منذ أيامٍ عدة، والشمس لم تعد تشرقُ بالدفء في سماء اللاجئين السوريين، لاسيما في مخيمات لبنان والأردن، حيث باتت الثلوج هي غطاؤهم الوحيد، في ظلّ نقص المعونة والملابس وفي ظل تشبثهم بخيمهم البالية.
أما الأمطار، فهي تزيد من معاناتهم، إذ تنهمر عليهم وتخترق مساكنهم غير الآمنة، بل وأصبحت تجاورهم حتى في نومهم، إن كان للنوم نصيب في معيشتهم. وكأن لسان حال اللاجئ السوري يقول: «والهجرُ أقتلُ لي مما أراقبه، أنا الغريقُ فما خوفي من البللِ».
الأطفال اللاجئون أكثر فئةٍ تعاني قساوة البرد وسوء الظروف المعيشية.. قسوةُ الحياة باتت تمطرُ بسهامها نحو براءة أولئك الصغار، فأقدامهم بدأت تغرق في الوحل داخل خيامهم المحاطة بطبقة من الثلوج، ودرجات الحرارة تدنت إلى ما دون الصفر بكثير. ورغم ذلك، فإن الطفولة هناك تعيش في عنفوانها، فالبعض منهم يبتسم لقدره خارج الخيم تحت الثلج المتساقط، فينفخ في يده لتدفئتها، راجياً أن يكون هذا الصقيع المجمد برداً وسلاماً عليه.
اللاجئون قد اُضطروا للتضحية بأحذيتهم التي تسترهم من أجل البحث عن التدفئة المناسبة التي تقيهم رعشات البرد المميتة، فهم يضعونها على مواقد النار لتسخينها، علهم يستطيعون سرقة ولو بضعِ ساعاتٍ من النوم. «والمتضرر الأكبر من كل ذلك هم الأطفال والمسنون».
بردٌ وفقر.. مرضٌ وألم، هذا هو حالُ أكثر من ثلاثةِ ملايين لاجئ ٍ شردتهم الحرب في سوريا، ومع ذلك، فإنهم ينشدون بزوغ فجرٍ جديد، حاملاً في طياته الدفء والحنان. أما أيديهم فقد خطت رسالة أملٍ يوجهونها للجميع: «بالصبر والإيمان، سيكفينا الرحمن، وإن طالَ ليلُ الأسى، فلسوف تذهب الأحزان، وستشرق شمسُ المحبةِ والأمان».
صالح يوسف صالح
إعلامي بحريني