كتب - جعفر الديري:
تتشابه صورة المرأة البحرينية في الأمثال الشعبية، مع مثيلاتها في دول الخليج والعالم العربي. فهي من ناحية تعظم المرأة وترفع قدرها، مقابل أمثال أخرى تكرس من دونية المرأة وتقلل من شأنها!.
الأمثال الشعبية المرتبطة بالمرأة، تتصف بالاختلاف والتعدد إلى مستوى يصعب معه إيجاد رابط يجمع بينها، كما يشير إلى ذلك الباحث فوزي بوخريص، في دراسته «صورة المرأة في الأمثال الشعبية»، فبقدر ما نجد أمثالاً تمجد المرأة وترفع من شأنها، بقدر ما نجد أمثالاً أخرى تحط من مكانتها وتقلل من قيمتها، حتى إننا قد نصادف أحياناً تعايش التناقض في المثل الواحد. وتعكس هذه الأمثال النظرة المتناقضة التي يحملها المجتمع تجاه المرأة، فهي موضوع للرغبة وموضوع للرهبة في الآن نفسه.
يؤكد بوخريص «حقيقة سبق أن انتهت إليها الكثير من الدراسات التي خاضت في موضوع «صورة المرأة في الأمثال الشعبية»، وهي أنه «حتى ولو كانت هناك أمثال تقدم صورة إيجابية عن المرأة، فهي تظل مع ذلك محدودة العدد مقارنة مع غالبية الأمثال التي ترسم صورة سلبية للمرأة، وهذه الحقيقة ليست خاصة بالثقافة العربية، بل تكاد تكون كونية، وتكاد تكون تاريخية». كما أن هذه الأمثال الشعبية «عندما تتحدث عن دونية المرأة فهي تعكسها بكل أبعادها»، حيث ترسم صورة سلبية للمرأة، لا تكاد تفارقها، عبر مراحل عمرها، ومن خلال أوضاعها وأدوارها الاجتماعية المختلفة (بنت، زوجة، أم، مطلقة...)، حتى إنها تشكل ما يشبه «طبيعة ثانية» للمرأة. وبالنظر إلى أن الأمثال الشعبية لها وظائف مختلفة داخل المجتمع، فإن أهم هذه الوظائف وأخطرها وظيفة التنشئة الاجتماعية القائمة على التمييز بين المرأة والرجل، وعلى تكريس هيمنة الرجل على المرأة، والتي تلعب فيها المرأة دوراً كبيراً.
ويرى بوخريص أن هناك خطابات أخرى تساهم بدورها في تعميق وتكريس هذه الصورة السلبية عن المرأة، لعل أبرزها الخطاب المدرسي (سواء على مستوى الكتاب المدرسي أو على مستوى تصورات هيئة التدريس والتلاميذ) والخطاب الإعلامي، ولاسيما الخطاب الإشهاري. وليس غريباً إذن في ظل هذه الخطابات أن تترسخ في الأذهان الصورة التقليدية للمرأة كأم وربة بيت وجسد. رغم التغيرات التي شهدتها وضعيتها على مستوى الواقع: استفادة المرأة المتزايدة من التربية والتكوين، واقتحامها لسوق العمل بكثافة، واستثمارها التدريجي للفضاءات العمومية.
أما الباحثة داليا جمال طاهر، وعند تناولها الأمثال الشعبية العربية بالدراسة، وجدت أن هذه الأمثال تتعرض للمرأة ومكانتها تعرضاً كبيراً، مشيرة إلى اختلاف الأمثال الشعبية العربية في تناولها لقضايا المرأة، حتى نجد أن هذا التناول يصل إلى درجة عالية من التناقض والتطرف أيضاً. فهناك أمثال شعبية عربية عظمت من مكانة المرأة ورفعت قدرها وجعلتها صاحبة الدور الأساسي في تكوين الأمم العظيمة. وهناك أيضاً مجموعة كبيرة من الأمثال الشعبية التي تكرس من دونية المرأة وتقلل من شأنها بناءً على الثقافة السائدة في المجتمعات العربية والتي تعلي من قيمة الرجل وتميز بينه وبين المرأة، رغم أن هذا الاعتقاد يخالف ما نادت به الشريعة الإسلامية التي كرمت المرأة منذ بداية الإسلام.