ملبورن - (أ ف ب): بنى جوني وارن نهضة الكرة الأسترالية واقتحم بنشاطه وبصيرته الملاعب وعالمي الإعلام والإدارة قبل أن يرحل فاتحاً باب بزوغ نجم كرة الـ«سوكيروس» عالمياً.
يقول راي بارتز المهاجم الدولي السابق لموقع الاتحاد الدولي لكرة القدم: «من المخيب أن جوني ليس هنا لرؤية تطور اللعبة والآفاق التي وصل إليها مؤخراً. كان لجوني البصيرة لتصور الإمكانات الحقيقية اللعبة. دفع جوني بها بكل قوته، اعتقدنا أنه كان يمازح نفسه لكن كنا على خطأ».
يقدم منتخب أستراليا أداءً جميلاً في كأس آسيا الراهنة ففاز على الكويت 4-1 افتتاحاً وتخطى عمان بسهولة 4-0 قبل أن يعود إلى أرض الواقع أمام كوريا الجنوبية «0-1» بيد أنه لايزال من بين المرشحين لنيل اللقب الآسيوي للمرة الأولى في تاريخه.
دافع جوني وارن عن الكرة الأسترالية لعقود طويلة، فكان صورتها العامة وصوتها الصارخ. كشف وارن قبل وفاته المبكرة عام 2004: «عندما أصبح في ملعب كرة القدم الكبير في السماء، أريد من الناس فقط التذكر أني قلت لكم ذلك». كان يلمح قائد الفريق الأصفر إلى نهضة عملاق كرة القدم الأسترالية النائم.
بعمر الحادية والستين غادر الزعيم الروحي للعبة قبل أوانه. وفي مفارقة محزنة عرفت الكرة الأسترالية تقدما في العقد الاخير يضاهي العقود الأربعة التي سبقته عندما عمل وارن بلا كلل لتسويق لعبته المفضلة في أرض لم تعترف بها كرياضة مفضلة في ظل انتشار رياضات كرة القدم الاسترالية والكريكيت والركبي. قال وارن مرة عن عمل حياته: «أنا مبشر لكرة القدم الأسترالية».
بعد سنة ويوم من جنازته، أنهت أستراليا صياماً دام 32 عاماً لم تشارك فيه بكأس العالم، بركلات ترجيحية أمام الأوروغواي في ملحق دولي طاحن. فجأة تحولت سنوات الفشل الطويلة إلى نجاح باهر في أستراليا. أصبحت جملة «اني قلت لكم» تعويذة وزينت اللافتات والقمصان في تلك الليلة ضد الأوروغواي، ثم في العام التالي في ألمانيا خلال كأس العالم 2006.
انطلق دوري المحترفين وتم الانتقال إلى كنف الاتحاد الآسيوي بعد أشهر قليلة، فجأة تغيرت الأمور وتحولت الكرة الأسترالية، وها هو نادي ويسترن سيدني واندررز يتوج بلقب دوري أبطال آسيا الموسم الماضي. لباس الفريق الأحمر والأسود على غرار فلامنغو البرازيلي كان سيعجب وارن وحسه الفكاهي المميز.
حمل وارن ألوان أستراليا في تصفيات كأس العالم 1970 و1974 وفي المحاولة الثانية نجح مع مجموعة من الهواة في بلوغ النهائيات العالمية. كان شخصاً ملهماً داخل وخارج أرض الملعب وصاحب وجهة نظر قيادية وكروية.
كان وارن لسنوات الرقم واحد في عبور الوعي السائد لأمة مهتمة برياضات أخرى والمتحدث باسم اللعبة، فقد قبل هذا الدور بسعادة مع عاطفة ونشاط دؤوبين، وبسبب تفانيه كان الأسترالي الوحيد ينال استحقاق الاتحاد الدولي المئوي عام 2004.
زاول وارن مهنة ناجحة في التلفزيون فكان الخيار الأول عندما كانت وسائل الإعلام ترغب بتحليلات نادرة. ارتدى وارن حب اللعبة، فانهمرت دموعه على القناة الوطنية عام 1997 بعد فشل التأهل أمام إيران في الأمتار الأخيرة من تصفيات كأس العالم.
عبر اسم وارن الحدود مثل عدد قليل من مواطنيه. كان يعتبر البرازيلي بيليه والانجليزي بوبي تشارلتون أصدقاء شخصيين له. في سنواته الأخيرة طور وارن شغفه للبرازيل كبلد ومصدر للعب الجميل «جوغو بونيتو».
لا يزال تأثير وارن محسوساً حتى الآن في مجتمع الكرة الأسترالية حيث يحظى بمكانة البطل. يصف عدد لا يحصى من النجوم الحاليين والسابقين للمنتخب، وارن كبطل وملهم كروي لهم.
إرث وارن تم الحفاظ عليه أيضاً من خلال مؤسسة جوني وارن لكرة القدم، وهي تواصل ما قام به جوني في حياته أي تسويق كرة القدم وثقافتها في أستراليا.
يعيش إرث وارن على حقيقة أن كرة القدم الأسترالية تتطور بإيقاع كان يحلم به.