كتب - جعفر الديري:
تعتبر المراسلات بين الأديبين إبراهيم العريض وعلي التاجر، في الفترة من العام 1938 إلى العام 1939، بداية حركة النقد الأدبي في البحرين، كما يشير إلى ذلك الباحث الفذ د.منصور سرحان، في كتابه «النقد الأدبي في البحرين خلال القرن العشرين».
ويعد ذلك جانباً مضيئاً في مسيرة أحد أعظم الشعراء في البحرين، وأحد قادة الحركة الأدبية البحرينية في القرن العشرين، المرحوم إبراهيم عبد الحسين العريض، المولود في 8 مارس 1908 في مومباي، الهند، والمتوفى في 1 مايو 2002 في المنامة.
قدم العريض تجربة شعرية غنية، حظيت بتقريض العديد من الأدباء العرب، واهتمام النقاد والباحثين، أهلته لأن يحوز على كثير من الأوسمة، ففي العام 1974 منحه الأمير الراحل المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة وسام الكفاءة من الدرجة الأولى، وفي سبتمبر قلّده حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وسام الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة من الدرجة الأولى تقديراً لجهوده المتميزة في مجال الثقافة والأدب ودوره إبّان عمله سفيراً في وزارة الخارجية وقد اختير من بين رواد الفكر العربي ليكرم من قبل دار سعاد الصباح للنشر.
وبعد وفاته أمر العاهل بإطلاق اسمه على أحد الشوارع المهمة في البحرين والذي يقع مقابل مرفأ البحرين المالي. وفي العام 2006 تحول بيته القديم في القضيبية في العاصمة المنامة إلى مركز ثقافي باسم بيت إبراهيم العريض وهو مفتوح للسياح وكمكان اجتماع للشعراء. وفي العام 2008 أقامت اليونسكو معرضاً تكريماً للعريض في مقرها بباريس عاصمة فرنسا.
من مؤلفات العريض: الذكرى – 1931، وامعتصماه – 1934، العرائس، أرض الشهداء (طبعة2) الشركة العربية للوكالات والتوزيع- البحرين 1982، رباعيات الخيام - (طبعة 1) دار العلم للملايين- بيروت-1966، قبلتان -(طبعة2) الشركة العربية للوكالات والتوزيع- البحرين- 1972، شموع - الشركة العربية للوكالات والتوزيع – البحرين، المختار من الشعر العربي الحديث – بيروت، ديوان العريض - مطبعة حكومة الكويت –1979، مذكرات شاعر- مطبعة وزارة الإعلام – 1982.
وقال الشاعر المصري أحمد زكي أبو شادي رائد مدرسة «أبوللو» في حق العريض: «منصف العربية وطاقتها الحضارية، كما ينصف عصره ونفسه.. وهو واحد من كثيرين يكاد كل منهم بتنوعه واستقلاله يكون مدرسة خاصة به».
وكتب له الشاعر القروي: «ولكم أنا معجبٌ بأناملك الصنّاع تنسجُ هذا المطرف الفضفاض من سبعة خيوطٍ من الشعر».
كما كتب له ميخائيل نعيمة: «أنت تأخذ بيد القارئ برفق لتسير به في شعاب يطّل منها على مواطن الجمال في الشعر، وأنعم بكَ من رفيق ودليل، ولولا أنك اهتديتَ إلى مواطن الفتنة في الشعر من زمان لما كنتَ ذلك الرفيق الأنيس والدليل الأمين».
ورأى أستاذ مادة الألسنية في الجامعة اللبنانية الأكاديمي بلال عبد الهادي: أن إبراهيم العريض يمثل التراث البحريني الشعري، فقد عاش، تقريباً، قرناً من العطاء الشعري والنقدي، وكانت ثقافته العميقة مؤثرة في بنية قصيدته، كما كانت ترفد نظرته النقدية برؤية تشمل العربي كما الغربي.
أما العالم والناقد التونسي عبد السلام مسدي، فكتب عن كتاب العريض (فن المتنبي بعد ألف عام): «كتاب إبراهيم العريض عن المتنبي حديقة من النقد الأدبي سياجها التاريخ وأرضها تربة فنية زرعت إرهاصات من الحداثة كأوضح ما تكون الانباءات، وهو كتاب ألف في مطلع العقد السادس ليقرأ بعد أن يكون الوعي العربي قد استوعب الغزارة الفكرية التي زودت بها المناهج الحديثة العملية النقدية».