عواصم - (وكالات): يتركز التحقيق في اعتداءات باريس حول احتمال تواطؤ 4 رجال اعتقلوا في فرنسا، فيما اعتقل 5 روس من الشيشان جنوب البلاد للاشتباه بانهم كانوا يعدون لتنفيذ هجوم في فرنسا التي دافعت حكومتها عن قيم التسامح وحرية التعبير رداً على التظاهرات المناهضة للرسوم المسيئة للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
وبعد الاعتداء الذي نفذه الشقيقان شريف وسعيد كواشي في 7 يناير الجاري على صحيفة «شارلي ايبدو» في باريس وأسفر عن 12 قتيلاً بينهم 7 صحافيين، تواصلت التظاهرات ضد الرسوم المسيئة التي نشرتها الصحيفة وكانت أضخمها في الشيشان، بعد نهاية أسبوع شهدت أعمال عنف دامية في النيجر. وأعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند «إننا لا نهين أحداً عندما ندافع عن أفكارنا وعندما نؤكد حريتنا، بل على العكس، نحن نحترم كل الذين تتوجه أفكارنا إليهم لكي نتقاسمها». وأضاف أن «فرنسا لا تعطي دروسا لاي دولة لكنها ترفض عدم التسامح» مشيراً إلى أن «العلم الفرنسي هو على الدوام علم الحرية».
وفي وقت يتوقع أن يعرض وزير الداخلية برنار كازنوف سلسلة من «تدابير مكافحة الإرهاب» وعدت بها الحكومة، أحيل 4 رجال تتراوح أعمارهم بين 22 و28 عاماً إلى المحكمة تمهيداً لاحتمال توجيه التهمة رسمياً إليهم أمام قضاة تحقيق في قضايا الإرهاب.
والمشتبه بهم الأربعة هم من الأشخاص الـ 12 الذين تم توقيفهم في المنطقة الباريسية للاشتباه بتقديمهم دعما لوجستيا خاصة بالأسلحة والآليات لاحمدي كوليبالي أحد منفذي اعتداءات باريس التي أوقعت 17 قتيلاً.
وقام كوليبالي بقتل شرطية في مونروج بضاحية جنوب باريس في 8 يناير الجاري و4 يهود في اليوم التالي في هجوم على متجر يهودي قبل ان تقتله الشرطة. وستمنح الجنسية الفرنسية إلى الحسن باثيلي الموظف المالي المسلم في هذا المتجر الذي تحول الى بطل بعدما ساعد عدداً من الرهائن على الاختباء في غرفة التبريد، وقد تم على هذا الأساس النظر بشكل عاجل في طلب تجنيس كان قدمه منذ يوليو 2014 وهو مقيم في فرنسا منذ 2006.
ويتركز التحقيق منذ الاعتداءات على المساعدة المباشرة او غير المباشرة التي حصل عليها كوليبالي والشقيقان شريف وسعيد كواشي منفذي الاعتداء على شارلي ايبدو. وتدور التساؤلات حول الأشخاص الذين وفروا للمهاجمين الأسلحة وإلى أي مدى كانوا على علم بمخططاتهم.
وكان أحمدي كوليبالي يحمل عند مهاجمة المتجر اليهودي مسدسين من طراز توكاريف وبندقيتي كلاشنيكوف ومتفجرات كما عثر المحققون على ترسانة صغيرة من الأسلحة في موقع يشتبه بأنه كان «مخبأه» في جنتيي قرب باريس. ومن التساؤلات المطروحة أيضاً كيف وصل كوليبالي إلى المتجر اليهودي ومن نشر على الانترنت فيديو له بعد مقتله يتبنى فيها الهجومين باسم تنظيم الدولة الإسلامية.
وأبأن فاد مصدر في الشرطة بأن المحققين قاموا خلال الأيام الماضية بتعقب العديد من الأشخاص الذين تم رصدهم انطلاقاً من عناصر من الحمض الريبي النووي وعمليات تنصت على الاتصالات الهاتفية في محيط الشقيقين كواشي وخصوصا محيط كوليبالي. وسيعلن وزير الداخلية في ختام مجلس للوزراء عن مجموعة من التدابير تهدف بصورة خاصة إلى «تعزيز الوسائل والحماية» لقوات الشرطة والدرك وكذلك لاجهزة الاستخبارات الفرنسية في وقت توجه اصابع الاتهام الى «ثغرات» في مراقبة الجهاديين. من جهته، صرح رئيس الوزراء الاشتراكي الفرنسي مانويل فالس ان فرنسا تعاني من «فصل عنصري مناطقي واجتماعي وعرقي»، متحدثاً عن «العلل» التي تعاني منها البلاد التي طالتها هجمات جهاديين فرنسيين.
