برلين - (أ ف ب): أعلنت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مشاركتها في تظاهرة تنظمها جمعيات إسلامية اليوم متصدرة بذلك الصفوف في مواجهة حركة «بيغيدا» الألمانية المناهضة للإسلام التي تريد استغلال اعتداءات باريس لزيادة عدد مؤيديها.
وأكدت ميركل أنها ستشارك مع الرئيس يواكيم غوك ونائبها سيغمار غابريال ووزراء آخرين بينهم وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير في التظاهرة المقررة اليوم أمام بوابة براندبورغ في برلين. وبحسب متحدثين باسمهم فإن وزراء الخارجية والعدل والداخلية والأسرة قرروا المشاركة في هذه المسيرة التي تنظمها جمعية «المجلس المركزي للمسلمين» و«رابطة الجالية التركية في برلين» من أجل «ألمانيا منفتحة ومتسامحة ومن أجل حرية الدين والرأي». وقالت المستشارة الألمانية في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، الذي استقبلته في برلين، «سنرسل إشارة قوية جداً اليوم من أجل التعايش السلمي لمختلف الأديان في ألمانيا».
وأضافت أن «الرئيس غوك أعلن أنه سيلقي كلمة قصيرة وسأكون أنا أيضاً حاضرة كمستشارة مع العديد من أعضاء الحكومة».
وتأمل حركة «بيغيدا» التي تثير معارضة متزايدة لدى مؤيدي مجتمع منفتح ومتسامح، في الاستفادة من اعتداءات الجهاديين في فرنسا لكي تزيد أعداد مؤيديها خلال مسيرة تنظمها في وقت لاحق في دريسدن.
ومنذ أكتوبر الماضي تحشد «بيغيدا» - وطنيين أوروبيين ضد أسلمة الغرب - كل يوم اثنين متظاهرين ضد الإسلام وطالبي اللجوء. وتشهد الحركة زيادة كبيرة في أعداد المشاركين، فمن 500 شخص في أول مسيرة في أكتوبر الماضي إلى 10 آلاف مطلع ديسمبر الماضي وصولاً إلى 18 ألفاً الاثنين الماضي وهو رقم قياسي.
وقد شاركت أنغيلا ميركل أمس الأول في تظاهرة حاشدة في باريس ضد الإرهاب إلى جانب نحو 50 رئيس دولة وحكومة.
وفي كلمتها بمناسبة العام الجديد دعت مواطنيها إلى عدم المشاركة في التظاهرات المناهضة للإسلام في ألمانيا معتبرة أن من ينظمونها أشخاص «قلوبهم مليئة بالكراهية والأحكام المسبقة». وشددت ميركل على ضرورة عدم الخلط بينى الإسلام والإرهابيين بعد هجمات فرنسا التي أوقعت 17 قتيلاً.
من جانبه أكد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أن «الإسلام والإرهاب لا يمكن أن يجتمعا» داعياً أيضاً إلى عدم الخلط بينهما «لأن هذا ما يريده الإرهابيون». وانتهز الفرصة للدفاع عن انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي معتبراً أنه سيكون «إشارة سلام جيدة جداً للعالم أجمع».
من جهة أخرى لا يزال التحقيق مستمراً في الاعتداء بعبوة حارقة على صحيفة «هامبورغ مورغن بوست» التي نشرت رسوماً كاريكاتيرية للرسول الكريم محمد أخذتها عن «شارلي إيبدو».
وأخلت الشرطة سبيل مشبته فيهما أوقفا بعد أن ثبت عدم علاقتهما بالحادث.
وهذا الاعتداء مثل أحداث باريس قد يعزز صفوف «بيغيدا» التي تنظم التظاهرة الـ 12 لها في عاصمة مقاطعة ساكسونيا، والتي دعا منظموها إلى توجيه تحية «لضحايا الإرهاب في باريس» ودعوا مناصريهم إلى وضع شارة سوداء علامة الحداد.
وسيلتزم المشاركون بدقيقة صمت خلال التجمع.
وبعد الهجمات التي أدت إلى مقتل 12 شخصاً في مقر صحيفة «شارلي إيبدو» الساخرة الفرنسية، لم تتأخر «بيغيدا» في الرد معلنة أن «الإسلاميين الذين تحذر منهم «بيغيدا» منذ أكثر من 12 أسبوعاً أثبتوا اليوم في فرنسا أنهم غير منسجمين مع الديمقراطية بكل بساطة» كما كتبت على صفحتها على فيسبوك.
وأضافت «بيغيدا» أن هؤلاء «يلجؤون إلى العنف والموت» و»هل يجب أن ننتظر أن تحصل مثل هذه المأساة في ألمانيا؟».
واعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة دريسدن التقنية فيرنر باتسيلت أنه «من الأرجح أن يتم تجاوز عتبة الـ 20 ألف متظاهر في وقت لاحق». وأضاف أن «اعتداء باريس له وقع دون شك في دريسدن وسيعطي حركة «بيغيدا» تأثيراً أكبر».
وفي أماكن أخرى نزل «الوطنيون الأوروبيون» إلى الشوارع كما حصل في بون أو برلين. كما ستشهد لايبزيغ أول تظاهرة مؤيدة «لبيغيدا».
ولهذه التظاهرة رمزية كبرى لأنه من ذلك المكان عام 1989 أدت «تظاهرات الاثنين» إلى سقوط جدار برلين. وبعد 25 سنة، غيرت «بيغيدا» لحسابها الشعار التاريخي «نحن الشعب» وأصبح يردده حالياً مناصروها.
وتتسع هذه الحركة وصولاً إلى أوروبا، ففي فيينا من المرتقب تنظيم أول مسيرة «بيغيدا» نهاية يناير الجاري وتم إنشاء صفحات على فيسبوك لهذه الغاية في السويد والنرويج «6 آلاف وألفا متابع على التوالي».
لكن في مواجهة ذلك، يبقى مناهضو «بيغيدا» أكثر عددياً في ألمانيا حيث جمعت عدة تظاهرات مضادة أعداداً أكبر من الناس. وهكذا تظاهر 35 ألف شخص في دريسدن دفاعاً عن مجتمع منفتح ومتسامح. وفي برلين سيتظاهر أنصار مجموعة «لا لبيغيدا، لا للعنصرية».
ودعا وزير العدل الألماني الاشتراكي الديمقراطي هايكو ماس «بيغيدا» إلى العدول عن تظاهرة الاثنين معتبراً أن ليس لديها الحق «في استغلال» هجمات باريس.
وتعد ألمانيا 81 مليون نسمة بينهم 3 ملايين تركي أو من أصول تركية. ويشكلون غالبية المجموعة المسلمة الألمانية التي تعد 4 ملايين شخص.