لندن - (وكالات): مازال الهجوم على صحيفة «شارلي ايبدو» الفرنسية مهيمناً على اهتمامات الصحف البريطانية التي خصصت له صفحاتها الأولى وبعض الصفحات الداخلية. ونشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية تقريراً بعنوان «اليمين المتطرف يستخدم الهجمات لإشعال فتيل الروح المناهضة للإسلام» أعدته كيت كونولي في برلين وأنجيليك كريسافيس في باريس وستيفانس كيركغاسنر في روما. وفي ألمانيا بدأ زعماء الجالية الإسلامية باتخاذ خطوات لاستباق الآثار السلبية التي قد تترتب عن الهجوم على الصحيفة الفرنسية، حيث سيشارك ممثلون عن 900 مسجد في وقفة تضامنية بالشموع، ويطلبون من الله الرحمة والمغفرة لضحايا الهجوم.
وقد استغلت منظمات يمينية متطرفة مثل منظمة «البديل من أجل ألمانيا - أيه اف دي» وكذلك تجمعات حليقي الرؤوس ما حدث من أجل لفت انتباه الشعب الألماني إلى أنهم كانوا محقين في تحذيرهم من الخطر المستفحل للإسلام والمهاجرين المسلمين.
يذكر أن حزب «أيه اف دي» الذي سطع نجمه إبان الأزمة الاقتصادية، أصبح يحوز على ثقة 25 % من الناخبين، كما يتبين من استطلاعات الرأي.
وفي باريس ذهبت زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليمين المتشدد ماري لوبان إلى أبعد من ذلك، فقد قالت «يجب أن نكون في وضع يسمح لنا بالرد على الحرب التي بدأها الإسلاميون».
أما في هولندا فقد كرر السياسي الهولندي خيرت فيلدرز الذي يخضع للمحاكمة بسبب تحريضه على الكراهية، تصريحه القائل بأن «أوروبا تخوض حربا» وأن عليها إغلاق أبوابها في وجه المهاجرين المسلمين وفرض قوانين الاعتقال الإداري . وفي بريطانيا اتهم نايجل فراج زعيم حزب الاستقلال البريطاني اليميني بأنه استغل الهجمات في باريس من أجل الحصول على مكاسب سياسية لحزبه.
وتتوقع الأحزاب الأوروبية المناهضة للهجرة ازدياد قوة شعبيتها بتأثير ما حدث، حسب الصحيفة. من جانبها، نشرت صحيفة «التايمز» مقالا يحمل عنوان «لماذا يقتل بعض المسلمين من أجل دينهم؟»، كتبه ساجد جاويد.
وقال الكاتب إنه عندما سمع أخبار الهجمات حدث معه مثلما حدث مع كل بريطاني يفكر بالطريقة الصحيحة، فقد انتابه شعور بالغثيان وقال في نفسه «مرة أخرى! لا يمكن!». وأضاف الكاتب «لقد تكرر هذا الشعور أكثر من مرة منذ أحداث سبتمبر في الولايات المتحدة، تكرر الشعور في بالي ولندن ومدريد وعدد كبير من البلدات والمدن في الشرق الأوسط وآسيا».
وذكر الكاتب أن «الناس في الغرب يجدون أنفسهم في مواجهة سؤال: لماذا يصبح أطفال بعض المسلمين في الغرب جراحين كباراً ولاعبي كريكيت مشهورين بينما يتوجه بعضهم إلى القتل باسم الدين؟».
وتابع الكاتب «جاء والداي إلى بريطانيا بحثاً عن الحرية التي تؤمنها لنا، حرية العبادة حرية الخيار والحياة ، ولم يكن عليهما أن يتظاهرا بأنهما ينتميان إلى العرق الأبيض، أو المسيحيين. كانا مسلمين من باكستان، لكنهما استوعبا أن عدم الاندماج في المجتمع لا يعني عدم التسامح، وأن حقوقهما ستكون مكفولة إذا كفلت حقوق الآخرين، بغض النظر عن دينهم ومعتقداتهم». من جهتها، نشرت صحيفة «الإندبندنت» مقالاً للكاتب جون ليتشفيلد تحت عنوان «فرنسا لن تعود كما كانت».
وأشار الكاتب إلى عنوان رئيس في صحيفة «لوموند» الفرنسية وهو «أحداث 11 سبتمبر الفرنسية».
وقال الكاتب إن «أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة تسببت في مقتل 3 آلاف شخص بينما قتل 11 شخصاً في الهجوم على «شارلي إيبدو»، ثم يتساءل: هل عنوان صحيفة لوموند مبالغ به؟».
وأجاب الكاتب بقوله إنه «ليس هناك مبالغة، فتاريخ الولايات المتحدة أصبح يقسم إلى مرحلتين: مرحلة ما قبل 11 سبتمبر وما بعده».
وهناك فرق آخر بين الحدثين، فمنفذو الهجمات في الولايات المتحدة جاؤوا من خارجها، أما من هاجموا المجلة الفرنسية فقد ولدوا ونشؤوا في فرنسا.
وبعكس الولايات المتحدة كانت فرنسا تعرف أنها معرضة لخطر هجمات إرهابية. وأشار كاتب المقال إلى تصريحات الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند عن مواجهة الفرنسيين الخطر متحدين بغض النظر عن دينهم، وتصريحات الرئيس السابق نيكولا ساركوزي المناقضة تماماً في روحها، حيث تحدث عن حرب الحضارات، مما أثار حفيظة وزيرة العدل السابقة في حكومته رشيدة داتي وهي من أصل مغربي.
970x90
970x90