عواصم - (وكالات): قال مصدر رئاسي يمني لقناة «الجزيرة» القطرية إن «الرئيس عبد ربه منصور هادي قدم استقالته من منصبه إلى هيئة رئاسة مجلس النواب»، مضيفاً أن «هادي أكد في كتاب استقالته أنه «لم يعد قادراً على تحمل تحقيق الهدف الذي تحملنا في سبيل الوصول إليه كثيراً من المعاناة، وأقدم اعتذاري للشعب بعد أن وصلت الأمور إلى طريق مسدود، خاصة وأننا عانينا من الخذلان من فرقاء العمل السياسي للخروج بالبلاد إلى بر الأمان»». وأشار هادي في استقالته إلى أن «أحداث 21 سبتمبر أثرت على سير العملية الانتقالية».
وأتت استقالة هادي بعد دقائق من استقالة رئيس الوزراء خالد بحاح، الذي أكد أنه «لا يريد أن ينجر إلى متاهة السياسة غير البناءة». وجاء الخطاب الموجه من بحاح إلى هادي بعد أقل من 24 ساعة من إبداء هادي استعداده لقبول مطالب ميليشيات المتمردين الحوثيين الشيعة للعب دور أكبر في الترتيبات الدستورية والسياسية في البلاد. وطبقاً لموقع بحاح على «فيسبوك» جاء في خطاب الاستقالة «إننا ننأى بأنفسنا أن ننجر إلى متاهة السياسة غير البناءة والتي لا تستند إلى قانون أو نظام».
وقال مصدر مقرب من هادي إن الرئيس عزا السبب الرئيس لاستقالته من منصبه إلى استيلاء المقاتلين الحوثيين على العاصمة صنعاء، وفرض شروطها على حكومته، وضغوط الحوثيين عليه لإصدار قرارات جمهورية تصب في صالحهم بينها تعيين نائب رئيس منهم. وذكر تلفزيون العربية في وقت سابق أن البرلمان اليمني رفض استقالة هادي، مضيفاً أن البرلمان سيعقد جلسة طارئة اليوم. في المقابل، أعلن القيادي الحوثي، علي الحوثي أن «الحوثيين بصدد تشكيل مجلس رئاسي ولا يعترفون بشرعية البرلمان»، فيما قال القيادي الحوثي أبو مالك يوسف الفيشي إنه يرحب باستقالة هادي. وأضاف على موقع «تويتر» «استقالته فرج كبير للشعب، واقترح تشكيل مجلس رئاسي من المكونات الثورية والسياسية الشريفة ويمثل فيه الجيش والأمن واللجان الشعبية ليشترك الكل في إدارة بقية المرحلة الانتقالية».
ومازالت ميليشيات المتمردين الحوثيين الشيعة تنتشر في كل أنحاء صنعاء على رغم التزامهم بالانسحاب من القطاعات الرئيسة في مقابل تنازلات سياسية من جانب هادي. وعلى رغم أن اتفاق الخروج من الأزمة الذي تم التوصل إليه مساء أمس الأول ينص على تطبيقه فوراً، مازالت ميليشيا الحوثي تحاصر العاصمة.
ومازال التوتر واضحاً في عدد كبير من الأحياء، لكن المتاجر فتحت أبوابها بعد معارك بداية الأسبوع.
وشمال المدينة، تظاهر مئات الأشخاص أمام جامعة صنعاء، رافعين شعار «لا للانقلابات». واحتشد آخرون بالقرب من مقر إقامة الرئيس عبد ربه منصور هادي للتعبير عن تضامنهم معه.
وقد استولت الميليشيا الشيعية التي دخلت صنعاء في 21 سبتمبر الماضي، على القطاعات الأساسية في العاصمة، وأحكم عناصرها الطوق حول الرئيس عبد ربه منصور هادي بعد معارك مع قوات حكومية أسفرت عن 35 قتيلاً و94 جريحاً. ويفيد اتفاق النقاط التسع الذي أعلن مساء أمس الأول، بأن عناصر الميليشيات تعهدوا بالانسحاب من القصر الرئاسي الذي اقتحموه، وكذلك من «كل المواقع التي تشرف على مقر إقامة الرئيس».
ووعد الحوثيون أيضاً بالانسحاب من منطقة سكن رئيس الوزراء خالد بحاح وسط المدينة، وبالإفراج عن مدير مكتب الرئيس أحمد عوض بن مبارك الذي خطف السبت الماضي.
لكن مسؤولاً في الرئاسة قال إن بن مبارك «لم يفرج عنه بعد». وفي مقابل هذه الالتزامات، قدم الرئيس اليمني تنازلات مهمة، وقال بعض الخبراء إن الرئيس قدم تنازلات «تحت التهديد». وسيكون ممكناً «إدخال تعديلات» على مشروع الدستور الذي كان ينص حتى الآن على صيغة فيدرالية تتضمن ستة أقاليم يرفضها الحوثيون.
كذلك بات يحق للحوثيين والحراك الجنوبي والفصائل السياسية الأخرى «تعيينهم في مؤسسات الدولة».
وقال عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثيين محمد البخيتي إن بيان هادي الذي سعى من خلاله لنزع فتيل الأزمة السياسية في البلاد مقبول لأنه يؤكد بنود اتفاق اقتسام السلطة المبرم في سبتمبر الماضي.
واعتبرت الولايات المتحدة، حليفة صنعاء أن الرئيس اليمني أرغم على الموافقة على «معظم مطالب» الحوثيين.
وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن عناصر الميليشيات يعتبرون عبد ربه منصور هادي رئيساً لليمن.
وتعتبر واشنطن حكومة صنعاء حليفاً استراتيجياً في التصدي لتنظيم القاعدة. وتقدم لها الولايات المتحدة مساعدة عسكرية وتستخدم طائرات من دون طيار لتوجيه ضربات إلى مسؤولي القاعدة. وذكر مندوب للأمم المتحدة أن الأمم المتحدة لم تشارك في المفاوضات التي أفضت إلى اتفاق بين الرئيس اليمني والحوثيين. إلا أن مبعوث الأمم المتحدة جمال بن عمر سيرأس اجتماعاً لأبرز الفصائل السياسية اليمنية، كما ذكر مكتبه في صنعاء.
من ناحية أخرى، قال مسؤولون إن السلطات جنوب اليمن أعادت فتح مطار وميناء عدن بعد أن قبل هادي بعض شروط الحوثيين.
وفي مناخ الأزمة الشاملة، يمكن أن تؤدي بؤرة توتر أخرى إلى موجة جديدة من أعمال العنف.
فقد قتل مسلحان ينتميان إلى القبائل السنية في محافظة مأرب شرق صنعاء، في كمين نصبه عناصر ميليشيات شيعية، كما أكد مصدر قبلي، مشيراً إلى سقوط عدد غير محدد من القتلى بين الحوثيين.
وكان زعيم الميليشيا الشيعية عبد الملك الحوثي، هدد بالاستيلاء على المحافظة الغنية بالنفط والغاز الطبيعي، والتي يطمع بها أنصاره منذ سيطرتهم على العاصمة في سبتمبر الماضي.
لكن القبائل السنية في هذه المنطقة التي ينتشر فيها تنظيم القاعدة أيضاً، تؤكد باستمرار أنها ستتصدى لهم بالقوة.
وأرسلت قبائل سنية أخرى في مناطق أخرى من اليمن تعزيزات إلى مأرب التي طرح وضعها الأمني في الاتفاق المعقود مساء الأربعاء الماضي والذي ينص على تدابير أمنية لخفض حدة التوتر فيها.