بقلم - إيمان الفله*:
لم تعرف لغة في حياتنا غير لغة الكلام، حتى جاء العلم الحديث ليخبرنا عن لغات أخرى، لتواصل التعبير مع الآخرين. ولغة الكلام، ولغة الجسد، ولغة العيون، ولغة المسافات، ولغة اللمس، ولغة اللبس، ونبرة الصوت، هذه اللغات أصبحت تهم الكثير من المختصين، وبداياتها الأولى كانت محط اهتمام الطبقات الراقية في بريطانيا، ثم اهتم بها الاقتصاديون لتعزيز المبيعات وإقناع الزبائن، ومن ثم صارت محط اهتمام الأخصائيين النفسيين.
وتشير الدراسات إلى أن لغة الجسد أهم من لغة الكلام بنسبة 48%، حيث أكدت الدراسات أن لغة الجسد تمثل 55% والكلمات 7%، ونبرة الصوت 38%، من لغة التواصل والتآلف الإنساني، وبذلك نرى أن حتى نبرة الصوت أهم بكثير من الكلام، وعبر هذه الأهمية أصبح موضوع لغة الجسد مهماً لكل المهتمين والناس بشكل عام.
إن تعلم هذه اللغة هي بمثابة مفتاح متعدد الاستخدامات، ومن الممكن أن يفتح كل الأبواب، ويسهل عليك الكثير من الصعوبات، ويوفر الوقت والجهد عندما تتعرف عليها وتتقنها.
ولغة الجسد تتداخل مع علم الفراسة القديم، لكنها تركز أكثر على الحركات العفوية التلقائية من الشخص، ولها مخزون نفسي عميق مثل حركات العين، وحركات اليد أثناء الكلام، وكف اليدين أو وضع الساق على الساق، بوضع الإقفال، والخربشات العفوية، أثناء الكلام في الهاتف، والابتسامة ومعانيها المتعددة، وإشارات الكذب التلقائية، والأفكار التي تدور في الخلد، تنبت عنها حركات عفوية كثيرة، تعبر عنها لغة الجسد التلقائية.
وتطرقت البرمجة اللغوية والعصبية إلى هذه اللغة عبر ما يسمى بتقنيات بناء الألفة عن طريق المطابقة والمعايرة والمناظرة، وكلها تهدف إلى كسب الألفة مع الآخرين. وبالتطرق إلى إحدى اللغات الجسدية وهي لغة المسافة إذ تعتبر من اللغات المهمة في الحياة الاجتماعية والمهنية، وهي تعطي انطباعات وحدود للآخر، عبر إشارات يتحكم بها العقل الباطن.
وتنقسم لغة المسافة إلى 3 أقسام أساسية، وهي المسافة الحميمية، وتبلغ 45 سم ولا يدخل هذه المساحة إلا المقربين من الأهل والأصدقاء، والمسافة العادية بين 45 سم و120 سم، وهي مسافة العمل والحدود المهنية، والمسافة العامة 120 سم فما فوق، هي حدود الحياة الاجتماعية بشكل عام والأغراب بشكل خاص.
ومن خلال لغة المسافة نحن نعطي للآخر علامات وحدود في التعامل معنا على حسب المسافة التي يكون فيها. ولغة العيون تخدم بشكل أساسي معرفه ما يدور في الدماغ من أفكار، حيث في الدماغ هناك 800 فكرة في الدقيقة الواحدة نكتشفها بسرعة ودقة عن طريق لغة العيون.
وقد قدم مركز «بتلكو» لرعاية حالات العنف الأسري الكثير من الدورات التدريبية وورش العمل في هذا الشأن، وبشكل مجاني للمهتمين والمختصين، فيتعود المتلقي بعدها على التركيز والملاحظة أكثر، بلغة الآخرين غير اللفظية ويكتسب مهارة فهم الآخر دون كلام أو ألفاظ معتمداً على لغات أخرى عفوية وحقيقية وتلقائية وأكثر صدقاً وعفوية.
* المرشدة والمدربة الأسرية
بمركز بتلكو لرعاية حالات العنف الأسري