قال تقرير لـ(بنا) إن المحور السيادي في برنامج عمل الحكومة للسنوات (2015- 2018)، أكد اهتمامها برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، بالتعامل مع التحديات الداخلية والإقليمية والدولية سواء السياسية أو الأمنية أو الاقتصادية برؤية واضحة ومحددة تدرك خطورة هذه التحديات، وضرورة أن يكون أسلوب التعامل معها مرناً وقادراً على تجاوز تداعياتها، بما يضمن الحفاظ على ما تحقق للوطن من مكتسبات ومنجزات، بالإضافة إلى العمل من أجل تحقيق نقلة نوعية في مختلف القطاعات من أجل تحقيق رفاهية المواطن وتلبية متطلباته على كافة المستويات.
وقالت (بنا) إن البرنامج عكس عزم الحكومة على المضي قدماً في اتخاذ كل ما يلزم على صعيد ترسيخ مبادئ الديمقراطية، من خلال تطوير النظام القضائي، والارتقاء بالعمل السياسي والحقوقي ضمن الثوابت الوطنية والشرعية الدستورية، وتوسيع أطر حرية الرأي والتعبير، فضلاً عن الارتقاء بقطاع الإعلام والاتصال لما يمثله من أهمية متزايدة باعتباره أحد أدوات المشاركة الشعبية في صنع القرار.
لقد تضمنت رؤية الحكومة في هذا المحور عدة مسائل في غاية الأهمية لأي دولة تسعى إلى توفير أسباب التنمية والتقدم وتحقيق ازدهار يلبي تطلعات شعبها، ولذا كانت الأولوية الاستراتيجية للمحور السيادي كما تضمنها البرنامج هي التأكيد على «أن تحقيق العدل وحفظ الأمن وتثبيت الاستقرار ودعم المسيرة الديمقراطية من الثوابت الأساسية للدولة والمجتمع وفق الدستور وتشكل أولوية أساسية من أولويات برنامج عمل الحكومة من أجل حماية النظام السياسي الديمقراطي وتحقيق التنمية الشاملة وتعزيز علاقات المملكة الخارجية مع مختلف دول العالم».
إجراءات واضحة
ولتحقيق ذلك الهدف فقد تضمن البرنامج عدداً من الإجراءات والسياسات والمبادرات الواضحة والمحددة التي ستقوم بها الحكومة من أجل تعزيز الأمن والاستقرار وتنمية المناخ الديمقراطي وتعزيز علاقات مملكة البحرين في سياستها الخارجية في دوائرها الخليجية والعربية والآسيوية والدولية.
وبنظرة أكثر تفصيلاً فيما تضمنه البرنامج بخصوص حفظ الأمن وتثبيت الاستقرار، نجد أن سياسات الحكومة اعتمدت على جانبين الأول عملي من خلال تطوير القدرات الدفاعية والأمنية للبلاد، عن طريق عدة أمور منها: تعزيز قدرات وزارة الداخلية من خلال الاتصال والتنسيق الدولي وتبادل الخبرات وتوقيع مذكرات التفاهم والاتفاقات ذات الصلة بالمجال الأمني، وتطوير برامج التدريب لإعداد وتجهيز الأفراد في قوة دفاع البحرين والارتقاء بمستواهم من خلال توفير كافة السبل والإمكانات اللازمة لذلك، إلى جانب رفع وتحسين الكفاءة الفنية والتدريبية لعناصر قوات الأمن، ومواصلة تأهيلهم، ودعمهم وتجهيزهم بأحدث المعدات والتقنيات بما يحقق مزيداً من سرعة الاستجابة الأمنية، وغيرها.
أما الجانب الأخر، فهو جانب فكري وتنويري لمكافحة الإرهاب والتصدي للجرائم الإرهابية وتجفيف منابع الإرهاب ومكافحة التطرف بشتى أنواعه، عبر عدة أدوات من بينها: تعزيز دور المناهج التعليمية والمنبر الديني وأجهزة الإعلام في بث روح التآلف والأخوة والتسامح في المجتمع، ووضع وتنفيذ خطط وبرامج هادفة إلى الارتقاء بمستوى الخطباء والأئمة ليكونوا مؤهلين للدعوة إلى كل ما من شأنه أن يحافظ على الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي، ودعم وتعزيز دور وأنشطة مراكز الشباب ومؤسسات المجتمع المدني الهادفة إلى ترسيخ الوحدة الوطنية.