في غضون ذلك، اعتقل 5 روس من الشيشان جنوب فرنسا للاشتباه بانهم كانوا يعدون لتنفيذ هجوم في فرنسا، بحسب ما افاد مدعون محليون. واعتقل الخمسة في بلدة بيزييه قرب ساحل المتوسط على بعد نحو 70 كلم عن مونبيلييه.
في الوقت ذاته، تظاهر اكثر من الف مسلم في بشكيك، عاصمة قرغيزستان، احتجاجا على الرسوم المسيئة للرسول. وفي جاكرتا، دعا اكثر من 100 اسلامي تجمعوا امام السفارة الفرنسية في جاكرتا احتجاجا على الرسوم المسيئة، الى «طرد الفرنسيين» من اندونيسيا. وفي بلغاريا، أصدرت محكمة قراراً بترحيل مواطن فرنسي أقر بأنه يعرف منفذي الهجوم على صحيفة شارلي ايبدو لكنه نفى أن يكون متطرفاً، وذلك بعد إصدار مذكرة اعتقال بحقه في فرنسا.
واعتقل فرتز جولي يواكين الذي اعتنق الإسلام، بداية الشهر الجاري أثناء محاولته العبور من بلغاريا إلى تركيا. وقال أمام المحكمة في هاسكوفو جنوب بلغاريا «أنا بريء. أريد أن أعود إلى فرنسا». واعترف يواكين، وهو من هاييتي أصلاً، إنه «صديق قديم» للأخوين كواشي اللذين هاجما الصحيفة الفرنسية. وقال الأسبوع الماضي إنه كان يشاركهما لعب كرة القدم وكانت له بهما «علاقة عمل» تتعلق ببيع الملابس، إلا أنه نفى معرفته بنيتهما شن الهجوم.
وبحسب مذكرة الاعتقال التي أصدرتها السلطات الفرنسية، فقد سافر يواكين بالحافلة مع 3 أشخاص آخرين كانوا على معرفة بالاخوين كواشي عند اعتقاله. وسمح لهم بمواصلة السفر إلى تركيا.
واعتقل احدهم وهو شيخو دياخابي في تركيا بموجب مذكرة اعتقال فرنسية وسيتم ترحيله إلى فرنسا «خلال أيام قليلة». واعتقل دياخابي بينما كان يقاتل ضد القوات الامريكية في العراق في 2004 وامضى 7 سنوات في السجن هناك قبل ترحيله الى فرنسا في 2011. وفي اليونان، اعلن مصدر قضائي ان السلطات ستسلم بروكسل الجزائري الذي اوقفته في اثينا ويشتبه بانه على علاقة بخلية جهادية تم تفكيكها في بلجيكا الاسبوع الماضي.
وقال المصدر إن تسليم المشتبه به سيتم في موعد اقصاه اليوم. وأكد المصدر أن المشتبه به البالغ من العمر 33 عاماً قال عند مثوله امام نائب محكمة الاستئناف في اثينا انه يريد ان يتم تسليمه الى بلجيكا ليتمكن من «اثبات براءته» في هذه القضية، موضحا ان المحكمة طلبت تسليمه «لانتمائه إلى منظمة إرهابية».وفي جنيف، ذكرت صحيفة «لا تريبون» الصادرة في جنيف ان تونسيا من التيار المتشدد وتعتبره اجهزة الاستخبارات السويسرية «خطراً على الأمن الداخلي»، ينتظر ترحيله.
وأضافت أن الرجل الذي اعتقل خلال التدقيق في بطاقات القطار في مدينة فريبور، ويقيم في جنيف، موجود في الوقت الراهن في سجن شان دولون تمهيداً لإعادته إلى تونس «وسط تدابير أمنية مشددة».