وزيرة العدل الفرنسية: في بلادنا نرسم كل شيء حتى الأنبياء
سائق يدهس شرطية عمداً بسيارة أمام مقر إقامة هولاند
فرنسا تمنح الجنسية للبطل المسلم الحسن باثيلي منقذ الرهائن بباريس
عواصم - (وكالات): أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن المسلمين في العالم «هم أول ضحايا التعصب والتطرف وعدم التسامح»، في حين جرى دفن 5 من ضحايا الاعتداء على صحيفة «شارلي إيبدو» الأسبوع الماضي، بينما توالت ردود الفعل المستنكرة في العالم الإسلامي لنشر الصحيفة رسوماً مسيئة للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. وقال هولاند في كلمة القاها في معهد العالم العربي بباريس إن «أول ضحايا التعصب وعدم التسامح هم المسلمون». وأضاف أن «التطرف استفاد من كل التناقضات وكل التاثيرات وكل البؤس وانعدام المساواة وكل النزاعات التي لم تلق تسوية منذ زمن طويل». وقد كتب منذ بضعة أيام على واجهة معهد العالم العربي بباريس باللون الأحمر وحروف كبيرة باللغتين الفرنسية والعربية «كلنا شارلي» تكريماً للأسبوعية التي تعرضت إلى اعتداء الأسبوع الماضي. وأكد المتطرفون الثلاثة الذين قتلوا ما مجمله 17 شخصاً من بينهم 7 صحافيين و3 شرطيين و4 يهود، إنهم انتقموا للرسول الكريم محمد و»قتلوا شارلي إيبدو» لأنها نشرت رسوماً كاريكاتيرية مسيئة للرسول الكريم، لكن الصحيفة عادت في عدد «الناجين» الذي صدر بعد الاعتداءات إلى نشر الرسوم المسيئة. من جانبها، أعلنت وزيرة العدل الفرنسية كريستيان توبيرا أن «في فرنسا يمكن أن نرسم كل شيء حتى الأنبياء»، مشيرة إلى الحق «في السخرية من كل الأديان». في المقابل، توالت ردود الفعل المستنكرة في العالم الإسلامي لنشر الصحيفة رسوماً مسيئة للرسول الكريم. ودانت تركيا نشر الرسوم المسيئة ووصفتها بأنها «استفزاز علني»، محذرة من أنها لن تتساهل مع اهانة الرسول الكريم محمد، وندد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو بنشر تلك الرسوم معتبراً أن حرية التعبير لا تعني «حرية الاساءة». وصرح داود أوغلو ان «نشر الرسوم استفزاز خطير وحرية الصحافة لا تعني حرية الاهانة».
وتاتي تصريحاته بعد أن اعادت صحيفة «جمهورييت» التركية اليومية ومواقع إلكترونية تركية الصفحة الأولى للعدد الأول الصادر عن «شارلي إيبدو».
وقال داود أوغلو «لا يمكننا القبول بالاساءة إلى الرسول الكريم، كحكومة لا نستطيع ان نعتبر الاهانة حرية تعبير».
وذكر أن «الناس لديهم حساسية تجاه ديانتهم في تركيا التي يدين غالبية سكانها بالإسلام، ولا يمكن ان يتوقع منا أن نصبر على اهانة الرسول». وأضاف «نحن مصممون على حماية شرف الرسول بنفس الطريقة التي أكدنا فيها موقفنا ضد الإرهاب في باريس، ومن غير الصواب ربط هذا بحرية الصحافة».
وامرت محكمة تركية بحجب مواقع الإنترنت التي تعيد نشر الرسوم المسيئة.
كما دان مفتي البوسنة حسين كافازوفيتش، التي يمثل فيها المسلمون 40% من السكان، نشر الرسوم المسيئة واعتبره عملاً «بغيضاً». وقال المفتي حسين كافازوفيتش في بيان «نندد بأشد العبارات بإساءة استعمال حرية الكلمة والتعبير الفني المستعملة لإهانة الناس ومقدساتهم بشكل متعمد».
