عواصم - (وكالات): سيطـــرت ميليشيات المتمردين الحوثيين الشيعة على مجمع القصر الرئاسي في صنعاء أمس وقامت بتطويق مقر سكن رئيس الدولة عبد ربه منصور هادي في حين اتهمتها وزيرة الإعلام بمحاولة انقلاب في البلد الغارق في الفوضى، فيما وردت أنباء حول تشكيل مجلس عسكري برئاسة وزير الدفاع اليمني اللواء محمود الصبيحي. وقال شهود إن المعارك بين الميليشيا الشيعية والقوات الحكومية مستمرة في صنعاء، وأسفرت عن مقتل شخصين من حرس الرئيس، حيث مايزال من الصعب معرفة مصير الرئيس اليمني. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بأن كي مون إلى وقف فوري للمعارك معرباً عن «قلقه العميق» للأزمة في اليمن في حين دان مجلس الأمن الدولي في جلسة مغلقة محاولة الانقلاب على الرئيس اليمني معلناً دعمه لهادي.
وطلبت بريطانيا انعقاد الجلسة غداة مواجهات بين الميليشيات الحوثية والقوات الحكومية في صنعاء. وفي وقت سابق تحدثت تقارير عن نجاة وزير الدفاع اليمني من محاولة اغتيال في مأرب. وأعلن مسؤول عسكري يمني رفيع أن ميليشيات الحوثيين سيطرت على مجمع القصر الرئاسي وقال إن ميليشيا الحوثيين «دخلت المجمع وتقوم بنهب الأسلحة من المستودعات».
كما أكد المسؤول الحوثي علي البخيتي أن ميليشيا «أنصار الله سيطرت على المجمع الرئاسي».
وتزامناً مع ذلك، دارت مواجهات عنيفة قرب مقر سكن الرئيس هادي في غرب صنعاء بين قوات حكومية وأنصار الله. وقتل جنديان من حرس هادي، وفقاً لمصادر طبية.
من جهتها، قالت وزيرة الإعلام ناديا السقاف على حسابها في «تويتر» إن الرئيس أصبح هدفاً لهجوم الميليشيا الشيعية التي «تريد قلب النظام». وأكد شهود أن المعارك قرب مقر هادي خفت حدتها بعد الظهر.
ودليل على استمرار التوتر، لايزال منزل رئيس الوزراء خالد بحاح مطوقاً من قبل عناصر ميليشيا الحوثيين، فيما أغلق مسلحون المحاور الرئيسة المؤدية إليه.
وتعرض موكب رئيس الوزراء لإطلاق نار فيما كانت معارك عنيفة جارية في محيط القصر الرئاسي جنوب صنعاء. وأعمال العنف هي الأخطر في العاصمة منذ 4 أشهر، أوقعت 11 قتيلاً في صفوف الحوثيين والعسكريين وكذلك 67 جريحاً بينهم مدنيون بحسب وزارة الصحة.
كما دفعت بعدة سفارات في صنعاء إلى إغلاق أبوابها. وأغلقت سفارة فرنسا أبوابها حتى إشعار آخر بسبب المواجهات في المدينة. وكانت سفارة هولندا مغلقة طوال نهار أمس وكذلك سفارة بريطانيا التي أغلقت لعدة ساعات أيضاً في ذروة المعارك. وموجة العنف الأخيرة ناجمة عن رفض الحوثيين المصادقة على مشروع دستور يحرمهم خصوصاً من منفذ على البحر.
ويبدو أن الحوثيين الذين يواصلون تعزيز قوتهم منذ دخولهم العاصمة في 21 سبتمبر الماضي، يستفيدون من دعم الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي لايزال يحظى بنفوذ كبير بفضل العلاقات التي نسجها في أوساط الجيش والقبائل على مدى رئاسته التي استمرت 33 عاماً. واندلعت المواجهات بعد يومين على خطف عناصر الميليشيات الشيعية أحمد عوض بن مبارك مدير مكتب الرئيس اليمني، وأحد مهندسي مشروع الدستور الجديد.
وكان بن مبارك الذي أشرف على صياغة هذا المشروع للقانون الجديد، قاد عملية الحوار الوطني التي بدأت بعد استقالة الرئيس السابق علي عبدالله صالح في فبراير 2012 بعد عام على الانتفاضة.
ويعارض عناصر الميليشيات الشيعية الذين تتنامى قوتهم باستمرار منذ دخولهم العاصمة، هذا المشروع الذي ينص على قيام دولة اتحادية من 6 أقاليم. ويحرمهم تقسيم البلاد في الواقع من منفذ على البحر، وهذا أبرز ما يسعون إليه منذ غادروا معقلهم الجبلي في صعدة في الشمال للسيطرة على أجزاء واسعة من الأراضي اليمنية.
وخلال المعارك قرب القصر الرئاسي استفاد عناصر الميليشيا الشيعية من دعم مباشر من القوات الموالية لصالح كما قال ضابط في الحرس الرئاسي. وقال الضابط رافضاً الكشف عن اسمه «لقد شهدنا عدة تشكيلات من جنود ومقاتلين يخرجون من منزل أحمد علي عبد الله صالح «نجل الرئيس السابق» لمساعدة المقاتلين الحوثيين». من جهته اتهم أحد سكان الحي بعض عناصر القوات الخاصة التي انتقلت أخيراً إلى قيادة ضباط حوثيين بـ «الخيانة».
وقال إن بعض عناصر هذه القوة لم يقاتلوا الحوثيين حين استولى هؤلاء على موقع استراتيجي في تلة مطلة على القصر الرئاسي. وأضاف «لقد رأينا المقاتلين الحوثيين ينتشرون على التلة بدون مقاومة من رجال القوات الخاصة».
وذكر مقاتلي حوثي عرف عن نفسه باسم أبو هاشم أن ميليشيته استولت على الموقع لمنع القوات الموالية للرئيس من «قصف المدنيين». وأضاف «لقد تضرر العديد من المنازل وكذلك أصيب مطعم بقذيفتي دبابة» مكرراً القول إن الحوثيين دخلوا صنعاء لحماية المدنيين ومحاربة الفساد. ورأت ابريل لونغلي الي الخبيرة في الشؤون اليمنية في مجموعة الأزمات الدولية أن «خطف بن مبارك رسالة موجهة إلى الرئيس هادي تشير إلى أن الحوثيين لن يعودوا عن رفضهم هيكلية اتحادية من 6 أقاليم».
وأضافت «لكن ذلك يأتي ضمن أساليب يستخدمها الحوثيون الذين يحددون مطالب وحين لا تتم تلبيتها يستخدمون العنف للوصول إلى غايتهم». من ناحية أخرى، قتل 5 جنود يمنيين وأصيب 7 في كمين نصبه مسلحون يشتبه في أنهم من تنظيم القاعدة لقافلة تضم قائد لواء في الجيش في محافظة حضرموت المضطربة جنوب شرق اليمن.