الرجال معادن، ولا تعرف الرجال إلا من خلال أعمالها وخوضها معترك الحياة، وعوامل كثيرة تؤثر في تكوين شخصية كل منا، من أصل ودين وتربية وتعليم وقيم وأخلاق وراثية ومكتسبة ومحيط اجتماعي.
وخليفة الظهراني رئيس مجلس النواب السابق الحائز على ود وتقدير واحترام القيادة السياسية الحكيمة، الرفيع المنزلة في قلوب أبناء الشعب، عرفت عنه دماثة الأخلاق، ونبل السجايا، والتواضع من دون تذلل إلا لله تعالى، والسمو من دون خيلاء أو تكبر، متمسك بأهداف الدين وحب الوطن والمواطنين، الأيام أثبتت لي صدق معتقدي أن من أطاع الله وأخلص النية له رفعه.
جمعني العمل معه في إدارة الهجرة والجوازات بمطار البحرين الدولي في أواخر الستينيات من القرن الماضي فكان الحارس الأمين على أكبر وأهم بوابة يدخل ويخرج منها القادمون والمغادرون من المواطنين وضيوف البلاد، بعد التحقق الدقيق من جوازات سفرهم وهوياتهم، وشغل رئيس دورة في ميناء سترة لتصدير البترول كموظف للجوازات، وفي أوقات فراغه كان يدير مكتبة بالرفاع، وهذه المهنة أشبعته ثقافة واطلاعاً واسعين، وكونتا جزءاً من شخصيته الفذة.
وكشباب الخمسينات انخرط في شركة نفط البحرين المحدودة (بابكو) ونهل ما نهل من قسم التدريب فأضاف ثقافة إلى ثقافته السابقة، وعشق الرياضة ومارسها، وتبوأ الصدارة في الإدارة، وهذا التفاعل في الدراسة والرياضة والعمل العام والعمل الخاص والاحتكاك مع الناس والقرب منهم في عدة مواقع ومجالات جنى منها الشيء الكثير وخاصة فهم إخوانه المواطنين وإدراك ما هم في حاجة إليه، والاقتراب من أحاسيسهم وجس نبض قلوبهم، وأحبهم فأحبوه، وتم ترشيحه لأول مجلس وطني عام 1973 مع أنه كان في مقتبل العمر، وكان هذا الترشيح نابعاً من شعور داخلي لديه بأن من أحبهم وأخلص لهم لن يخذلوه، وصدق حدسه. ثم بعد حل المجلس الوطني عام 1975 ولما لمسته الحكومة فيه من إخلاص للوطن والمواطنين عينته القيادة عضواً في أول مجلس للشورى.
وفي العهد الزاهر والحقبة السياسية الوليدة المباركة التي أرسى دعائمها صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة المفدى عرض نفسه بكل ثبات على مواطنيه كمرشح لعضوية المجلس النيابي فلاقى استجابة منقطعة النظير، كما توقع معظم المراقبين لسير الانتخابات آنذاك.
إن القدر مع هذا الرجل كان على موعد سعيد حينما التف حوله النواب ورفعوا مقامه ونصبوه رئيساً، وهذا لم يأت اعتباطاً ولا صدفة، ولكن لما عرف عن هذا الرجل الكريم المعطاء من بلاء حسن في المجالس النيابية السابقة، وما له من صلات حميمة مع الكثير من الشخصيات البارزة في بلادنا وفي خارج بلادنا، وما لديه من رصيد ضخم من الخبرة، وها هو يكافح بهدوء وخطوات مدروسة وثابتة من أجل إرساء القواعد الدستورية الصحيحة التي تتوافق مع ثوابت الديمقراطية في إدارة جلسات المجلس التشريعي والمحافظة على انسجام ووحدة النواب لينعكس ذلك على وحدة المواطنين، وفي نفس الوقت اقتراح القوانين التي تكسب المواطن حقاً مثل مقترحه احتياطي الأجيال القادمة، وترفع من مقامه شأناً، ليكون عزيزاً بوطنه ويتفرغ لبناء صرحه ويملأه أمناً وسلاماً واستقراراً واطمئناناً، ولنا في النواب الجدد وإخوانهم رئيس وأعضاء مجلس الشورى الكرام صادق الأمل في أن تكون كلمتهم واحدة وأن يكونوا عوناً للحكومة الموقرة ودامت مملكتنا عزيزة بقيادة مليكنا المفدى.
(وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)
يوسف محمد بوزيد
رئيس نادي اللؤلؤ القادسية سابقاً وعضو بلدي سابق بالوسطى