت مدى كفاءة المشروع الإصلاحي لجلالة الملك إذا قيس هذا التطور الديمقراطي بالفترة الزمنية للتجربة الإصلاحية البحرينية (12 عاماً فقط)، بينما احتاجت التجارب الديمقراطية العريقة في العالم إلى مئات السنين حتى تصل إلى هذا التطور.
ثانياً ـ إن هذا التطور الديمقراطي يعتبر نقلة نوعية نحو ديمقراطية بحرينية نابعة من المجتمع البحريني نفسه وبناء على التدرج في التطوير، فالتطور جاء نتيجة حوار وطني خالص بدون تدخل خارجي شاركت فيه كافة فئات المجتمع وكانت مخرجاته وطنية خالصة.
ثالثاً ـ مدى الاستجابة الكبيرة من قبل الحكومة لإرادة الشعب ولنصوص الدستور والقانون بتقديم برنامج عملها قبل انتهاء الفترة المقررة دستورياً (30) يوماً دلالة على مدى جديتها في التعامل مع متطلبات المرحلة الحالية ومدى قدرتها على النهوض بعملها ومسؤولياتها مهما تعاظمت.
رابعاً ـ هذا التطور يضع مسؤولية أكبر على مجلس النواب فهذه المشاركة في اختيار البرنامج تعني مسؤولية البرلمان في وضع البرنامج الحكومي ومما يعني المشاركة في المسؤولية. وهذا الدور الكبير لمجلس النواب يحتاج من أعضاء المجلس أن يكونوا على قدر من الحذر والحيطة تجاه ممارسة هذه الأداة الرقابية الجديدة وخصوصاً أنها تستخدم للمرة الأولى وأمام أعضاء أغلبهم جدد وحتى يكونوا على قدر الأمانة التي حملهم إياها ناخبوهم. وهناك تجارب لدول أخرى في ممارسة برلماناتها لهذا الاختصاص يمكن الاستعانة بها، والتشاور مع ذوي الاختصاص في عدة قطاعات وكل ذلك يشكل قاعدة انطلاق في قراءة برنامج عمل الحكومة.
وقال تقرير «بنا» إن ما يجري من تطور ديمقراطي يعد تجربة رائدة ستعود بالفائدة لا شك على المملكة، فهي المرة الأولى التي سيكون فيها رأي فاصل بالموافقة أو الاعتراض من شعب البحرين عبر ممثليه في مجلس النواب الذين تم اختيارهم بالاقتراع الحر المباشر على برنامج حكومته لا الاستماع له فقط كما جرت العادة وهي خطوة في الاتجاه الصحيح نحو تطوير المشروع الإصلاحي العظيم لجلالة الملك المفدى.