كما ندد البرلمانيون الباكستانيون بالإجماع بنشر الرسوم المسيئة. وفي فرنسا وعدد من الدول الغربية، من المقرر إصدار أعداد إضافية من الصحيفة ستصل إلى 5 ملايين نسخة في الأيام المقبلة بعد نفاد أول مليون نسخة خلال بضع ساعات. ويشكل هذا التهافت إقبالاً غير مسبوق على الصحيفة التي كانت على وشك الإفلاس ولم تعد تصدر سوى 60 ألف نسخة. وفي الخارج، من المفترض أن يتم توزيع 130 ألفاً في نحو 30 بلداً.
وبينما لايزال التحقيق جارياً لكشف أي شركاء مفترضين لمنفذي الاعتداءات، سيتم دفن اثنين من الصحافيين الذين قتلوا في 7 يناير وهما ولينسكي وتينيوس وأيضاً برنار ماريس المسؤول عن مقال اقتصادي في الصحيفة والمحللة النفسية إيلسا كايا التي كانت تساهم أيضاً في الصحيفة. وسيتم أيضاً تشييع الشرطي فرانك برانسولارو المكلف بحماية مدير الصحيفة شارب الذي قتل أيضاً في الاعتداء. ومن التبعات الاخرى للاعتداءات، إحصاء أكثر من 200 حادث في المدارس مثل رفض المشاركة في دقيقة الصمت تكريماً لضحايا الاعتداءات على شارلي إيبدو. وفي نانت، هددت فتاة في الـ14 مفتشي الترامواي بـ «استخدام الكلاشنيكوف» عندما أعلنت تأييدها للشقيقين شريف وسعيد كواشي منفذا الاعتداء على شارلي إيبدو واللذين قتلا بأيدي قوات الأمن قبل أسبوع.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، من المتوقع وصول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى باريس للتعويض عن غياب تمثيل أمريكي رفيع المستوى خلال المسيرة التاريخية الأحد الماضي ضد الارهاب والذي شارك فيها قرابة 50 رئيس دولة وحكومة. وتعهد أوباما ورئيس الوزراء البريطاني في كلمة تم بثها ونشرتها صحيفة «تايمز اوف لندن» بالوقوف جبهة موحدة ضد الإرهاب. وأعلن تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب فرع القاعدة في اليمن في تسجيل فيديو عرض على الإنترنت مسؤوليته عن الاعتداء.
ويرى مراقبون أن تنظيم القاعدة أراد أن يثبت قدرته على توجيه ضربة في الصميم إلى الغرب تعيده إلى الواجهة بعد تراجعه أمام تنظيم الدولة الإسلامية «داعش».
من جهة اخرى، قالت وسائل إعلام فرنسية إن سائقاً دهس شرطية عمداً فأصابها خارج مقر إقامة الرئيس الفرنسي وسط باريس مساء أمس الأول. وقال مراسل تلفزيون «بي إف أم» إن السيارة كانت تسير عكس الاتجاه في طريق من اتجاه واحد وإن شخصين اعتقلا. يأتي الحادث بعد أن أعلنت فرنسا حالة التأهب القصوى عقب أسبوع من العنف في العاصمة.
وفي وقت لاحق، قررت السلطات الفرنسية منح الجنسية الفرنسية للمواطن المالي المسلم الحسن باتيلي الذي يعمل في متجر يهودي في باريس حيث ساعد زبائن المتجر اليهودي في الاختباء في غرفة تبريد بالمحل أثناء مهاجمته من أحمدي كوليبالي، بحسب وزير الداخلية برنار كازينوف. وأوضح الوزير أن مراسم التجنيس ستتم الثلاثاء المقبل مشيداً بـ «العمل البطولي» للمسلم المهاجر. ورغم كل الإشادات من العالم بأسره ورسائل تقول «إنت بطل» والاتصال الهاتفي من الرئيس الفرنسي، فإن هذا الشاب المالي حزين منذ الجمعة الماضي. والحسن باتيلي مسلم ملتزم ويعمل منذ 4 أعوام في متجر الأطعمة اليهودية شرق باريس مع «يهود ومسلمين آخرين» كانوا هدفاً لكوليبالي.
وفي وقت سابق، ذكرت صحف بلجيكية أن كاليبالي اشترى معظم الأسلحة التي استخدمت في الهجمات التي وقعت باريس الأسبوع الماضي، من بلجيكا.