كتب – جعفر الديري:
«كنا وقوفاً قرب السيارة الحمراء، حين رأيناه يتجه ناحيتنا. كنا مدهوشين جميعاً!. كان طفلاً لا يجاوز العاشرة. مر من أمامنا ثم دار حول السيارة، واستلقى تحتها. رفعناه من على الأرض، واتجهنا به لبيت أبيه. وكان مازال مغمض العينين!. شكرتنا أمه كثيراً وأخبرتنا أن ابنها كثيراً ما يخرج من البيت وهو نائم على هذه الشاكلة، ولولا وجود أمثالنا لذهب دون عودة!، لقد كان عرضة دائماً لـ«أم الديفان».
ذلك ما يتذكره الحاج عبدالحسين بن محمد علي، مؤكداً أن أمثال هذه القضايا كثيرة وقتها، ولا يعلم إن كان لذلك علاقة بجنية كما يزعمون، أم بمشكلات نفسية، أم أنها تعود لطبيعة الطفولة!.
كذلك تؤكد «أم علي» أنها أوشكت أن تفقد ابنها، فما أن تغفل عنه حتى يخرج من البيت «نائماً»، متذكرة أن سيارة كادت ترديه قتيلاً وهو وسط الشارع يسير نائماً، لولا يقظة سائق السيارة!.
إن «أم الديفان» يختلف تعريفه بين الوسط الشعبي، والتقريرات العلمية. فبينما يرى كبار السن، أن أم الديفان جن يتلبس بني آدم، ولا يغادر جسمه، حتى يعرضه لمثل هذه المواقف التي تنتهي في بعض الأحيان إلى حوادث مفجعة. فهي «ذكر واختصاصه هو التحول لرياح تأخذ بالآخرين إلى مواضع بعيدة غير التي عرفوها أو اعتادوها وراموا الوصول إليها، وقد تقذف بهم إلى بلدان غريبة! لكنها غالباً تأتي في حالات خفيفة تنتاب الإنسان أو كما نقول بلهجتنا الدارجة (ضربته أم الديفان) أي استقرت في رأسه حيث موضع السيطرة».
يذكر باحث آخر أنها اضطراب نفسي يمكن معالجته، لافتاً إلى أن «الدراسات العلمية أثبتت أن القابلية للتعرض لنوبات أم الديفان قد تزداد كلما تقدم العمر بالمرء وذلك حسب الحالات المسجلة من نوبات أم الديفان.
أما بالنسبة للأعراض فهي؛ دوخان في الرأس، عدم المقدرة على التركيز، وفي أحيان كثيرة فقدان قوى السمع والبصر مما يحيط بالمرء نفسه، التفهي، الزغللة في النظر حيث يبدو للشخص المتعرض لنوبة أم الديفان وكأنه ضائع وسط الناس، وفقدان الذاكرة المؤقت والنسيان بجميع أنواعه.
أما الأسباب، فمنها التخثول الشديد، وهو الإكثار من الأكل والشرب خصوصاً على وجبة الغداء والذي يؤدي إلى انتفاخ في الجسد (منطقة البطن تحديداً) حيث «يقط» المتخثول نفسه على أقرب «دوشق» أو «كرفاية» ويغمض عيناه لفترة زمنية طويلة، الخروج في «حزة القايلة» وهو وقت ما بعد الظهيرة، وقد تظهر فيه حمارة القايلة، والذي يؤدي إلى ضربة شمس تتسبب بأم الديفان، الانشغال الشديد والتفكير بعدة أشياء في آن واحد، الوراثة، الإرهاق الجسدي والنفسي والعقلي، عدم عمل تمارين للعقل الواعي واللاواعي».
هناك جانب مهم بشأن أم الديفان، هو استعارة هذا الاسم كثيراً للتعبير عن عدم القدرة على تمييز الصحيح من الخطأ، خصوصاً من قبل المشتغلين بالسياسة، «ضاربتنه أم الديفان» وذلك لمن أصابته حالة من حالات عدم الوعي والإدراك حتى ولو لفترة مؤقتة.