تطوير المنظومة التربوية
هذا بالإضافة إلى تطوير المنظومة التربوية لتسهم في بناء وترسيخ قيم المواطنة لدى الطلاب وتعلي من شأن بناء الوطن والدفاع عن مؤسساته، وتفعيل دور لجنة مناهضة الكراهية والطائفية وتبني السياسات والمناهج والبرامج الفعالة التي تتصدى لخطابات الكراهية، وتعزز عوامل الوحدة في المجتمع البحريني، والعمل على مراجعة التشريعات والقوانين بما يعزز قيم المواطنة.
وفيما يخص تعزيز النظام الديمقراطي فقد جاءت رؤية الحكومة شاملة وفق تصور ينطلق من نصوص الدستور التي تؤكد أن نظام الحكم في البحرين ديمقراطي، ومن هنا فإن مبادراتها وسياساتها في هذا الصدد جاءت استكمالاً للخطوات التي اتخذتها في السنوات الماضية، وإدراكاً منها أن حماية وتعزيز النظام الديمقراطي يرتكز على مبدأ الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية مع تعاونها بما يحقق طموحات وتطلعات الجميع.
ويتضح شمول رؤية الحكومة في هذا الجانب من خلال تعدد المبادرات التي ستقوم بها لتعزيز النظام الديمقراطي، ومنها: الارتقاء بالعمل السياسي والحقوقي ضمن الثوابت الوطنية والشرعية الدستورية، وتطوير الإجراءات الهادفة إلى مواجهة كافة أشكال الخروج على القانون، أو ممارسة الأنشطة التي تستهدف الإضرار بكيان الوطن، مع الحرص على تعزيز الحقوق الفردية وحرية الرأي والتعبير واحترام حقوق الإنسان والعمل في إطار الشرعية الدستورية والقانونية، إلى جانب مواصلة العمل في تهيئة البيئة المناسبة لدعم عمل الجمعيات والنشاطات السياسية والنقابية والحقوقية والمهنية الوطنية، بما يعزز دورها الوطني بعيداً عن الاستقطاب الطائفي والفئوي.
واحتلت قضايا صيانة واحترام حقوق الإنسان موقعاً متقدماً في رؤية الحكومة وبرنامجها، وذلك يعد تأكيداً لنهج مملكة البحرين الدائم في احترام حقوق الإنسان وما حققته على هذا الصعيد من سجل مشرف، فأكدت الحكومة أنها ستعمل على استكمال مراجعة التشريعات والقوانين والنظم بما يضمن توافقها مع التزامات البحرين في الاتفاقات والمعاهدات الدولية والإقليمية وبما يعزز من حرية الرأي والتعبير وحقوق الإنسان وحقوق الأفراد والتصدي للتمييز بكافة أشكاله، ودعم المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان الحكومية والأهلية، إلى جانب تعزيز دور الأمانة العامة للتظلمات ودورها في حماية حقوق الإنسان من أي انتهاك، فضلاً عن العمل على توفير برامج تدريبية في مجال حقوق الإنسان للمعنيين بالعمل الحقوقي، ومتابعة العمل على تنفيذ مبادرة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، بإنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان.
ترسيخ التعاون بين السلطتين
وفي ظل ما يوليه رئيس الوزراء من اهتمام واضح يؤكد عليه في كل المناسبات عن أهمية التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية من أجل صالح الوطن والمواطن وبالشكل الذي يعزز التجربة الديمقراطية في المملكة، فقد ركز برنامج عمل الحكومة على هذه المسألة حيث أكدت الحكومة أنها ستعمل على ترسيخ التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية من خلال تطوير آليات التعاون مع السلطة التشريعية في كل ما يتعلق بسن وتطوير التشريعات والقوانين، وبما يسهل دور السلطة التشريعية في الرقابة على أعمال الحكومة. كما كان للمجالس البلدية لأهمية دورها وملامستها المباشرة في تحقيق تطلعات المواطنين اليومية جانب مهم من اهتمام الحكومة، فهي دائماً ما تدعم العمل البلدي وتحرص على توفير كافة الظروف التي تضمن له النجاح في تحقيق أهدافه، ولذلك أكدت في برنامجها أنها ستعمل على مواصلة دعم المجالس البلدية بما يساهم في تعزيز دورها في عملية التنمية.
