عواصم - (وكالات): دارت مواجهات عنيفة أمس في صنعاء قرب القصر الرئاسي حيث تحاول ميليشيا المتمردين الحوثيين الشيعة تشديد قبضتها على العاصمة اليمنية والحصول على تعديلات على مشروع الدستور، فيما اتهمت مصادر حكومية الحوثيين بالقيام بمحاولة انقلاب على الحكم ضد الرئيس عبدربه منصور هادي، في الوقت الذي سادت فيه الفوضى البلاد.
وبعد ساعات من التوتر والمعارك أعلن وقف لإطلاق النار مساء أمس. وأكد شهود عيان وقف المعارك.
وأعلن وقف إطلاق النار بعد أن دعت الجامعة العربية «كافة القوى السياسية في اليمن» إلى الوقف الفوري والشامل للعنف، كما دعت «إلى احترام السلطة الشرعية للبلاد ومساعدة الرئيس عبد ربه منصور هادي في جهوديه الرامية إلى رأب الصدع».
كما دعت السفارتان الأمريكية والبريطانية في صنعاء إلى وقف لإطلاق النار. وأوقعت المعارك 9 قتلى وعشرات الجرحى في المدينة التي سمع فيها إطلاق نار وانفجارات.
وقد أعلن المسلحون الحوثيون الشيعة السيطرة على تلة مطلة على القصر الرئاسي في صنعاء فيما تعرض موكب رئيس الوزراء اليمني لإطلاق نار.
وقال علي البخيتي المسؤول في ميليشيا المتمردين الحوثيين على صفحته على فيسبوك «في هذا الوقت، نحن نسيطر على جبل النهدين المطل على القصر الرئاسي ونسمح لحرس الرئاسة بمغادرة مواقعهم مع سلاح شخصي». وأعلنت وزيرة الإعلام ناديا السقاف أن موكب رئيس الوزراء خالد بحاح تعرض لإطلاق نار من ميليشيا الحوثيين «أنصار الله» بعد مشاركته في اجتماع مع الرئيس عبد ربه منصور هادي حول وسائل التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
وأوضحت السقاف من جهة أخرى، أن التلفزيون الرسمي ووكالة الأنباء اليمنية «سبأ» خرجا عن سيطرة سلطة الدولة. وأضافت أن عناصر الميليشيات الشيعية الذين يطلق عليهم أيضاً اسم الحوثيين، «يرفضون نشر أي إعلان للحكومة». وبذلك تسعى ميليشيا الحوثيين إلى تعزيز سلطتها في صنعاء التي دخلتها في 21 سبتمبر الماضي وهي تسيطر حتى الآن على القطاعات الرئيسة والمباني الرسمية. وتصاعد التوتر فجأة في صنعاء بعدما خطف عناصر الميليشيات الشيعية احمد عوض بن مبارك مدير مكتب الرئيس اليمني، وأحد مهندسي مشروع الدستور الجديد. وكان بن مبارك الذي أشرف على صياغة المشروع للقانون الجديد، قاد عملية الحوار الوطني التي بدأت بعد استقالة الرئيس السابق علي عبدالله صالح في فبراير 2012 بعد عام على الانتفاضة.
ويعارض عناصر الميليشيات الشيعية الذين تتنامى قوتهم باستمرار منذ دخولهم العاصمة، هذا المشروع الذي ينص على قيام يمن اتحادي يتألف من 6 محافظات. ويحرمهم تقسيم البلاد في الواقع من منفذ على البحر، وهذا أبرز ما يسعون إليه منذ غادروا معقلهم الجبلي في صعدة في الشمال للسيطرة على أجزاء واسعة من الأراضي اليمنية.
وفر سكان الاحياء القريبة من القصر الرئاسي الواقع جنوب صنعاء بأعداد كبيرة، لدى اندلاع المواجهات.
وبدت صنعاء مدينة مفقرة. ومنع الانتشار الكثيف لعناصر الميليشيات في المحاور الأساسية الموظفين والتلامذة من التوجه إلى مكاتبهم أو مدارسهم. ودعت وزيرة الإعلام سكان صنعاء إلى «ملازمة منازلهم» بسبب «الوضع المتوتر».
وسبق المواجهات وصول تعزيزات إلى عناصر الميليشيات إلى قطاع القصر الرئاسي. وكان الرئيس اليمني ترأس خلال الليل اجتماعاً استثنائياً لمجلس الدفاع الوطني شدد خلاله على «مسؤولية الجيش وقوات الأمن في بسط الأمن». واتهم أحد قادة الحوثيين الحرس الجمهوري بأنه «بدأ المناوشات». لكن مسؤولين في الأجهزة الأمنية اكدوا العكس، مشيرين الى ان المعارك اندلعت عندما اقام عناصر الميليشيات نقاط تفتيش قرب القصر الرئاسي. ويسود التوتر العاصمة منذ السبت الماضي لدى خطف بن مبارك الذي أعلن عناصر الميليشيات الشيعية مسؤوليتهم عنه. وقد أوقفت محافظة شبوة الجنوبية التي يتحدر منها بن مبارك انتاجها النفطي، كما ذكر مسؤول حكومي. وقال المحافظ أحمد علي بلحاج إن هذا القرار يهدف الى التعبير عن التضامن مع بن مبارك الذي يتحدر من شبوة.ويمثل هذا المسؤول الجنوب في الحوار الوطني الرامي إلى إعداد مشروع دستور جديد.
وتوقفت عمليات إنتاج الغاز في بلحاف الواقعة في محافظة شبوة. وتنتج الحقول النفطية الثلاثة 50 ألف برميل يومياً.
وفي محافظة حضرموت المجاورة، أوقف موظفو حقل المسيلة النفطي الإنتاج أيضاً تضامناً مع بن مبارك، كما ذكر مسؤول في القطاع النفطي.
وتؤدي هذه التطورات الى تعقيد مهمة الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي يواجه حتى الآن صعوبة في إرساء سلطته منذ دخل عناصر ميليشيا الحوثي صنعاء.