أما قطاع العدالة وفي ظل أهميته في تدعيم أسس البناء الديمقراطي في المملكة، فإن برنامج الحكومة جاء ليؤكد على مواصلة تطوير الجانب الإجرائي من العمل القضائي بما يكفل استقلاله ونزاهته وحيدته، وتدريب العاملين في قطاع العدالة وجهات إنفاذ القانون، ورفد الجهاز القضائي وتزويده بالموارد البشرية والمالية للنهوض برسالته الجليلة، إضافة إلى اعتماد بدائل حديثة لفض المنازعات كالتحكيم والوساطة بما يحقق جوهر العدالة مع الاقتصاد في النفقات والإجراءات، فضلاً عن تطوير وتحديث خدمات التوثيق استجابة للتطورات الهائلة التي تحققت في هذا المجال.
تطوير قطاع الإعلام
وفي ظل أهمية دور الإعلام سواء في التعريف بما حققته البحرين من منجزات أو في التصدي لحملات التشويه والأكاذيب التي تتعرض لها البحرين، فقد تبت الحكومة في برنامجها رؤية شاملة وطموحة لتطوير قطاع الإعلام بما يضمن تفعيل دوره كعنصر فاعل في دعم توجهات المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، وذلك من خلال تطبيق استراتيجية إعلامية شاملة ومواكبة للتطور، تهدف إلى تعزيز البنية التحتية والتقنية لقطاع الإعلام والاتصال، وزيادة قدرات المؤسسات الإعلامية الرسمية وتطويرها مع استحداث برامج لبناء القدرات والمحافظة على الكفاءات الوطنية.
وأكدت الحكومة أنها ستعمل على التسريع في إصدار التشريعات التي تضمن توفير الأطر القانونية التي تنظم ممارسة النشاط الصحفي والإعلامي وتدعم حرية الرأي والتعبير، إلى جانب تفعيل دور الهيئة العليا للإعلام والاتصال وتنظيم قواعد ممارسة مهنة الصحافة والإعلام بما يعزز احترام التعددية وحرية الرأي والتعبير ضمن عمل وسائل الإعلام، ومأسسة منظومة متطورة للاتصال والإعلام الحكومي بما يدعم الخطاب الرسمي لمملكة البحرين، فضلاً عن تفعيل دور الاتصال الخارجي والداخلي وتكثيف التواصل مع المؤسسات الإعلامية بالداخل والخارج.
ولأن تعزيز العلاقات الخارجية للمملكة إقليمياً ودولياً يمثل أحد أهم مقومات الأمن القومي لمملكة البحرين، فقلد راعت الحكومة في برنامجها للسنوات الأربع المقبلة أن يكون هذا الملف ضمن اهتماماتها من خلال التأكيد على أنها ستواصل انتهاج سياسة خارجية متوازنة تعمل على دعم الاستقرار الإقليمي والعالمي بالتعاون مع الدول العربية والصديقة والمنظمات الإقليمية والدولية عبر تنفيذ خطة استراتيجية من شأنها تعزيز تعاون المملكة مع الدول الشقيقة والصديقة.
تعزيز التعاون مع مجلس التعاون
وستكون الأولوية في هذا الصدد لتعزيز التعاون الوثيق مع دول مجلس التعاون الخليجي والارتقاء بآفاق التعاون الخليجي المشترك في المسائل السياسية والاقتصادية وغيرها في ظل الظروف المحيطة بالمنطقة وتحدياتها الأمنية والتنموية، وسيتم الدفع باتجاه المزيد من التنسيق والتعاون المشترك الذي يحقق التطلعات والطموحات الخليجية على المستوى الرسمي والشعبي في دعم الكيان الخليجي ليكون أكثر قوة ومنعة وقدرة على التعاطي مع التحديات والمستجدات والعمل على تحقيق التحول من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد.
وخلاصة القول، إن المحور السيادي في برنامج عمل الحكومة يتضمن سياسات ومبادرات تؤكد استمرار الحكومة في مسيرة تعزيز العمل الديمقراطي في مملكة البحرين من خلال رؤية واضحة ومتقدمة غايتها ترسيخ أسس النظام الديمقراطي من خلال تطوير أدواته السياسية والحقوقية والإعلامية بما يزيد من مساحة حرية الرأي والتعبير، إلى جانب تطوير النظام القضائي الذي يمثل عنصر الاتزان لأي مجتمع ديمقراطي، كل ذلك دون إغفال دور السياسة الخارجية في الحفاظ على الأمن القومي للبلاد من خلال توسيع التعاون والشراكات مع الدول الخليجية والعربية وبقية أطراف المجتمع الدولي.